علاج المرض العقلي بالفنّ


مثل كثير من الدول التي لا تتخذ النموذج الحقوقي لمقاربة قضية الأشخاص ذوي الإعاقة، فإنّ المرضى العقليين في إندونيسيا يعانون كثيراً من العزل وسوء الفهم، وغيرها من الأمور التي تدخل في باب التقاليد الغارقة في التخلف، ما يضع عليهم قيوداً ثقيلة بحسب موقع “كي بي آر” المهتم بأخبار جنوب شرق آسيا.

لكن، مع الدعم المناسب خصوصاً من الأهل، وتأمين الدواء، يجد هؤلاء المرضى فرصة لحياة منتجة ومستقلة وسعيدة. أما بالنسبة لدوينادا آغونغ كريستانتو فإنّ شيئاً آخر يمنحه الراحة، هو الرسم. هذا الفنّ الذي لجأ إليه للعلاج من انفصام الشخصية.

في بيته في شرق العاصمة جاكرتا المؤلف من طابقين، تحمل الجدران لوحات من أعماله الفنية. معظمها لوحات تجريدية. في غرفة المعيشة لوحة بعنوان نافذة. تصوّر هذه اللوحة سلّماً حجرياً في نهايته باب ونافذة عليها زجاجة ماء. يقول دوينادا: “هذه اللوحة جزء من تجربتي مع مرض انفصام الشخصية فقد قال لي الطبيب، إنّني يجب أن أجالد وأصبر طوال الطريق إلى باب الشفاء، وخلال هذه الفترة عليّ أن أتناول كثيراً من الماء للتخلص من آثار العقاقير الطبية في جسمي، قبل الوصول إلى ماء الحياة الحقيقي بعد فتح الباب، حيث أتخلص من الإدمان والمرض معاً”.

شخّصت حالة دوينادا مع مرض انفصام الشخصية، وهو اضطراب ذهني حاد يدفع المريض إلى الهلوسة والقلق ما يبدّل في سلوكياته، قبل عشر سنوات، وهو اليوم في الثالثة والثلاثين من عمره.

في إندونيسيا يعالَج المرض العقلي غالباً عن طريق الخرافات والسحر الأسود. يعتقد الأهالي أنّ الشخص المريض إنّما هو ممسوس من الجنّ أو الأرواح الشريرة.

بذلك، تردد أهل دوينادا قبل استشارة طبيب، لكنّهم كانوا أفضل من غيرهم وتوصّلوا إلى نتيجة أنّ من الأفضل استشارة متخصص في الأمراض العصبية والعقلية. بالفعل، شخّص الطبيب مرضه وبدأت رحلة العلاج بالإبر والعقاقير والجلسات المتنوعة. لكنّه بدّل طريقة علاجه باتجاه الورش الفنية، خصوصاً مع ضمّ دوينادا إلى مجموعة مرضى آخرين. وبالفعل، أظهر تحسناً إن على صعيد المرض مع ميله أكثر إلى الحوار مع الآخرين بالإضافة إلى تدني عدد النوبات لديه وحدّتها، أو على صعيد الرسم الذي بدأه بشخبطة على الورق لا أكثر ليتحول بعد سنوات إلى فنان حقيقي.

يحتفظ دوينادا بمئات من لوحاته في المنزل. هو اليوم بمساعدة عائلته وبمواظبته على الأدوية وعلى العلاج الفني، يحاول أن يستعيد حياته الطبيعية كأيّ شخص آخر، حتى أنّه يخطط لمعرض للوحاته في العاصمة هذا العام. يقول عنها: “هذه اللوحات أنقذت حياتي”.



صدى الشام