من داخل إحدى مؤسسات إيران لنشر التشيع بدمشق.. هكذا تطبق طهران أخطر مشاريعها في سوريا


علي الأمين - خاص السورية نت

يعتقد سكان مدينة دمشق أن أخطر ما يغير مدينتهم على وجه الخصوص، النشاط الإيراني المتزايد في نشر التشيُع بطرق مختلفة، وتستغل طهران ضعف نظام الأسد لمواصلة فرض أجندتها الفكرية كثمن على مساندة الأسد من أجل بقائه في السلطة.

وتعتمد إيران حالياً على نشر التشيع من خلال مؤسسات تعليمية منتشرة في دمشق، أهمها "معهد رقية" الذي يعد جزءاً من معهد "الشام الإسلامي"، الذي تأسس بمرسوم من قبل الأسد حمل الرقم 48 في العام 2011.

ونص المرسوم على إحداث معهد الشام العالي للعلوم الشرعية واللغة العربية والدراسات والبحوث الإسلامية، وهو مرتبط بوزير الأوقاف ومقره مدينة دمشق.

ويتضمن معد "الشام الإسلامي"، كل من "معهد الفتح، ومجمع أحمد كفتارو، ومعهد السيدة رقية"، والذي يعتبر الجناح الشيعي من "معهد الشام".

وحينما أسس الشيخ الراحل محمد صالح الفرفور منذ 55 عاماً، معهد "الفتح الإسلامي"، كان يتمنى أن تعترف الحكومة في معهده لكنه لم يستطيع ذلك في عهد الأسد الأب، رغم المحاولات العديدة.

ومع بداية عهد الأسد الابن لم يتم الاعتراف به إلا في العام 2011. وعلى النهج نفسه سار مجمع الشيخ أحمد كفتارو، حيث بقي يصارع 40 عاماً حتى اعترفت به الحكومة في 2011.

ولم يكن هذا الاعتراف سوى بفضل معهد السيدة رقية للدراسات الإسلامية، والذي شهد دعماً من إيران وميليشيا "حزب الله" وبعض الكتائب العراقية، إضافة لتجار شيعة في دمشق، بحسب ما أكد أحد المدرسين في المعهد في تصريح خاص لـ"السورية نت".

الأغلبية شيعية

وبيّنت إحدى المدرسات في معهد السيدة رقية أن طرق الاستقطاب في المعهد مختلفة، حيث يقبل المعهد مدرسين وطلاباً من طوائف متعددة ويقدم لهم العديد من المزايا التفضيلية.

أما الدراسات الإسلامية على المذهب الجعفري، فهي محصورة فقط بالشيعة. ووفقاً لما قالته المدرسة - التي طلبت عدم نشر اسمها - في تصريح لـ"السورية نت": "لا يحاول المعهد بحسب المدرسة أن يستقطب الناس للتشيع بشكل مباشر، لكنه يحرص على التعامل الإيجابي مع الطلاب والأساتذة أكثر من باقي المعاهد الإسلامية في سوريا، وهذا مخطط له من قبل القائمين عليه".

الدراسة في المعهد

تبلغ مدة الدراسة في المعهد 4 أعوام، ويضم عدة كليات وأقسام، أشهرها كلية الإعلام، والتربية، واللغة العربية، والتاريخ، وقسم الدراسات الإسلامية والدعوية من خلال المذهب الجعفري، وأصول الدين الشيعي.

ويتجاوز عدد طلاب العهد 5 آلاف طالب، وينتمون إلى الجنسيات الإيرانية والعراقية واللبنانية والبحرينية واليمنية والباكستانية والأفغانية.

وبحسب مصادر تحدثت لـ"السورية نت" من داخل المعهد، فإن "العديد من طلابه يشاركون في القتال مع كتائب شيعية منها حزب الله اللبناني، وعصائب أهل الحق العراقية، وكتائب أبو الفضل العباس، وآخرين غيرهم".

وبحسب المصادر يمنح هؤلاء ميزات منها التسجيل المجاني وتأمين السكن، ورواتب شهرية كونهم يساهمون في نشر هذا الفكر، بهدف تأهليهم كسفراء لنشر الفكر الشيعي، ودعم سلطة إيران وأخواتها في المنطقة. كما يقدم معهد رقي لهؤلاء الطلاب منحاً مجانية للدراسات العليا في إيران والعراق.

ويرى محمد علي، وهو أحد المدرسين في جامعة دمشق، هذا النوع من التشيع أنه الأكثر تأثيراً، خاصة أن بذوره تغرس على المدى الطويل ويستخدم وسائل علمية لتحقيق ذلك، وقال في تصريح لـ"السورية نت": "الأخطر من ذلك أنه يستعين بأذرع سنية مناصرة له من خلال بعض المدرسين في المعهد برواتب جيدة، وبالتالي هو يستطيع بناء صورة ذهنية جيدة في المجتمعات التي لا تؤمن بهذا الفكر".

ويتحقق ذلك من خلال دعم غير محدود لمعهد السيدة رقية والمؤسسات التابعة له في المحافظات من خلال تعليم يتفوق على التعليم في مؤسسات نظام الأسد.

أذرع لا يخفيها الواقع

ويعتبر المعهد جزءاً من أذرع التشيع التي تعتمدها إيران في سوريا ودمشق بشكل خاص، ويستغل المعهد تدهور الأوضاع المالية لكثير من العائلات بعد مرور 6 سنوات على ظروف اقتصادية في تراجع مستمر.

ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "السورية نت"، فإن المعهد يعمل على تشييع الكثير من الأسر الفقيرة بالمال، أو عن طريق القتال مع الكتائب الشيعية، أو بواسطة التعليم وتقديم ميزات تفضيلية وبعثات تعليمية للطلاب.

ويبدو أن لدى المعهد برنامجاً للتوسع في بقية المحافظات السورية، قبل نحو 4 أشهر افتتحت مديرية التربية في اللاذقية وبدعم من رامي مخلوف مدرسة ثانوية شرعية "شيعية" للبنين والبنات في ناحية "البهلولية"، وأُقرت المناهج فيها على مذهب الإمام جعفر الصادق.

وأعلنت مديرية التربية، حينها أنه سيسمح لخريجيها بالتسجيل في الجامعات السورية أسوة بالشهادتين العلمية والأدبية.

وكان نظام الأسد قد سهّل لرجال دين إيرانيين وعراقيين ولبنانيين الدخول إلى سوريا، وشجعهم في عمليات التشيع في عديد المناطق السورية، وسهل لهم افتتاح لهم مدارس ومراكز ثقافية وحسنيات.

ويشار إلى أن إيران زادت في السنوات الخمس الأخيرة من حسينياتها ونشاطها التشيعي في سوريا، وكان لعائلة الأسد خلال فترة حكم الأب والابن دور كبير في مساعدة إيران على نشر أفكارهاز

وساد اختلاف بسيط بين طريقة تعامل حافظ الأسد مع النشاط التشيعي الإيراني عن ابنه بشار، ففي عهد حافظ سمح الأخير للإيرانيين الشيعة بالاستيلاء واحتكار مقامات دينية هي لعامة المسلمين مثل مقامات السيدة زينب والسيدة رقية وعمار بن ياسر، وأخضع الأسد الأب تلك المؤسسات الشيعية للرقابة الدائمة.

لكن في عهد بشار فإن الأخير سمح بتحويل التشيع من تشيع ديني إلى تشيع سياسي وبدعم حكومي وأمني، حتى باتت الحوزات التعليمية والمؤسسات الدينية الشيعية كالحسينيات والمساجد الشيعية تنتشر بشكل كبير.




المصدر