"مسلخ صيدنايا" في عيون أهالي المعتقلين.. مأساة ترويها مكلومات عما فعله الأسد بأبنائهن


شادي السيد - خاص السورية نت

"روحي استلمي هوية زوجك.. زوجك مات بالسجن" هذه الكلمات المعدودة كانت آخر ما وصلت إلى مسامع زوجة أحد المعتقلين في سجن صيدنايا، بعد أكثر من عام من البحث ومحاولات الوصول لمعلومات عن المعتقل مصطفى السيد من ريف إدلب.

يتشابه حال هذه السيدة مع حالات عائلات آلاف المعتقلين السوريين، الذين غيبهم نظام بشار الأسد في سجونه لفترات طويلة، وانتهى بهم المطاف موتاً إما بسبب التعذيب أو الإعدامات التي طالت 13 ألف شخص في سجن صيدنايا، قالت منظمة "العفو الدولية" في تقريرها الأخير إنهم قتلوا في إعدامات جماعية.

تقول (ل س) زوجة المعتقل في حديث لـ"السورية نت": "لم أتفاجأ إطلاقاً مما تضمنه تقرير منظمة العفو الدولية الأخير عن سجن صيدنايا من تعذيب وإجرام بحق المعتقلين، فالكثير من النساء تحدثن خلال رحلتنا في البحث عن زوجي وأخي المعتقلين في سجون النظام، والتقيت العديد منهن، وذكرن أهوال ما يتعرض له المعتقلون في سجون الأسد. بعضهم كان يسعى جاهداً للوصول إلى جثث ذويهم وبعضهم الآخر يسعى لمعرفة هل  لا يزال أبنائهم على قيد الحياة؟".

المجرم دون عقاب

تضيف السيدة التي رفضت الكشف عن اسمها كاملاً، أن "مرحلة البحث عن زوجي بدأت بعد أيام من اعتقاله حتى يصل نبأ اعتقال أخي أثناء ذهابه إلى كليته في جامعة حلب بعدها بعدة أيام، وبحثنا كثيراً عن أشخاص مقربين من النظام (سماسرة) وآخرون يعملون في المراكز الأمنية لمعرفة أماكن اعتقالهم. وقعنا في حالات نصب واحتيال كثيرة، ودفعنا الكثير من المال حتى توصلنا لأحد المسؤولين النافذين في أجهزة أمن النظام هو الآخر مختلف في ثمن أتعابه عما سبقوه، فهو يتقاضى الكثير لقاء جلب معلومات عن المعتقلين وإمكانية تأمين زيارة لهم من قبل ذويهم".

اضطرت (ل.س) إلى دفع مبلغ 200 ألف ليرة للمسؤول الأمني لقاء الوصول إلى معلومات عن مكان زوجها وهنا كانت الصدمة، كما تقول.

وتضيف: "قال لي زوجك تم تحويله من إدلب إلى أحد الفروع الأمنية في دمشق وانتهى به المطاف في سجن صيدنايا. زوجك قتل تحت التعذيب، تعرض لكسر في يده وقدمه وبعدها بأيام توفي جراء نزيف في جسده، وهيك  فيكي تروحي تستلمي هوية زوجك" .

وعن سؤالنا لزوجة المعتقل حول ما تأمله من تحرك دولي ضد نظام الأسد بعد تقرير "المسلخ البشري" الصادر عن منظمة العفو الدولية عن أهوال سجن صيدنايا، تقول " انا افتقدت زوجي في المعتقل وحاليا مصير أخي مجهول، لكن هناك مئات آلاف المعتقلين ما زالوا في سجون النظام ربما يحظون بفرصة أفضل، لكن لا يوجد جدية من المجتمع الدولي لمحاسبة الجاني، الأسد ونظامه يحظون بدعم دولي ويرتكبون جرائمهم على الملاً دون عقاب".

صيدنايا ورحلة المعتقل الأخيرة

لا يختلف سجن "صيدنايا"، كثيراً عن باقي المعتقلات في سجون الأسد، إلا أنه ربما يتميز بكونه "الرحلة الأخيرة في حياة المعتقل" في نظر أم محمد من ريف إدلب، والتي تمكنت قبل أشهر من زيارة ابنها المعتقل في أحد الأفرع الأمنية في مدينة دمشق.

تقول أم محمد في حديثها لـ"السورية نت": "اعتقل ابني خلال ذهابه إلى مدينة حلب منذ أكثر من عام، لم يكن لديه أية علاقات مع فصائل المعارضة المسلحة أو المؤسسات المدنية الثورية، فهو يعمل صاحب لأحد محلات الألبسة، وبعد بحث دام لأشهر توصلنا إلى مكان اعتقاله والتهمة الموجهة إليه".

وتتشابه قصة أم محمد في رحلة البحث عما يمنحها بعض الطمأنينة بالوصول لمكان ابنها المعتقل ومرحلة الابتزاز والاحتيال من سماسرة النظام للحصول على المال لقاء إيصالهم لمكان ذويهم المعتقلين.

وتتابع والدة المعتقل: "استطعنا الوصول إلى مكانه في فرع الخطيب التابع لأجهزة أمن النظام، ولم أتخيل للحظة أن لقائي به سيخلف لي ردة فعل وكابوس يرافقني طيلة لحظاتي التي أعيشها، كان نحيلاً جداً حيث فقد ما يقارب 20 كيلو من جسده، كان لا يقوى على المسير من كثرة التعذيب الذي تعرض له، وبعد جهد ومحاولته التشبث بقضبان الحديد التي تفصلني عنه، تمكنت من الوصول إليه والحديث معه والذي اقتصر لدقائق بطلب من مسؤول المعتقل".

وتؤكد أم محمد "تمنيت لو أنني لم أشاهده، كل هذا التعذيب الذي يتعرض له وأنا عاجزة عن تقديم أية مساعدة". وتضيف: "بعد شهرين من لقائه، زارنا أحد المعتقلين المفرج عنهم حديثاً من ريف حماة، قال لنا إنها وصية من إبني حمله إياها أثناء تواجدهم في فرع الخطيب، حيث طلب منه أن يطمئنني عن صحته وأن أتحلى بالصبر".

وأشار إلى ملاحظة: "أنه بعد رؤيتك له تعرض لمختلف أنواع التعذيب والشتائم، سلمونا إياه مضرجاً بالدماء ولا يقوى على الحراك".

وبيّن المعتقل المفرج عنه "أنها ليست الحالة الأولى التي يقوم بها جلاد السجن بل تندرج على معظم المعتقلين بعد كل زيارة لهم".

وتختتم أم محمد قولها، نقلاً عن المعتقل المفرج عنه حديثاً "ابني وصل إلى الرحلة الأخيرة من اعتقاله. تم تحويله لسجن صيدنايا".

ويعد سجن صيدنايا من أكبر السجون السورية، وأنهت حكومة النظام بناءه في عام 1987، وهو يقع قرب دير صيدنايا التاريخي الواقع شمالي العاصمة السورية دمشق. ويتكون مبنى هذا السجن من ثلاثة طوابق وثلاثة أجنحة تلتقي في المركز على شكل ماركة المرسيدس.

ويحتوي السجن مجموعة كبيرة من السجناء العرب والسوريين، وكانت منظمة العفو، أصدرت أمس الثلاثاء تقريراً كشف عن تفاصيل مرعبة حول سجن صيدنايا وعمليات الإعدام الجماعي لـ 13 ألف معتقل منذ 2011 حتى 2015.




المصدر