معلمون في مخيمات ريف حلب الشمالي لم يتقاضوا رواتبهم منذ تسعة أشهر.. فمن المسؤول؟


رغم قربها الجغرافي من مدينة اعزاز الحدودية، ومن معبر باب السلامة الشريان الذي يغذّي ريفي حلب الشمالي والشرقي بالدعم المادي والإغاثي، إلا أن هذا القرب -كما يبدو- لم ينعكس إيجاباً على المدارس المؤقتة التي أقيمت في مخيمات ريف حلب الشمالي بعد موجات النزوح المتتالية للسكان من المناطق المحيطة ومن المدن والمحافظات السورية الشرقية، فلم تحظَ هذه المدارس التي تفتقر إلى أدنى مقومات العملية التربوية بدعم واعتراف الحكومة المؤقتة، ولا حتى المنظمات الداعمة على كثرتها.

وينسحب الإهمال الذي الذي تتعرض له هذه المدارس على جميع النواحي ومن ضمنها وضع المعلمين، فقد ذكرَ رئيس المجمع التربوي في مخيمات مدينة اعزاز “عبد المنعم الحميدي” أن حوالي 225 من المعلمين العاملين في  ثماني مدارس في المخيمات العشوائية، لا يتقاضون رواتبهم منذ ما يزيد عن تسعة أشهر، وأوضح الحميدي أن العقد الذي كانت المنظمة النرويجية NRC ملزمة بموجبه بكفالة العملية التعليمية للعام الدراسي السابق 2015-2016 انتهى منذ شهر حزيران في العام 2016، وحتى اليوم ما تزال المدارس بدون أي دعم منذ ذلك الحين.

وأضاف مدير المجمع في حديثه لـ”صدى الشام”: “بعد انتهاء العقد طرقنا باب الحكومة المؤقتة من خلال مديرية التربية الحرة للاعتراف بنا كمجمع تربوي مستقل، إلا أن المديرية رفضت الطلب، ونصحتنا بأن نلتحق بالمجمعات التربوية الأخرى القريبة من المخميات مثل مجمع اعزاز التربوي، أو مجمع تل رفعت”.

وتابع الحميدي، “لكن تم رفض طلبنا من قبل إدارة المجمعات الأخرى، ولم نعرف بعد الأسباب، وحينها عاودنا الاتصال مع الحكومة المؤقتة وما زلنا ننتظر الرد”، وتساءل “إلى متى سنبقى جزيرة تعليمية مقطوعة عن العالم الخارجي”.

وتتوزع المدارس هذه على كل من مخيمات: (باب السلامة، سجو، مخيم النور، الحرمين، ضاحية الشهباء، الإيمان، الرسالة) والواقعة إلى الشمال من مدينة اعزاز.

ولا تقتصر معاناة المدارس في هذه المخيمات على انقطاع رواتب المعلمين، بل يمتد إلى غياب المستلزمات الضرورية للعملية التعليمية، مثل الكتب المدرسية، والقرطاسية، والمقاعد، والوسائل التعليمية، وغيرها.

وطبقاً للحميدي، فإن تلاميذ الصف الأول في هذه المدارس للعام الدراسي الحالي الذين يقارب عددهم 2200 تلميذ لم يحصلوا إلا على 100 نسخة من المنهاج الدراسي، مشيراً إلى اضطرار المجمع لتوزيع النسخ للمعلمين فقط.

وأردف “لقد وزعنا هذه النسخ على المعلمين والمعلمات لكي يقوموا بإعطاء المنهاج للتلاميذ، بينما يقوم التلاميذ بكتابة المعلومات التي تلقن لهم فقط”.

وعرّج الحميدي في معرض حديثه،على أوضاع الأبنية المدرسية في المخيمات، مشيراً إلى استيلاء بعض النازحين على الأبنية الصفية تحت التهديد بالقوة، وقال: “ما تبقى منها ينقصها الأثاث المدرسي والوسائل التعليمية”.

 

من جانب آخر، انتقد رئيس المجمع الأجندات التي بحثها المؤتمر الدولي لتعليم السوريين، الذي عقد  برعاية وزراة التربية والتعليم التركي منتصف الشهر الحالي بمدينة اسطنبول التركية.

وقال الحميدي، وهو أحد المشاركين فيه إلى جانب نحو 1000 مختص وباحث من جنسيات مختلفة، “يبدو أن المؤتمر كان مخصصاً لدعم الملف التعليمي للسوريين في تركيا فقط، بينما من الأَولى دعم التعليم في سوريا الأصل، وليس دعم التعليم في تركيا التي تعتبر الفرع”.

و تابع منتقداً: “لقد طرحت مشكلة مدارس مخيمات الريف الشمالي على أجندات المؤتمر، لكن الرد جاء بوجوب وجود جهة رسمية لمخاطبتها بشأن أوضاع ومعاناة هذه المدارس”، وأضاف “قلنا لهم بأن الحكومة المؤقتة هي الجهة الرسمية، وما زلنا ننتظر الحلول”.

 

الحكومة المؤقتة تردّ

من جانبه عزا معاون مدير التربية والتعليم في محافظة حلب الحرة “عبد القادر بلاو” غياب الدعم المالي عن مدارس مخيمات ريف حلب الشمالي إلى “محدودية الكتلة المالية المخصصة للرواتب”، وبيّن أن “المديرية قامت بمسح وإحصاء عدد الوظائف في فترة الصيف الماضي، وتم تحديد حجم الكتلة بناءً على معطيات ذلك المسح”.

وأضاف بلاو في حديثه لـ”صدى الشام”: “لقد طلبنا من المدارس المذكورة أن تنضم إلى المديرية، لكنهم رفضوا بسبب ضعف الرواتب التي تقدمها المديرية مقارنة بالرواتب والأجور التي كانت تقدم لهم من المنظمة الدولية المذكورة”.

وتابع بلاو، “لكن مع ذلك فإن الحكومة المؤقتة تسعى للوصول إلى حل قريب لمشكلة هذه المدارس”، ونقل في هذا الإطار عن وزير التربية في الحكومة المؤقتة “عماد برق” تأكيده أن الحل سيكون في غضون أسابيع، مشدداً على أن هذا الحل سيتضمن تقديم التغطية المالية، ودعم المعلمين بالرواتب.

 

من جانب آخر انتقد بلاو تركيز المنظمات المانحة على العمل في المناطق المحررة حديثاً من قبل تنظيم الدولة “داعش”، وقال: “منذ بداية هذا العام الدراسي ونحن نطلب من المنظمات أن تدعم المدارس في المخيمات، لكن كل المنظمات تتطلع إلى العمل في المناطق المحررة حديثاً”.

واختتم “يعتبر التعليم حاجة ملحة في كل المناطق، لكن هذه الحاجة تكون مرتفعة في المخيمات أكثر من غيرها، لأن الكل يعلم مدى صعوبة الأوضاع الاجتماعية في هذه المخيمات، وخصوصاً العشوائية منها”.



صدى الشام