آستانة 3 .. الجنازة كبيرة والميت ( ..)



سعد هائل – المصدر

خيراً فعلت  فصائل المعارضة المقاتلة بمقاطعة آستانة 3 ، لكن صحوة الفصائل إن لم يكن خلفها حسابات سياسية  “للداعمين” جاءت متأخرة، إذ أن ما دفع على طريق الحل السياسي الروسي وفي سبيل آستانة كان باهظاً، ومن استفاد منه هو بشار الأسد والداعمون له فقط لا غير.

في سبيل آستانة سلمت حلب، وما حدث في حلب لم يعد سراً. وعلى وعود آستانة سقطت عين الفيجة. ومن أجل آستانة تم تهجير الوعر. ولخاطر آستانة تمكنت أمس ميليشيات الأسد وإيران من عزل القابون وبرزة وحي تشرين عن الغوطة الشرقية، وتحت ستار آستانة وما تم التوصل إليه من تفاهمات، تتنقل الطائرات الروسية من أقصى جنوب سورية إلى أقصى شرقها مروراً بحماة وإدلب .. فلماذا لا تذهب آستانة إلى الجحيم طالما أنها لم توقف هذا الجحيم؟

من يتابع الإعلام الروسي الذي لا ينطق إلا بتوجيه، يصيبه الغثيان لكم التهليل لانتصارات جيش الأسد على الإرهابيين، ومن يتابع تصريحات المسؤولين الروس تترسخ قناعته بأن هؤلاء لا هدف لهم إلى الإبقاء على بشار الأسد، الذي نصحه الراحل تشوركين يوماً بأن عليه أن يصمت إن أراد النجاة، لكن تشوركين مات ولم يصمت بشار لا في حياته ولا بعد مماته، ولا يزال خطابه فوق قامته مستنداً إلى “الانتصارات” الروسية عسكرياً، وإلى انجازاتها السياسية بتطويع المعارضة والداعمين لها.

ما قبل آستانة ليس كما بعدها، هكذا أرادها بوتين إعلان هزيمة للثورة، وهو ما قبلت الفصائل المقاتلة فيه واستسلمت منذ أن باتت تعمل بالوكالة عن قوى ومصالح إقليمية بدلاُ من العمل لحساب الناس الذين ثاروا عام 2011.

ما قبل تسليم حلب “مفتاح باليد” على الطريق إلى آستانة كانت معنويات البيئة الحاضنة للثورة عالية رغم ما دفعته من كلفة خيالية من دماء أبنائها، ورغم ما لحق بها من تهجير وبمدنها من تدمير، فيما اليوم وبعد آستانة تبدو معنوياتها في الحضيض، بل كفرت بكل الفصائل المقاتلة وشعاراتها وخلافاتها، في حين أن المعارضات السياسية سقطت إلى الحضيض منذ زمن طويل.

ما قبل آستانة كانت روسيا محرجة سياسياً ومنهكة اقتصادياً بينما اليوم تبدو وكأنها حمامة السلام التي تقتل دون أن تلطخ ريشها الأبيض بالدم، وما قبل آستانة كان بشار الأسد على وشك أن يقضي بجلطاته و “إدمانه” لولا أن أسعفته وصفات روسيا السياسية، فيما اليوم يتحدث عن مستقبل سورية  بوجوده وتحت رعايته.

هذه هي انجازات أستانة بالمختصر .. لا أحد سيبكي عليها إذا ذهبت إلى الجحيم باستثناء البروباغندا الروسية التي ستهول على الخسارة التي لا تعوض وهي تدرك أنها جنازتها السياسية كبيرة لكن فقيدها  ليس كذلك.




المصدر