شح الأمطار وتقلص مساحات القمح المروية يُنذر بأزمة خبز حادة في الشمال السوري

14 آذار (مارس)، 2017

6 minutes

أبدى مزارعون في الشمال السوري تشاؤماً حيال الموسم الزراعي الشتوي الحالي بسبب انخفاض كمية الأمطار في شهري شباط وآذار الحالي، في حين دَقّت الشركة العامة لخزن وتسويق الحبوب التابعة للحكومة السورية المؤقتة ناقوس الخطر محذرة من أزمة خبز قادمة، بدأت ملامحها تلوح بالأفق.

وخلافاً للتوقعات المحلية المتفائلة بموسم قمح وفير بعد الاستقرار النسبي الذي شهدته مناطق حلب الشمالية على خلفية دحر تنظيم الدولة “داعش” عن مساحات زراعية خصبة، وعقب تنظيف غالبية المساحات من الألغام التي خلّفها التنظيم، جاء انحباس الأمطار ليترك توقعات متشائمة في الأوساط المحلية.
وبحسب مزارعين فإن انحباس الأمطار الربيعية في شهر شباط الماضي وفي الشهر الحالي ساهم في ضعف النمو الخضري للنبات، في الوقت الذي يكون فيه النبات أحوج ما يكون إلى المياه، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تقليل الفائدة من الأمطار التي قد تهطل في فترات لاحقة.
ويقول المهندس الزراعي محمود عارف لـ”صدى الشام”: “لم يكن الخلل في معدل هطول الأمطار لهذا الموسم، بقدر ما كان في التوزيع بين فترات الهطول، ففي الأشهر الأولى من الشتاء كان المعدل مقبولاً، لكن وخلال الشهرين الأخيرين انحبست الأمطار”.
ويشير عارف إلى أن محاصيل الحبوب الشتوية تمرّ الآن بمرحلة النمو الخضري التي تتألف من الإنبات والصعود، مبيناً أنه “لا بد من توفر الري المناسب حتى يجتاز النبات هذه المراحل، لأن هذه المرحلة الحرجة تحدد وفرة الموسم من عدمه”.
هذا الأمر أكده مزارع القمح عبد الله العيسى الذي قال: “إن كمية هطول الأمطار في شهر آذار هي العامل الأساس في تحديد معدل الإنتاج للمحصول البعل الذي يعتمد على مياه الأمطار فقط”، ولفت العيسى إلى أن غالبية المساحات المزروعة بمحصول القمح لهذا العام في شمالي حلب هي مساحات بعلية، مشيراً إلى أن نسبة المروي منها لا تتجاوز20% كحد أقصى، على حد تقديره.
وكنتيجة لشح الأمطار، خفض العيسى من سقف توقعاته لكميات الإنتاج الزراعي من الحبوب لهذا الموسم إلى ما دون النصف عن العام الزراعي الماضي، الذي وصلت فيه كمية الإنتاج إلى ما دون النصف مقارنة بمتوسط الإنتاج السوري في مرحلة ما قبل الثورة.
من جانبه وصف مدير الشركة العامة لخزن وتسويق الحبوب أوضاع الموسم الزراعي الحالي بـ “الحرجة”، مشيراً إلى أن المؤسسة بصدد العمل على خطة بالتعاون مع المنطمات الداعمة، للتعامل مع الواقع الجديد الناجم عن شح الأمطار.
وقال المهندس واصف الزاب لـ”صدى الشام”: “ما زالت هناك فسحة للتفاؤل بموسم مقبول -على أقل تقدير- في الشمال السوري، وذلك في حال هطول الأمطار في الأيام القليلة المقبلة، لكن هذه الفسحة لم تعد موجودة في المحافظات الشرقية، وخصوصاً في محافظتي الرقة والحسكة، لأن نسبة الجفاف في تلك المحافظات مرتفعة”.

 

ماذا عن المساحات المروية؟

تعاني زراعة القمح في سوريا عموماً وفي المحافظات الشمالية تحديداً من تقلص مساحات الزراعات المروية خلال ست سنوات من عمر الثورة السورية، إذ تستلزم هذه الزراعات متطلبات عدة بات تأمينها بفعل الظروف التي تشهدها البلاد أمراً شبه مستحيل.
وبهذا الصدد عزا المهندس واصف الزاب تراجع المساحات الزراعية المروية إلى عوامل عدة أهمها ارتفاع سعر المحروقات، وأسعار الأسمدة، وعزوف كثير من المزارعين عن زراعة القمح، وتوجههم إلى زراعات أخرى أقل  تكلفة (البقوليات والمحاصيل العطرية)،  فضلاً عن خروج مساحات زراعية كبيرة من الاستثمار بعد وقوعها على خطوط التماس العسكرية، بالإضافة إلى غياب عامل الأمان الذي يعتبر ضروروياً لتشجيع الفلاح على زراعة المحاصيل المروية.
وأضاف الزاب: ” في السابق كان ربع الإنتاج السوري يأتي من المساحات المروية، أما الآن فلا تتجاوز هذه المساحات أكثر من 7% من إجمالي المناطق المزروعة بمحصول القمح”.

وعن توقعاته لكمية الإنتاج لهذا الموسم، قال الزاب: “نأمل أن يتجاوز الإنتاج حاجز المليون طن في كل الأراضي السورية”.
وبالبناء على كل ما سبق، يشدد الزاب على أنه “لا بد من قرع ناقوس الخطر، والعمل على بناء خطة لمواجهة أزمة نقص رغيف الخبز في الشمال السوري”.

 
الأزمة بدأت

قامت المؤسسة العامة لخزن وتسويق الحبوب باستيراد 20 ألف طن من مادة القمح منذ بداية العام الحالي، لتأمين رغيف الخبز في المناطق المحررة في كل من محافظتي حلب وإدلب.
وأوضح الزاب أن المؤسسة تقوم بشراء مادة القمح بسعر 300 دولار للطن الواحد، مشيراً إلى أنها تعتمد في تأمين ثمنه على مذكرات كان قد تم التفاهم عليها مع جهات مانحة في وقت سابق، مشيداً في هذا الصدد بموقف الحكومة التركية المساعد في هذا الجانب.
وبعد تأكيد الزاب على أن الأزمة بدأت بالفعل بسبب تراجع معدل الإنتاج في العام الماضي، قال ” لكنها ليست بالأزمة الحادة في الوقت الحالي، باستثناء بعض المناطق التي لم تستطع الشركة الوصول إليها مثل ريف حمص، وذلك بسبب الحصار الذي تفرضه قوات النظام عليها”.
واختتم الزاب حديثه لـ”صدى الشام” كاشفاً عن أن الشركة بصدد وضع خطة تمويلية لتسوق محصول القمح للموسم الزراعي 2017.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]