أميركا ترفع الفائدة ودول تحذو حذوها


رفع البنك المركزي الصيني أمس أسعار الفائدة القصيرة الأجل، في ما يصفه اقتصاديون بأنه مسعى إلى درء شبح تدفق رؤوس الأموال إلى خارج البلاد والحفاظ على استقرار اليوان بعدما رفع مجلس الاحتياط الفيديرالي أسعار الفائدة ليل أول من أمس. والزيادة في أسعار الفائدة القصيرة الأجل هي الثالثة للصين في شهور قليلة، وتأتي بعد يوم من انتهاء الدورة السنوية للبرلمان، إذ حذر قادة من أن معالجة الأخطار الناتجة من سرعة تراكم الديون ستحظى بأولوية هذه السنة.
وقالت رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة آسيا والهادئ لدى «ناتكسيس» اليسيا غارسيا هيريرو: «التوقيت يشير إلى أن الصين لم تعد بمنأى عن مجلس الاحتياط، بل حتى عن الأوضاع المالية العالمية عموماً». وكان بعض المحللين توقعوا زيادة أخرى في أسعار الفائدة في وقت تتطلع الصين إلى احتواء الأخطار الناجمة عن سنوات من الحوافز المدعومة بالديون وزيادة الكلفة التي يتحملها المضاربون على انخفاض الين.
وقال الخبير الاقتصادي لدى «نومورا» يانغ تشاو: «رفع أسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية الأميركية قد يطلقان مزيداً من التدفقات الرأسمالية الخارجة ويكون لهما بعض التأثير السلبي في النظام المالي الصيني، وأعتقد أنهم يرغبون في تحقيق استقرار في العملة في هذا التوقيت».
ورفع «بنك الشعب الصيني» مؤشر نقطة المنتصف اليومية المرجعية لليوان بأعلى وتيرة في نحو شهرين أمس، في حين هبط اليوان 6.5 في المئة أمام الدولار العام الماضي، في مواجهة ارتفاع الدولار والضبابية التي تلف الاقتصاد الصيني، ما شجع الحكومة على اتخاذ إجراءات صارمة تجاه تدفقات رؤوس الأموال الخارجة من البلاد لتخفيف عملية استنزاف احتياطاتها من النقد الأجنبي.
وكان مجلس الاحتياط رفع أسعار الفائدة ليل أول من أمس للمرة الثانية في ثلاثة أشهر، في خطوة عززها نمو اقتصادي مضطرد ونمو قوي للوظائف والثقة في أن التضخم يرتفع نحو المستوى الذي يستهدفه المجلس. ورفع المجلس سعر الفائدة المستهدف لأجل ليلة واحدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق 0.75 – 1 في المئة، في قرار يمثل إحدى الخطوات البارزة التي يتخذها في إطار مساعيه إلى إعادة السياسة النقدية إلى مسارها الطبيعي.
وأشارت رئيسة مجلس الاحتياط جانيت يلين في مؤتمر صحافي إلى تنامي الثقة في مسار الاقتصاد، مؤكدة «تقدّم الاقتصاد خلال الأشهر الأخيرة بالطريقة التي توقعناها، ولدينا بعض الثقة في المسار الذي يسلكه».
وتمسك المجلس بتوقعاته لرفع أسعار الفائدة مرتين إضافيتين خلال العام الحالي وثلاث مرات عام 2018، بعدما رفعها مرة واحدة عام 2016. وأشار صناع السياسات في المجلس إلى أن معدل التضخم الآن «قريب» من المستوى المُستهدف والبالغ اثنين في المئة، وأن استثمار الشركات تحسن إلى حد ما، بعد ضعف استمر شهوراً. ولكنّ واضعي السياسات لم يشيروا إلى أي خطط لتسريع وتيرة التشديد النقدي، وأكدت لجنة السياسة النقدية ويلين أن زيادات الفائدة في المستقبل ستكون «تدريجية»، ولكن بالوتيرة الحالية لن تعود أسعار الفائدة إلى مستوى محايد قبل نهاية عام 2019. وزادت الوظائف الأميركية بمتوسط 209 آلاف وظيفة شهرياً على مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة، ما يفوق المعدل المطلوب لمواكبة النمو في عدد السكان ممن هم في سن العمل والذي يتراوح بين 75 ألفاً و100 ألف وظيفة. وبلغ معدل البطالة 4.7 في المئة، ما يعادل أو يقارب مستوى يتسق مع التوظيف الكامل. وتوقع المجلس انخفاض معدل البطالة إلى 4.5 في المئة هذه السنة وأن يستمر عند هذا المستوى حتى عام 2019. وتشير توقعات المجلس إلى نمو الاقتصاد 2.1 في المئة خلال العام الحالي، من دون تغيير عن تقديراته في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كما يُتوقع أن يرتفع التضخم الأساس قليلاً إلى 1.9 في المئة مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 1.8 في المئة. وجاء رفع الفائدة وسط تحسن عام في آفاق الاقتصاد العالمي وشعور صناع السياسات في مجلس الاحتياط بأن الاقتصاد الأميركي يقترب من تحقيق أهدافه للتوظيف والتضخم. وأشار بيان السياسة النقدية إلى أن الأخطار على الآفاق الاقتصادية تبقى «متوازنة تقريباً».
إلى ذلك، أعلن مصرف الإمارات المركزي أمس رفع أسعار الفائدة المطبقة على شهادات الإيداع التي يصدرها، تماشياً مع ارتفاع أسعار الفائدة على الدولار. وكان مجلس الاحتياط الفيديرالي قرر ليل أول من أمس رفع سعر الفائدة 25 نقطة أساس.
ورفع «المركزي» الإماراتي سعر إعادة الشراء (الريبو) الذي ينطبق على اقتراض سيولة قصيرة الأجل بضمان شهادات الإيداع 25 نقطة أساس إلى 1.25 في المئة. وتمثل شهادات الإيداع التي يصدرها المصرف للمصارف العاملة في الإمارات، أداة السياسة النقدية التي تُنقل من خلالها آثار تغيير أسعار الفائدة إلى النظام المصرفي في الدولة.
وفي السياق ذاته، أعلن مصرف قطر المركزي في بيان أمس رفع سعر فائدة الإقراض لأجل ليلة واحدة 25 نقطة أساس من 4.75 إلى 5 في المئة، بعد قرار مجلس الاحتياط رفع الفائدة. ورفع «المركزي» أيضاً سعر فائدة الإيداع لدى المصرف لأجل ليلة واحدة 25 نقطة أساس من 1 إلى 1.25 في المئة، ولكنه خفض نسبة الاحتياط الإلزامي 25 نقطة أساس من 4.75 إلى 4.50 في المئة. ومن المقرر أن يبدأ العمل بالتعديلات الجديدة اعتباراً من الأول من نيسان (أبريل) المقبل. وجاء خفض نسبة الاحتياط الإلزامي عقب شكاوى من المصارف التجارية من شح السيولة في سوق النقد، ما رفع أسعار الفائدة القصيرة الأجل في السوق كثيراً خلال الأشهر الـ18 الماضية. ولم تتغير نسبة الاحتياط الإلزامي منذ نيسان 2008.



صدى الشام