معارك محتدمة شرقي دمشق: النظام يحاول تدارك تهاوي دفاعاته


يومٌ ثالثٌ من المعارك العنيفة، عاشتها أحياء ومناطق شرقي العاصمة السورية دمشق، أمس الثلاثاء، إذ إنه بعد أن استعادت قوات النظام أول من أمس، الإثنين، بعضاً من النقاط التي كانت قد خسرتها الأحد، عاودت فصائل المعارضة، المشاركة في المعركة، شن هجومٍ واسع على محاور متعددة منذ فجر أمس، حققت فيه مكاسب ميدانية جديدة، وسط استدعاء قوات النظام تعزيزاتٍ عسكرية كبيرة إلى خطوط الجبهات، التي أثبتت معارك الأيام الثلاثة الماضية، أن دفاعات النظام فيها مترهلة، سقطت خلال ساعات.
ومنذ الخامسة صباح أمس الثلاثاء، عاد دوي الانفجارات ليُسمع في مدينة دمشق؛ إذ بدأ هجوم الثلاثاء، بتفجير سيارة مفخخة عند نقطة عسكرية للنظام السوري، في المنطقة الصناعية الواقعة بين حيي جوبر والقابون، قبل أن يتقدّم مقاتلو المعارضة السورية، ليسيطروا على “كراجات العباسيين” والمعروفة أيضاً بـ”كراج البولمان”، فضلاً عن استرجاعهم المنطقة الصناعية التي خسروها قبل يومٍ واحد، وكذلك حاجز سيرونيكس، ومعملي النسيج وكراش الواقعين شرق ساحة العباسيين.

وتقع كل هذه المناطق ضمن الحدود الإدارية للعاصمة دمشق، إذ تتركز المعارك في المنطقة التي تريد المعارضة طرد قوات النظام منها، لربط حي القابون بحي جوبر الذي يتصل بدوره بالغوطة الشرقية، وبالتالي وصل حي القابون بالغوطة الشرقية، لحرمان النظام من حصار قوات المعارضة في القابون وبرزة وفرضه شروط تسوية هناك، تشبه ما جرى في داريا ومعضمية الشام وقدسيا والتل ووادي بردى.
وحتى مساء أمس الثلاثاء، بقيت المعارك مستمرة، مع أفضلية ميدانية للمعارضة السورية، التي كانت قد ذكرت صباحاً أنها بدأت المرحلة الثانية من معركة “يا عباد الله اثبتوا”، والتي يشارك فيها بشكل رئيسي “فيلق الرحمن”، وكذلك “حركة أحرار الشام”، و”هيئة تحرير الشام”، فيما ذكر رئيس المكتب السياسي لـ”جيش الإسلام”، محمد علوش، أن قيادة الجيش أكدت “استعدادها لإرسال المؤازرات إلى مدينة جوبر، مع فتح جبهة القابون”.
وكان لافتاً في المعارك، التي بدأت أساساً منذ صباح الأحد، تهاوي تحصينات قوات النظام السوري سريعاً، إذ إنه وخلال الساعات الأولى فقط لبدء هذه الهجمات، فقدت قوات النظام والمليشيات الموالية لها نقاطاً عسكرية مُحصنة، ضمن منطقة عسكرية تُعتبر بالغة الأهمية للنظام، لكونها جبهة المواجهة الأخطر مع المعارضة السورية في محيط دمشق.

ويقول الناشط المتواجد في الغوطة الشرقية، محمد الشامي، لـ”العربي الجديد”، إن “مجريات المعركة أثبتت أن قوات النظام ضعيفة ودفاعاتها في المنطقة بالغة الوهن، فقد هرب عناصر الجيش بمجرد سماع أصوات الانفجارات الأولى، مما دفع النظام لجلب تعزيزات عسكرية إلى المنطقة. ولولا الغطاء الناري الكثيف الذي استخدمه لما استطاع استرجاع أي نقطة خسرها”.
ويضيف الناشط، المتابع لتفاصيل المعركة، أن “قوات المعارضة الذين هاجموا مواقع النظام أعدادهم بالمئات فقط، لكنهم نجحوا في تحقيق إنجازات ميدانية مهمة نتيجة مباغتتهم قوات النظام التي لم تتوقع الهجوم”، مرجحاً أن “تعمل الفصائل الآن على فتح طريقٍ آمن بين جوبر والقابون ومحاولة تحصينه عسكرياً، وهو ما لم يتحقق حتى الآن بشكل كامل”.

وتأتي المعركة في ظل التحضيرات المتسارعة لجولة مفاوضات جنيف الجديدة، والتي تبدأ غداً الخميس، مما يعني أن هذه التطورات الميدانية ستلقي بظلالها حتماً على طاولة التفاوض. ويقول عضو الأمانة المركزية في المجلس الوطني السوري، عبد الرحمن الحاج، لـ”العربي الجديد”، إن “معركة دمشق الحالية ليس لها ارتباط بجولة جنيف المقبلة، وهذا لا يعني عدم استثمار مجرياتها في جنيف”، مشيراً إلى أنه “يمكن اعتبار ما يجري في دمشق، شكلاً من أشكال مواجهة تحديات مسار أستانة”، موضحاً أن “فصائل المعارضة تحركت دفاعاً عن النفس، كونها تعرف أن مخاطر وجودية تهددها في دمشق وريفها، إن لم تتحرك لمواجهتها”.
ويضيف الحاج أن “النظام حقق في الفترة الأخيرة تقدّمات عدة على حساب المعارضة في ريف دمشق، وهو يحاول الاستفراد بكل منطقة على حدة، ويخضعها لشروط ما يسميه مصالحات أو تسويات، والفصائل تحركت الآن لقطع الطريق على النظام، وربط القابون بجوبر، وبالتالي منع النظام من الاستفراد بكل منطقة على حدة”.



صدى الشام