“سيدة سوريا” تهدي فوزها لفريقها “تحت الخطر”


منحت مؤسسة الدكتور “رولاند رول” الألمانية (Stiftung Dr. Roland Röhl) جائزتها السنوية، “جائزة غوتنغر للسلام” (Göttinger Friedenspreis) للعام 2017، مناصفة لكلّ من مجلة “سيدة سوريا” ومنظمة مراسلون بلا حدود-برلين (Reporter ohne Grenzen). وأقيم حفل تسليم الجائزة يوم السبت 11 آذار الجاري، في القاعة الخاصة بجامعة مدينة غوتنغن في ولاية سكسونيا السفلى وسط ألمانيا، بحضور نائب عمدة مدينة غوتنغن ورئيسة الجامعة وممثلين عن مؤسسة “رولاند رول” ونحو ثلاثمائة ضيف من مختلف مناطق ألمانيا. وتسلم الجائزة عن مجلة “سيدة سوريا” رئيس تحريرها “محمد ملاّك” ومديرة التحرير “ياسمين مرعي“، وعن منظمة مراسلون بلا حدود- برلين “ميشائيل ريديسكي”، وتضمن الحفل كلمات لممثلي مدينة غوتنغن وجامعة غوتنغن والمؤسسة مانحة الجائزة، كما ألقيت كلمة عن منظمة اليونسكو في ألمانيا إضافة إلى كلمتي مجلة “سيدة سوريا” ومنظمة مراسلون بلا حدود، فيما اختتمت الفعالية بحفل كوكتيل في قاعة الشرف بمبنى البلدية القديمة في المدينة. وقال رئيس التحرير، محمد ملاك، لحكاية ما انحكت عن هذا التكريم: “تنعكس أهمية حصول فريق ما على جائزة أو تقدير نتيجة عمل طويل قام به، بكثير من الرضا والتشجيع لأنّها تشحن طاقة الفريق كرسالة تقول: “هذا الجهد لم يكن هباء، وهذا الجهد منظور”، بمعنى إنه أثّر بالآخرين إضافة إلى الجمهور المستهدف به، وهذا حصل بشكل حقيقي حيث يعمل فريق سيدة سوريا بظروف صعبة جداً في داخل سوريا وخارجها حيث تعرّض لكثير من المخاطر على المستوى الأمني والمادي وحجم العمل”.

(استلام فريق سيدة سوريا جائزة غوتنغن الألمانية للسلام بتاريخ 11-3-2017/ تصوير: علي شاهين)

في كلمة مجلة “سيدة سوريا” التي قرأتها “ياسمين مرعي”، شكرت المجلة المؤسسة مانحة الجائزة وعبّرت عن فخرها بالحصول عليها مناصفة مع “مؤسسة معروفة بدفاعها عن حرية الصحافة والصحفيين كمراسلين بلا حدود – برلين”، وتابعت: “يأتي هذا التكريم لمنظمة تعمل على حقوق النساء ودعمهن، بعد عام من الخذلان العالمي فيما يخص الطموح بقيادات عالمية نسائية تنصف حضور المرأة لقاء جهدها وتضحياتها، وتذهب بالعالم إلى ضفة أكثر سلاماً، وبعد صعود محزن للعنصرية والتطرف بأشكاله المختلفة، وبعد ٤ سنوات من العمل الدؤوب الذي سعى فريقنا من خلاله لإنشاء منبر لأصوات النساء السوريات أينما كنّ، ووصل إلى المهمشات منهن”. كذلك لفتت الكلمة إلى المخاطر والصعوبات التي تواجه العاملين في “سيدة سوريا”، حيث قالت: “لم يكن ذلك سهلاً أمام المخاطر التي فرضت على الإعلاميين، والأصوات الحرة من قبل النظام منذ اليوم الأول للثورة، ولاحقاً من تنظيم داعش وأشباهه”. بدوره، قال رئيس التحرير “محمد ملاّك” في كلمة قصيرة ألقاها أمام الحضور: “في اليوم الذي عرفنا فيه أنّ مجلة سيدة سوريا فازت بجائزة مؤسسة الدكتور رولاند رول، اعتبرناه أمراً شديد الأهمية ونظرنا إليه من ثلاثة مواقع أساسية: الأول هو اختيار المؤسسة الاهتمام بموضوعات الحريات والسلام والعمل المدني وهي موضوعات من الضروري التركيز عليها، وحقيقة معرفتنا أنّ الاختيارات للجائزة قائمة على الاهتمام بالمشاريع ذات الخصوصية والأهمية الكبيرة، الثاني أنّنا حصلنا على الجائزة بالتشارك مع منظمة مراسلين بلا حدود، والثالث أنّ الجائزة فرصة لإعادة تسليط الضوء على سوريا والتذكير بما يحدث”، وعما يعنيه أن تمنح جائزة قيمة كهذه لسيدة سوريا، قال ملاك لحكاية ما انحكت: “إن تكريم بحجم جائزة غوتنغن مع الاهتمام الإعلامي الذي يترافق معه، يجعل من المؤسسة “سيدة سوريا” معروفة أكثر ويساهم بتقوية علاقاتها وهذا ممكن أن يفضي إلى زيادة النشاطات وتحسين واقعها، وعلى المستوى الشخصي يشير هذا التقدير إلى أنّ الأشخاص الذين يقودون هذا العمل هم في الاتجاه الصحيح وأنهم أبلوا حسناً خلال  الفترة التي عملوا بها ما يعطيهم دافعاً إلى الأمام لمتابعة العمل”.

(توزيع مجلة سيدة سوريا في الغوطة الشرقية في أيار 2016/تصوير: مكتب سيدة سورية في الغوطة)

ولفت “ملاّك في حديثه إلى الدور الهام الذي يقوم به الفريق العامل في المجلة داخل سوريا، بالقول: “سأستغل الفرصة لأتحدث ولو لوقت قصير عن فريق المجلة العامل داخل سوريا، هذا الفريق مكوّن من 23 امرأة ورجلاً، يعملون جميعاً تحت الخطر ولا يزال جزء كبير من العمل سرياً حتى اليوم، وهذا لا يعطينا الفرصة لننصفهم كما يستحقون، لأننا لا نستطيع أن نعلن أسماءهم في كثير من الأحيان، لكننا نريد أن نشكرهم ونؤكد أنّ المجلة لم تكن لتكون موجودة أو ناجحة لولا الجهد الذي يبذلونه، هذه الجائزة دليل على الجهد الذي يقدمونه والتضحيات التي يبذلونها، وأنهم أول من يستحقها”. وأشارت المؤسسة مانحة الجائزة في موقعها الرسمي أن لجنة التحكيم منحت الجائزة للفائزين على “التزامهم الجدير بالثناء، والجدارة والشجاعة، فضلاً عن تقديم تقارير موثوقة وعميقة ومهنية ووثيقة الصلة بالموضوع، من مناطق الأزمات والصراعات العديدة، من خلال عملهم الذي يعرّض حياتهم للخطر في كثير من الأحيان، لكنه يمكن الجمهور من المعلومات الحقيقية لتكوين صورة واقعية وموضوعية للوضع غير الواضح أو المتناقض، في الأزمات والمناطق المتوترة بالحرب في المناطق النائية من عالمنا”. كما أكدت أنّ الفائزين بالجائزة من المناهضين للاتجاهات الشعبوية، ومن العاملين على تصويب الرأي العام بتقديم حقائق وأبحاث وتحاليل موثوقة، عبر مهاراتهم وخبراتهم الصحفية وممارساتهم المهنية. وهي المهنية التي يدفع ثمنها اليوم فريق سيدة سوريا، وفقا لمحمد ملاك الذي قال لحكاية ما انحكت: “نحن في سيدة سوريا كبعض من المنظمات والمشاريع التي تمتلك أصوات حرة وسطية، ولا تنتمي إلى  تيارات سياسية أو أجنحة لفئات مؤثرة بالحالة السورية في الداخل والخارج، ولا تتبع لإملاءات الممولين، عانينا خلال السنوات الماضية من حصار وقيود وتهميش يفرضها علينا صراع الإرادات، والقويّ المدجج بالمال والإمكانات، والمستند إلى دفع تيارات الاقتتال وروح الانتقام بالداخل السوري، لهذا تم التعتيم على المشروع ومحاولة الإساءة له في كثير من الأحيان”.

(غلاف عدد سيدة سوريا الصادر بالتوازي مع حملة شريكة حياة)

يذكر أن مؤسسة “الدكتور رولاند رول” تعمل على تعزيز بحوث النزاع والسلام، من خلال المنح السنوية لجائزة غوتنغر للسلام، التي تبلغ قيمتها 3 آلاف يورو، وتمنح للأفراد أو المجموعات ممن قدموا إسهاماً خاصاً في السلام عن طريق العمل العلمي أو الالتزام العلمي المميز. وتأسست المنظمة في 24 كانون الأول 1997، وذلك عندما قرّر مؤسسها استخدام أموال تأمينه الصحي لإنشاء مؤسسة تتابع اهتمامه الأساسي ببحوث النزاع والسلام بعد وفاته. وكانت الجائزة منحت عام 2016 مناصفة لكلّ من الفرقة الموسيقة “Jamel rockt den Förster” المدافعة عن الديمقراطية والتسامح، والفرقة المسرحية “Boat People Projekt” من مدينة غوتنغن، فيما حصلت عليها عام 2015 “إرميله مينزه شرام” (Irmela Mensah-Schramm)، وهي ناشطة حقوقية معروفة بتوثيق وإزالة الملصقات ورسوم الغرافيتي العنصرية والمعادية للسامية في مختلف مناطق ألمانيا، منذ عام 1986. (الصورة الرئيسية: سيدات سوريات بمكتب سيدة سوريا في ادلب في إحدى وقفات حملة “مضايا تتحدى الجوع“/ كانون الثاني 2016/ تصوير: مكتب سيردة سورية في إدلب)


المصدر