قيم العيش المشترك في «مهرجان الصورة الرابعة»


نيسان (أبريل) هو شهر الصورة الفوتوغرافية في باريس، إذ يقام كثير من المعارض المختصّة لهذا الفن الذي صار له حضوره المميز في كل المتاحف والمراكز الثقافية المهتمة بالإبداعات المعاصرة. وضمن نشاطات «شهر الصورة» يبرز «مهرجان الصورة الرابعة» (La quatrième image) المقام حتى 17 الجاري، في مركزEspace des Blancs Manteaux قرب بلدية باريس.

أُنشئ هذا المهرجان عام 2013 ويشرف عليه منذ انطلاقته الأولى المصور الفلسطيني رائد بوايه (46 عاماً) وهو ابن بلدة قطنة، شمال غربي القدس، ويقيم في باريس منذ سنوات حيث درس وأقام الكثير من المعارض وحصل على جوائز عدة في مجال الصورة الفوتوغرافية. عن أهداف «مهرجان الصورة الرابعة» يقول لـ «الحياة»: «في هذه الأزمنة الصعبة التي تشهد كثيراً من الأحداث المؤلمة أردت مهرجاناً فنياً يؤكد قيم العيش المشترك ويوجّه رسائل إنسانية من خلال الصور».
هذا العام، هناك أربعون مصوراً ومصورة من دول عدة والمهم هو إبراز الأصوات الشابة. ويلقى المهرجان دعماً من مؤسسات فرنسية، منها بلدية باريس، والدخول إليه مجاني علماً أنه يستقطب الآلاف سنوياً. هذه السنة حلّت دولة بولندا ضيفَ شرف وتميزت الأعمال المشاركة بتنوع رؤية الواقع.

ومن أشهر المصورين البولنديين المعروضة أعمالهم الراحلة صوفيا ريديت التي تعد رائدة في مجال فن التصوير في بلادها، وقد سجلت في نتاجها مشاهد العائلات داخل البيوت، في المدن والقرى وباللونين الأبيض والأسود، وتعكس صورها بعداً توثيقياً.
أما المصورتان مونيكا ريدزيس ومونيكا بيريزيكا فركزتا على موضوع الأمومة بلقطات لأمهات من مختلف الأعمار والبيئات الاجتماعية في أوضاع حميمة مع أطفالهن.

من مصوري بولندا إلى بقية المصورين المقبلين من دول أوروبية وغير أوروبية، ومنهم المصورة السعودية الشابة تسنيم السلطان التي نشأت في الولايات المتحدة حيث درست الأدب الإنكليزي ودرَّسته بعد عودتها إلى المملكة. وبسبب تعلقها بالكاميرا، تركت التدريس للتفرغ لفن التصوير مركزة على تصوير حفلات الزفاف، ولمع اسمها في هذا المجال وباتت تسجل لحظات خاصة من حياة النساء وهي تتنقّل من بلد إلى آخر في العالم العربي. وتتميز صورها المعروضة بنفس رومنسي وبعفوية وتركيز على عنصر الإضاءة. التقيناها ليلة افتتاح المعرض وأخبرتنا أن من أهداف مشروعها إظهار النساء السعوديات والعربيات يعشن حياة عادية كبقية النساء في العالم. وهي تدرك أنها من قلة قليلة تمارس هذه المهنة في بلادها لكن ذلك، منحها في المقابل شهرة وخصوصية لا يتمتع بهما المصورون الرجال من مصوري الأفراح.

أما المصور التركي نادر بوكان فسجل بعدسته الأجواء الريفية في قرى الأناضول حيث يعيش الناس خارج الأزمنة الحديثة، يرعون الأغنام ويركبون الأحصنة وسط الجبال والبحيرات، وقد تمكنوا من التغلب على صعوبات العيش وقساوة المكان بفضل قوتهم واتحادهم مع الطبيعة.

مع المصور الإيراني صادق صوري، ننتقل إلى عالم النساء الإيرانيات المتشحات بالسواد وبالتحديد إلى المشاهد التي التقطها داخل أحد سجون النساء حيث نتعرف إلى فتيات صغيرات في سن المراهقة وهنّ سجينات على رغم أنهن دون الثامنة عشرة من العمر لأن القوانين الإيرانية تسمح بسجن الفتاة منذ التاسعة من عمرها إذا ارتكبت سرقة أو جريمة قتل أو جريمة تهريب المخدرات وبيعها…

يؤكد «مهرجان الصورة الرابعة» في دورته الجديدة خصوصيّة أكيدة، فهو يبتعد هذا العام من الأحداث السياسية المباشرة وصور الحروب وضحايا الإرهاب التي طغت على وسائل الاعلام، ليلتفت إلى الحياة اليوميّة ويركّز على صور الأمهات مع أطفالهن داخل المنازل وخارجها، في أحضان الطبيعة… إنها لحظات مقطوفة من زمن عابر.



صدى الشام