معاقبة الأسد


المستقبل

يمكن الزعم بهدوء (وشبه موضوعية) بأنه لم تعد هناك حاجة لانتظار كيفية رسوّ المعادلة عند ترجمة المواقف الأميركية المستجدة من رئيس سوريا السابق بشار الأسد، ومعرفة معناها «الدقيق» وأبعادها ومَدَياتها.

انطلاقاً من المئة يوم الأولى (وأكثر بقليل) التي مرّت على دخول دونالد ترامب الى البيت الأبيض، والتي بيّنت انه يفي بوعوده! وان ما قاله في حملاته الانتخابية ينفذه في يومياته الرئاسية (أو يحاول ذلك في كل حال)، يمكن الافتراض أنه قدّم كمّاً ممتازاً من المؤشرات الدالّة على نيته معاقبة الأسد وحواشيه على مذبحة خان شيخون الإدلبية.

واللافت في أداء هذا النوع من القادة الرساليين، أو شبه الرساليين حتى لو كانوا على هذا القدر من البهرجة، والمسرحة والافتعال والخفّة، هو أنهم يسعون دائماً الى تأكيد مواقفهم وترجمتها انطلاقاً من «إيمانهم» بأنهم حاملو رسالة إنقاذية ما،.. وثقتهم، الزائدة بالنفس تجعلهم على إلفة مع الشفافية حتى لو عنَت هذه في محطات كثيرة، الكذب والفظاظة.

ترامب تورّط في كذب كثير. وهذا أفقده المزيد من ماء الوجه والصدقية.. لكنّه في المقابل كان «صادقاً» في كذبه! أي كان مقتنعاً بأنه على حق. وإنه مغفور الذنب! وأن «رسالته» الإنقاذيّة أهم من تكتيكاته لتنفيذها.. لكن ما لم يكذب فيه، هو قوله إنه ورثَ فوضى تامة من سلفه باراك أوباما، في سوريا وفي غيرها. وإنه عدّل مواقفه من الأسد بعد المذبحة السارينية في خان شيخون. وإنه سيتصرّف في ضوء هذا التطور بطريقة مختلفة من دون أن يمسّ على ما يبدو، بأولويّة محاربة الإرهاب ودحره.

وضوح العنوان لا ينسحب على التفاصيل، وهذه أبقاها ترامب في عبّه ربما لأنها لم تنضج تماماً بعد. أو لأنّ غُرف العمليات العسكرية والسياسية في المؤسسات المعنية في واشنطن لم تحسم خططها النهائية، برغم وضع كل الخيارات على الطاولة، وتهديد المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي باتخاذ تدابير أحادية في حال فشل مجلس الأمن في الوصول الى «قرار»!

سيعاقب ترامب بشار الأسد لكنّه لن يُسقطه الآن، ولن يحرق المراحل.. ملفّه صار شبه مكتمل، وبعد استعادة الموصل والرقّة هناك حديث آخر.

(*) كاتب لبناني




المصدر