شهريار وشهرزاد يرويان حكايتهما الخاصة


هي تحكي وهو ينصت بإمعان مستلقياً على سريره الحجري بطريقته الملوكية التي صورتها لنا كتب الحكايات، هكذا كان شهريار وهو يصغي لحكايات شهرزاد على شاطئ دجلة حيث نُصب التمثالان التاريخيان.

مرّت أكثر من أربعة عقود على وجود النصب الذي صممه شيخ النحاتين في العراق الفنان محمد غني حكمت واختار بدقة وعناية المكان الذي يصلح أن تروي منه شهرزاد عجائب ألف ليلة وليلة بجوار نهر دجلة عند مرسى الزوارق الذي تحيط به الحدائق من كل مكان وعلى أهم شوارع بغداد، شارع أبي نؤاس.

حكمت الذي صمم بالدقة ذاتها نصب «كهرمانة والأربعين حرامي» عند مدخل شارع كرادة وتمثال الآلهة «عشتار» عند مدخل فندق عشتار «شيراتون» سابقاً المعروف بفندق «كريستال» في الوقت الحاضر، حرص على إضفاء سحر خاص على نصب شهرزاد ومليكها، إذ يشعر المارة في المكان أن التـــاريخ عاد ليـــروي حكايات وأســـاطير عاشتها بغداد في عصورها الذهبية.

زوار المكان معظمهم ممن يمرون بالصدفة بجانب التمثال أثناء سيرهم في شارع أبي نؤاس إذ يوقفون سياراتهم في شكل مفاجئ وينزلون لالتقاط الصور مع التمثالين قبل أن يغادروا المكان مجدداً أحدهم كان يبدو في غاية السعادة وهو يستخدم هاتفه النقال لأخذ صورة «سيلفي» مع أصدقائه الثلاثة لكن المفاجأة كانت عند سؤاله عن التمثال، هل تعرف من صاحبي التمثالين؟ أجاب الشاب وهو يضحك فرحاً بالتقاطه الصور: لا لكنني وجدت الآخرين يتصورون معهما فقررت أنا وأصدقائي أن أفعل الأمر ذاته.

ترتفع شهرزاد بطول أربعة أمتار وتشير بيديها في شكل يثير الانتباه وكأنها لا تتوقف عن الرواية، فيما يتمدد شهريار فوق مدرجات من الحجر ترتفـــع متــرين ويبــدو منصتاً لحكاياتها المتواصلة منتبهاً في شكل كامل لما تقول غير آبه بما يدور حوله وغير مكترث بزواره الذي يلتقطون بجانبه الصــور التذكارية، فكل ما يريـــده هو الوصــول إلى نهاية الحكاية، يده التي تم قطعها في وقت سابق من متشددين تم تعويضها بأخرى تحاول أن تكون جزءاً من الجسد الممدد.

العــناية بالمكان القريب من التمثالين وانتشار مطاعم السمك المســقوف بالقرب منهما منحهما مكانة خاصة عنــد مرتادي الشارع الذين يــمــرون بالقــرب منــهما متجهين إلى مطاعمهم المفضلة أو إلى المتنزه العائلي القريب من المكان برفقة أطفالهم المشاكسين الذين يصممون على الصعود والجلوس بين يدي شهريار قبل إكمال طريقهم مرة أخرى.

ومنذ تدشين النصب التذكاري عام 1975 تغير المكان المحيط عما كان عليه، والشيء الوحيد الذي بقي على حاله هو مطاعم السمك المجاورة التي تمنح المكان نكهة خاصة بروائحها المتطايرة في الهواء.



صدى الشام