on
مبادرات نسائية سورية في أوروبا لصَون “العربية”
جيرون
يخشى اللاجئون السوريون، في مغترباتهم الجديدة، من اندثار لغتهم الأم، بفعل سنوات اللجوء الطويلة، وابتعادهم عن أي نشاط وفاعليات باللغة العربية، وما يثير مخاوفهم أكثر تحديات تواجه تعليم اللغة الأم للجيل الجديد من أطفال اللاجئين السوريين الذين يولدون هناك، أو وصلوا أوطانهم الجديدة في سن صغيرة.
تحاول بعض الناشطات السوريات الموجودات في بلدان أوروبية، إحياء اللغة العربية، وتعزيز تعليمها للأطفال والمراهقين الذين أُلزموا بتعلم كل المواد العلمية بلغة البلد المضيف.
في هذا الشأن تحدثت الناشطة، باسمة دواليبي، المقيمة في هولندا لـ (جيرون) عن منظمة “دار الياسمين” التي أسستها حديثًا؛ بهدف دعم الملف التعليمي للسوريين: “أطلقنا مبادرة (لغتي العربية)؛ لإعادة إحياء اللغة العربية للأطفال السوريين الموجودين في هولندا، ولا سيما الأطفال في سن الدراسة. هؤلاء عرضة لنسيان اللغة أكثر من غيرهم، كونهم يتعلمون بسرعة؛ فيتقنون لغة البلد الأوروبي الذي يقطنون فيه، ويندمجون فيه بصورة أسرع، وينسون لغتهم الأم. نعطيهم دروسًا باللغة العربية مرة واحدة أسبوعيًا، بالاعتماد على طرق تعليمية متقدمة، يتخللها المرح واللعب والنشاط الترفيهي وقراءة القصص بالعربية، كذلك نُظمت دروس مشابهة للأجانب الذين يرغبون في تعلم العربية، وتلقى المبادرة -إلى الآن- قبولًا واستحسانًا كبيرين من الجهات الهولندية التي تشجّع مجمل النشاط العلمي والثقافي”.
وعن الصعوبات التي تواجه سير عمل المنظمة ومبادرة “لغتي العربية”، أوضحت دواليبي: “لا يلتزم جميع الأهالي بإرسال أولادهم إلى دروس اللغة العربية؛ بسبب انشغالهم بتعلّم اللغة الجديدة، وعدم وعيهم بأهمية تداولها، وخطورة إهمالها، وهو ما نحاول بثّه من خلال تواصلنا الدائم معهم، ومشكلات أخرى مرتبطة بالدعم والتنسيق التي من الممكن تجاوزها في المستقبل القريب، وخصوصًا إذا أثبتت المبادرة نجاحها، وحققت الفائدة المرجوّة منها، بالإشارة إلى أن المجتمعات الأوروبية تدعم المبادرات الهادفة، ولكن يتطلب الأمر في بدئه صبرًا وجهدًا وعملًا تطوعيًا”.
من جهتها قالت والدة طالب، تعيش في بلد أوروبي منذ 3 سنوات لـ (جيرون): إنها عندما طلبتْ من ابنها أن يكتب اسمه باللغة العربية اكتشفت أنه “يكتب من اليسار إلى اليمين مع أخطاء إملائية”، لافتة إلى “أن الأطفال لا ينسون اللغة المحكية، كونهم يتحدثون بها مع أفراد أسرهم، وإنما ينسون قواعدها وأسس القراءة والكتابة”.
في سياق متصل، قالت الناشطة المدنية، ليان محمد، المقيمة في النرويج لـ (جيرون): “ينقسم اللاجئون السوريون في أوروبا إلى قسمين: الأول ينفصل انفصالًا تامًا عن المجتمع العربي، ويُهمل تعلّم الأبناء للغة العربية، ولا يعدّها أولوية، والقسم الثاني يعدّ الإقامة في أوروبا موقتة؛ فيحافظ على اللغة العربية، ولكن يواجه مشكلات في الاندماج”، وعدّت “الحالتين ليستا سليمتين؛ إذ ينبغي توعية الأهل بضرورة التأقلم والتكيف مع المجتمع الجديد، بعيدًا من الإفراط والانسلاخ، والأهم أن تكون هناك حصة للغة العربية في المجالس اليومية، وعبر النشاط المدني والثقافي الذي ينظمه السوريون، ويستطيعون من خلاله أن يكونوا مؤثرين في المجتمعات الجديدة، وليس متأثرين فحسب، وأكبر دليل على ذلك اندفاع الأوروبيين إلى تعرف ثقافة السوريين وتعلم العربية”.
تُحتّم رحلة اللجوء الطويلة على السوريين الابتعاد عن كل ما يرتبط بالثقافة العربية، والانشغال ببناء الواقع الجديد ضمن شروطه الصعبة، ولكن امتداد المدة الزمنية لمرحلة اللجوء قد يجرّد جيلًا كاملًا من لغته، وسط فرض سياسة الدمج التعليمي في الدول التي ينتشر فيها السوريون بكثرة، وعلى رأسها تركيا.
المصدر