من “التوماهوك” إلى أم القنابل لمن الرسائل

18 أبريل، 2017

حافظ قرقوط

ما بين التوماهوك وأم القنابل، جاء لقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بقائد حلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرج الذي يسعى للتوسع نحو دول جديدة على حدود روسيا الاتحادية، في الوقت الذي تحتفل فيه كوريا الشمالية بمرور 105 أعوام على ميلاد كيم إيل سونغ، مؤسس الدولة، وجدّ الرئيس الحالي كيم جونغ أون الذي يستعرض بهذه المناسبة قوة بلاده العسكرية.

منذ السبت توجهت مئات الشاحنات العسكرية باستعراض للقوة، وبهتافات لـ “الزعيم”، وبطريقة تدعم تهديدات بيونغ يانغ للولايات المتحدة الأميركية بحسب “رويترز”.

وشددت كوريا الشمالية على أن الولايات المتحدة عليها وقف “الهستيريا العسكرية وإلا واجهت انتقامًا”.

استعرضت كوريا الشمالية صواريخها بعيدة المدى التي تمتلكها، وهنالك توقعات بإجرائها تجارب نووية جديدة، بعد تجاربها السابقة؛ ما قابله ترامب بتحذير قوي، من “تلك الأعمال الاستفزازية”، وقد توجهت بالفعل قطع بحرية أميركية، مع حاملة طائرات إلى المنطقة.

ربط كثير من المتابعين إلقاء أم القنابل في أفغانستان، في هذا التوقيت، بوصفها رسالة من إدارة ترامب ذات أبعاد، أهمها إلى كوريا الشمالية وحلفائها بضرورة التحرك لإيجاد سبل تردعها، ضمن موقف واضح لترامب، بأنه يفعل ما لا يتوقعه أحد وبلا مقدمات.

هذه الرسالة من المرجح أيضًا أنها تطرق باب إيران لتقرأها جيدًا، هي وصواريخ  “التوماهوك” الذي قُصف بها مطار الشعيرات بمحافظة حمص، بعدما قصف النظام مدينة خان شيخون بالسلاح الكيماوي.

أوضحت إدارة ترامب أكثر من مرة، أن عدوها الأساسي، ومصدر الإرهاب وراعيه في منطقة الشرق الأوسط هو إيران، وعليها أن تسحب ميليشياتها من سورية.

وكان واضحًا توافق وتناغم جميع أركان إدارة ترامب في توجيه التحذيرات نحو إيران، والتوافق على أنها الخصم الأساس، وكان هذا واضحًا من مواقف قيادة الجيش الأميركي، والاستخبارات، والخارجية، والكونغرس، وترامب نفسه.

رسائل إدارة ترامب المتعددة كانت نتائجها أكثر وضوحًا بابتعاد الصين عن استخدام “الفيتو”، إلى جانب حليفتها التقليدية روسيا الأسبوع الماضي في مجلس الأمن، ضد قرار إدانة النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي، وإنشاء لجنة تحقيق دولية، حيث عطله “الفيتو” الروسي فحسب.

تأتي أم القنابل التي قُصفت فيها مقرات وأنفاق لتنظيم “داعش” في أفغانستان، لتعيد إلى الأذهان القوة الأميركية الضاربة التي أخذ ترامب يفخر بها ويهنئ جيشه على استخدامها، وهي أكثر تعبيرًا عن نية واشنطن، باستخدام العصا الغليظة إن لزم الأمر، وهي لا تنتظر تصريحًا أمميًا، فالتوماهوك انطلق من شرقي المتوسط إلى العمق السوري، الموجودة فيه القوات الروسية والإيرانية بلا أي إذن.

أم القنابل أكبر قنبلة غير نووية استخدمت في أفغانستان؛ حيث الجوار الروسي والإيراني، أثارت عددًا من الأسئلة، من قبيل: هل يستلزم التنظيم قصفه بأم القنابل؟

بين بهلوانية بشار الأسد وضحكاته الفاقعة، وإنكاره للجرائم التي يرتكبها، وبين بهلوانية كيم جون أون، واستعراضاته العسكرية المترافقة بضحكات لا تختلف كثيرًا عن ضحكات زميله وحليفه في دمشق، يقف المرشد الإيراني متأملًا بل ومتسائلًا في قرارة نفسه: أين ستقوده بهلوانيات حسن نصر الله وعبد الملك الحوثي وأشباههم في العراق ممن ترعاهم بلاده.

تلك الأنظمة التي خرجت من سياق التطور الطبيعي لإدارة الدول، وأصبحت سلطات تنتمي إلى حقبة البهلوانيات العسكرية، تنفذ سياسات أفقرت شعوبها، وقتلت مئات الآلاف من أبنائه، وهجرت نصف سكانه بدلًا من حمايتهم كما في الحالة السورية.

فلاديمير بوتين نهل -كذلك- من دروس تلك الحقبة التي أنهكت الروس وأبعدتهم عن المشاركة الحقيقية في تقدم ونمو البشرية، وأبقتهم ضمن حيز انتاج وبيع السلاح والغاز لا أكثر.

كانت فترة الحرب الباردة التي أنهكت الاتحاد السوفياتي بعظمته المفترضة، وأدت إلى انهيار منظومة كاملة معه، أكثر من كافية للقادة الروس حاليًا؛ ليأخذوا منها العبر والدروس، لا أن يقول لافروف لوزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، إنه عليك التعلم من دروس التاريخ، ليجيبه تيلرسون أنا أعمل للمستقبل، لتغرق روسيا بجهل قراءة التاريخ، ويضطر وزير خارجيتها للكذب بخصوص السلاح الكيماوي في سورية لحماية نظام قاتل.

الكذب والاستعراض والبهلوانيات في التاريخ تقود الدول إلى تكرار نكباتها، في ظل أنظمة عددها في هذا العالم بات أقل من أصابع اليد.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]