سياسة ممنهجة من الأسد لإفشال المعارضة في إدارة إدلب.. بهذه الخطوات يسعى النظام لتحويلها إلى جحيم


شادي السيد - خاص السورية نت 

سيطرت المعارضة السورية على محافظة إدلب وطرد قوات النظام منها في نهاية مارس / آذار عام 2015، دأب نظام الأسد على اتباع سياسة ممنهجة تقضي بتدمير البنية التحتية للمحافظة والمنشآت العامة والخاصة فيها، بهدف تصوير عجز المعارضة عن إدارتها كونها الوحيدة بين المحافظات الخارجة عن سلطة النظام.

تفعيل المؤسسات العامة

مصدر مسؤول في "هيئة إدارة الخدمات" بمدينة إدلب، (رفض الكشف عن اسمه)، صرح لـ"السورية نت"، أنه منذ بداية استلام فصائل المعارضة السورية المتمثلة بغرفة عمليات "جيش الفتح"، إدارة الخدمات في بداية مايو/ أيار 2015، وضعت المعارضة خطط لإعادة تفعيل المؤسسات العامة في مدينة إدلب لتخدم باقي القرى والبلدات في المحافظة، بالتعاون والتنسيق مع المجالس المحلية المنتشرة في تلك المناطق".

وأضاف المصدر، أننا "قمنا بإنشاء وإعادة تأهيل مديرية الكهرباء والمياه والاتصالات، وفيما بعد تم تأهيل محكمة مركزية مشتركة بين الفصائل"، إضافة إلى "إعادة تأهيل مديرية المصالح العقارية، والتي كانت تعتبر من أهم المديريات في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة كونها تضمن حقوق المواطنين من عقارات وأراضي زراعي".

وتابع المصدر، أننا "وضعنا أولويات في المدينة متمثلة بتفعيل شركة الكهرباء والماء والاتصالات إلى جانب الصرف الصحي وتأمين عمل المخابز في المدينة، حيث استطعنا إعادتها للعمل وتغطية احتياجات المدينة من تلك الخدمات، إلا أن هذا الأمر لم يكن في صالح سياسة النظام والتي تقضي لإظهار فشل المعارضة في إدارة المدينة".

تدمير المنشآت الحيوية

النظام إلى جانب روسيا، أخذوا على عاتقهم القضاء على النشاط الاجتماعي داخل المحافظة وتدمير المنشآت الحيوية فيها، فلم تقتصر الغارات الجوية على مدينة إدلب فحسب وإنما شملت البلدات والمدن كافة.

المصدر ذاته في "هيئة إدارة الخدمات"، واصل حديثه لـ"السورية نت" عن ضربات النظام والطيران الروسي، حيث "طالت جميع المديريات والمؤسسات الخدمية في مركز المحافظة (مدينة إدلب)، فكان لمبنى شركة الكهرباء والمحطة في محيط المدينة إلى جانب مؤسسة المياه ومحطات الضخ النصيب الأكبر، فاستهدفها الطيران الروسي أكثر من مرة ودمر أكثر من 70% من المبنى والمعدات داخلها، إلى جانب تدمير مديرية المصالح العقارية وما ترتب عليها من ضياع لحقوق المواطنين، حيث كانت تضم معظم وثائق الملكية والمخطوطات القديمة".

وأشار المصدر إلى "قيام نظام الأسد بإيقاف خط الكهرباء الإنساني والذي كان مخصصاً للمشافي والمخابز، أكثر من مرة الأمر الذي زاد في معاناة تأمين مادة الوقود والإصلاحات المتكررة للخط نتيجة الأضرار البالغة جراء قصفه بشكل مستمر"، كما تم "تدمير مبنى هيئة إدارة الخدمات (مجلس المدينة سابقاً)".

واختتم حديثه، أنه "بالرغم من محاولات النظام الحثيثة لمنع دورة الحياة في المدينة إلا أن هذا الأمر لن يتم، وبالرغم من جميع الظروف القاسية التي واجهتنا إلا أننا لازلنا نسير الخدمات الضرورية من صرف صحي ومياه وشبكة اتصالات أرضية إلى جانب تأمين مادة الخبز، بعد استهدف الفرن الآلي الرئيسي بالمدينة، وحالياً نقوم بالاستعانة من الأفران في باقي بلدات المحافظة إدلب لسد النقص في المدينة كونها تشهد حركة نزوح و اكتظاظ سكاني من أبناء المحافظة والمهجرين على يد النظام من باقي المحافظات السورية".

العملية التعليمية

وعن سير العملية التعليمية داخل المدينة، قال بشار الباشا أحد العاملين في "المجمع التربوي" بإدلب إنها "هي الأخرى نالت نصيبها من إجرام آلة القتل الأسدية فلم يدخر النظام جهوده في قصف المدارس، حيث تعرضت أكثر من مدرسة في المدينة للقصف والتدمير إلى جانب جامعة إدلب، هي الأخرى نالت نصيبها من الدمار".

ويضيف الباشا، أنه إلى جانب الدمار الذي لحق بالمدارس، اعتمد النظام سياسة طرد المعلمين من أبناء المدينة وإيقاف رواتبهم الشهرية بهدف الضغط عليهم وإيقاف سير العملية التعليمية، ولم يقتصر على ذلك فحسب، بل تم إلقاء القبض على عدد منهم وزجهم بالسجون عن طريق الحواجز المحيطة بمدينة حماة خلال تنقلهم بين إدلب وحماة، الأمر الذي سبب خوف لدى بعضهم واستمرار معظمهم بالعملية التعليمية إما بشكل تطوعي أو دعم محدود عن طريق التبرعات ومنظمات داعمة، إلى أن تم اعتماد جزء كبير منهم عن طريق دفع رواتبهم من الحكومة المؤقتة التابعة للمعارضة السورية".

استهداف المشافي

لم تقتصر الضربات الروسية وغارات النظام على المنشآت سابقة الذكر، بل طالت المشافي والنقاط الطبية في المدينة وأخرجت معظمها عن الخدمة، سعياً منها لزيادة معاناة الأهالي ومنع العناية الطبية عنهم.

عبد الباسط السيد، ممرض يعمل في أحد النقاط الطبية بإدلب، قال لـ"السورية نت"، إن "طائرات النظام والمقاتلات الروسية دأبت على استهداف المشافي وتدميرها واستطاعت إخراج معظمها عن الخدمة منذ سيطرة المعارضة على المدينة".

وأضاف السيد، أن "الطائرات قصفت المشفى الوطني أكبر مشافي المدينة إلى جانب مشفى ابن سينا ومبنى الكارلتون والذي أعد كنقطة طبية للهلال الأحمر السوري، كما قصف مشفى الأطفال ومشفى ميداني آخر ضمن المدينة".

ونوه السيد إلى أن "الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمشافي أدت لخروج معظمها ومتابعة بعضها بشكل جزئي نظراً للحاجة الماسة للنقاط الطبية في ظل استمرار الآلة العسكرية لنظام الأسد وروسيا بقصف المدنيين".

ويتابع السيد إلى أن "مديرية الصحة التابعة للحكومة المؤقتة، نجحت إلى حد كبير في تقديم خدماتها الطبية بالرغم من الظروف القاسية التي تمر بها، من خلال تقديم اللقاحات وتهيئة غرف عمليات، تقدم خدماتها لآلاف المواطنين".

العمل التطوعي

وفي سياق آخر، يرى رئيس مجلس "إدارة مدينة إدلب" المهندس اسماعيل عنداني، في تصريح لـ"السورية نت"، عن سياسة النظام على إفشال المعارضة، في إدارة المدينة، أننا "كحراك مدني متمثلاً بمجلس إدارة المدينة والهيئات غير الرسمية كالبيت الإدلبي وغيره، نسعى بشكل دائم لتأمين الحاجيات الضرورية للأهالي عن طريق التعاون مع المنظمات الداعمة، إلى جانب الأعمال التطوعية، من خلال المساهمة في خدمات النظافة وتنظيم عمل الأسواق وعمليات التشجير وترحيل الركام جراء القصف المستمر".

وأشار عنداني أننا "نسعى مع المنظمات والهيئات الداعمة للتخفيف من النقص في الخدمات، لكن الدعم محدود وبطيء وربما يرتبط بأجندات الداعمين، وحتى عندما يصل يكون قد فقد جزء كبير من فعاليته بسبب تغير المعطيات على الأرض".

الأسواق العامة

من جهته يرى محمد خير أحد أصحاب المحال التجارية بإدلب أنه خير دليل على تحدي الأسد، هو مواصلة الأهالي نشاطاتهم التجارية وحياتهم الاجتماعية رغم الظروف كافة، في الأسواق مستمرة في نشاطها التجاري والطيران يواصل ضرباته على إدلب"، ويضيف سابقاً تم قصف سوق المدينة الرئيسي أكثر من مرة وسقط عشرات الشهداء والجرحى، ساعات قليلة وعند مرورك داخله كأن شيئاً لم يحدث، الناس لم تعد تأبه.. الحياة ستستمر".

آثر سلبي للمعارضة

وإلى جانب دور النظام كان للخلاف بين فصائل غرفة عمليات "جيش الفتح" أثر سلبي على سير عمل الخدمات في المدينة وتجلى هذا الخلاف في منع عدد من الجهات الخدمية من مؤسسات المجتمع المدني (مجالس محلية، منظمات مجتمع مدني) أن يكون لها دوراً في إدارة المنشآت الخدمية، ماتسبب في كثير من الأحيان في تعطيل إدارة شؤون المدنيين في إدلب.

يشار أن محافظة إدلب و مركز المدينة كانت وجهة لآلاف المهجرين من أبناء المحافظات السورية، الذين تم تهجيرهم قسراً على يد النظام وميليشيا "حزب الله" اللبناني، إلى جانب النازحين من قرى المحافظة القريبة من خطوط التماس مع النظام.

وتزداد الأعباء على القائمين عليها، في ظل مواصلة النظام لحملته العسكرية على المحافظة وتجنب الكثير من المنظمات الدولية في تنفيذ مشاريع تنموية إما بسبب الحالة الأمنية أو لأجندات معينة تخدم سياستها.  




المصدر