هل تستطيع الزراعة المحلية تحقيق اكتفاءٍ ذاتيٍ لأهالي الغوطة الشرقية؟


محمد كساح: المصدر

“الخير كله في الغوطة، لا تحزنوا… بكرة الله بفرجها”، هذا ما كتبه أحد السوريين تعليقاً على صورة نشرها نشطاء يظهر فيها أحد تجار الخضراوات في الغوطة الشرقية في صورتين لمحله قبل وبعد الحصار.

المفارقة هنا باتت في نوعية البضاعة المعروضة، فقبل الحصار كانت أصناف الفاكهة والخضراوات متواجدة بوفرة، لكن الآن وفي ظل حصار بدأ يشتد على 400 ألف نسمة لا يجد ابن الغوطة سوى بعض الخضراوات التي تنتجها أرض المنطقة ليشتريها ويحمد الله على وجود شيء يؤكل، في حين علق أحد المتابعين على الصورة واصفاً إياها بـ “المضحك المبكي”، فالحصار عاد من جديد ولا أمل سوى بما تنتجه الأرض من خيرات.

ويقول نشطاء إن الاعتماد الآن في الوجبات الغذائية أضحى متلازماً مع ما ينتجه الفلاحون من محاصيل.

ولم تغلق المحلات التجارية أبوابها وإنما تغيرت نوعية البضاعة، هنا في أسواق الغوطة لن تجد الموز والتفاح والبندورة والباذنجان، فأوراق الثوم وجرز البقدونس والبصل وكميات كبيرة من الفول والبازلاء حلت محل البضاعة السابقة.

الناشط “معاذ أبو عمر” قدم لائحة بالأسعار “كيلو البازلاء 600 ليرة، الفول 300، الثوم 650، البصل 450، الخسة الواحدة 100 ليرة سورية”.

وقال أبو عمر لـ (المصدر): “المنتوجات المحلية متوفرة في جميع محلات الغوطة، فقد أضحت المصدر الرئيسي لغذاء الناس”.

وفقاً للمنتدى الاقتصادي السوري، تقدر المساحة المزروعة من أراضي الغوطة بـ 110 كم مربع من مساحة إجمالية للغوطة المحررة، وهي 185 كم مربع. لكن نشطاء يقولون إن هذه المساحة تقلصت بعد سيطرة قوات النظام على مساحات شاسعة من أراضي الغوطة خلال العامين السابقين.

وقال الناشط “خالد الرفاعي” لـ (المصدر)، إن المساحة الزراعية انحسرت بعد سيطرة قوات النظام على المناطق الزراعية شرقي الغوطة، وهي المناطق المعتمد عليها في المحاصيل الزراعية.

وأضاف الرفاعي “اليوم انحصر الناتج الزراعي على الزراعات المنزلية وزراعة المزارع الصغيرة التي لا تكفي سوى المزارع وعائلته”.

وتابع “90 في المئة من أهالي الغوطة الشرقية تحت خط الفقر، ولا يتجاوز متوسط دخل الأسرة 500 ليرة سورية، في حين ربطة الخبز بـ 900 ليرة، لذلك فإن أرخص المعروض في الأسواق هي الخضراوات المحلية، (خس، خبيزة، سلق، سبانخ)، وأغلب الأهالي تستخدم هذه المواد بشكل شبه يومي”.

في المقابل تواجه الزراعة المحلية في الغوطة الشرقية صعوبات كبيرة أهمها مسألة سقاية المزروعات، وألمح الرفاعي إلى أن ارتفاع أسعار المحروقات بشكل كبير جداً يقف عائقاً أمام إحراز تقدم ملموس في الزراعة.

وقال الرفاعي “يبلغ ثمن اللتر الواحد من مادة المازوت المستخدم في تشغيل مضخات المياه 2700 ليرة، بالإضافة لقلة الكميات الموجودة”، وتابع “عدد كبير من المناطق الزراعية لا تصلها مياه الصرف الصحي الذي أصبح المصدر الرئيسي للمزارعين من أجل سقاية أراضيهم”.

وتوقع الرفاعي عدم اكتفاء الغوطة من الناتج الصيفي الذي بدأ الأهالي بزراعته اليوم. ولفت إلى أن “المحصول الصيفي المتوقع لا يكفي الكم الاستهلاكي لسكان الغوطة الشرقية المحاصرين، لذلك من المتوقع ارتفاع أسعار الناتج بسبب أن كمية الطلب ستفوق كمية العرض”.

وأردف بالقول “منذ عامين تقريباً، وقبل أن تسيطر قوات النظام على القطاع الجنوبي وبعض المناطق الزراعية شرقي الغوطة الشرقية، كان يتوفر محصول جيد يكفي للاستهلاك داخل الغوطة الشرقية”.





المصدر