‘خالد الحروب: “المثقف المشتبك” هو المثقف الحقيقي في لحظة الصدام مع أي نظام متوحش’
28 نيسان (أبريل - أفريل)، 2017
أوس يعقوب
[ad_1]
- الذين يعارضون الثورات العربية يقفون في صف المستنقع واستدامة الأسن
يؤكد الأكاديمي الفلسطيني الدكتور خالد الحروب، المقيم في بريطانيا، ويترأس مشروع (كامبردج للإعلام العربي)، في كلية الدراسات الآسيوية والشرق أوسطية، بجامعة “كامبردج” في المملكة المتحدة، أن الثورة في سورية وليبيا تعرضت لكل أنواع القوى المضادة للثورة والمناصرة للاستبداد.
وفي حواره مع شبكة (جيرون) الإعلامية، يرى د.الحروب، أن إسقاط أي دكتاتورية في أي مكان في العالم هو وظيفة الثورة، وهي مهمة أكبر بكثير من قدرة أي مثقف أو كاتب.
وفي التفاصيل، يحدثنا صاحب كتاب “في مديح الثورة” عن دور (المثقّف الثوريّ) في المرحلة الراهنة، وعن نموذج (المثقّف المشتبك) الذي قدمه لنا الشهيد الفلسطيني الشابّ باسل الأعرج.
الشهيد الشابّ باسل الأعرج، الفدائيّ والمثقّف الثوريّ الذي اغتاله جيشُ الاحتلال الإسرائيلي، في مدينة البيرة المُحتلّة، اكتشف، في لحظة وعيٍ فارقةٍ لمعتْ في رأسه، فكرةً عميقةً تتلخّص في كلمةٍ مهمّةٍ واحدة هي: (الاشتباك)، ليضعنا أمام مواجهة مصطلح جديد هو (المثقّف المشتبك). ما هي قراءتك الفكرية لهذا الحدث؟
- حالة باسل الأعرج حالة متألقة من الثورية التي تمردت على البشاعة والاستسلام العارم، وهي حالة تجعلنا نشعر -جميعًا- بالخجل، إن لم أقل العار. الاشتباك مع الاحتلال، أي مقاومته طوال الوقت بكافة الوسائل، هي الحقيقة الوحيدة التي يمكن احترامها في ظرف احتلالي كولونيالي. و”المثقف المشتبك” هو المثقف الحقيقي في لحظة الصدام مع أي نظام متوحش وباطش، سواء كان كولونياليًا مُستعرًا، أو نظامًا استبداديًا باطشًا. ما يتوفر عليه “المثقف” من تنظير ورؤى -حتى لو كانت في الحد المعرفي الأدنى- يجب أن يؤهله للوقوف على نقطة ومنطقة الاشتباك، وتعميق الوعي بها ونشره، قولًا وفعلًا وممارسة، وهذا ما قام به باسل الأعرج. وفي الحالة الفلسطينية قدم باسل نموذجًا وبديلًا لكثير من السجال والنقاش حول موقف المثقف من المشروع الصهيوني الاستيطاني ودوره ومكانته؛ وكذا من السلطة الفلسطينية التي تماهت مع هذا المشروع.
ما موقفك مما يحدث في فلسطين اليوم؟ وهل تتوقع حدوث ربيع فلسطيني (انتفاضة ثالثة) ضد سلطة الأمر الواقع في رام الله، وفي الآن ذاته ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، في ظل النزاع الداخلي الذي يعيشه الشارع الفلسطينيّ؛ بين قناعته بسوء حاله، وضرورةِ تغييرها، ومدى قدرته على فعل ذلك؟
- ما نراه في فلسطين، في هذه اللحظة، هو حالة في منتهى السوريالية السياسية بالغة البشاعة والقهر. لم يحدث في تاريخ الاحتلالات العسكرية، سواء في العصر الكولونيالي الحديث أو البعيد، أن نجح المُحتل في تحويل شرائح فاعلة من الشعب الواقع تحت الاحتلال، إلى أدوات تحمي الاحتلال نفسه وتسهر على أمنه، على حساب شعبها وناسها. السلطة الفلسطينية كان من المُفترض أن تنتهي سنة 1999، بعد انتهاء المرحلة الانتقالية من اتفاق أوسلو، لكنها استمرت حتى الآن ولم يستمر أي شيء غيرها، وسبب استمرارها هو قناعة إسرائيل الراسخة ليس بالوظيفة الأمنية التي تقوم بها السلطة والتي تصب في مصلحة إسرائيل فحسب، بل –أيضًا- في توفير غطاء سياسي يتيح ترسيخ النظام العنصري الصهيوني الذي يمارس، على الفلسطينين، الأمر الذي فصّله بدقة التقريرُ الأخير للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية، لغربي آسيا (الإسكوا)، حول عنصرية إسرائيل المتجذرة. في ظل وجود هذه السلطة -خلال ربع القرن الماضي- تفاقمت كل أشكال السيطرة والاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية والتجزئة الرهيبة. بداية التغيير تبدأ من نقطة إعادة النظر في السلطة جذريًا، والتخلي عنها وإعادة ملف فلسطين إلى الأمم المتحدة كما بدأ منذ قرار التقسيم وقبله. متى تحدث نقطة الانفجار وكيف وضد من. لا أحد يعرف على وجه التحديد، لكن المؤكد أن استمرار الوضع القائم بات شبه مستحيل.
مهمة المثقف وأدواره
تتحدث في مقالة لك عن “المثقف القلق” ضد “مثقف اليقين” و”مثقف القبيلة”، وترى أن “تحول مفهوم المثقف وأدواره في العصر الحديث تأثر كثيرًا بالرؤية الماركسية التي تفرق بين الفيلسوف الذي ينظّر لفهم العالم، والمفكر الذي يهدف إلى تغيير العالم، هل تعدّ مهمة المثقف هي تغيير العالم وليس فهمه فحسب”؟
- في أحايين كثيرة تتداخل المفاهيم وتختلط، بخاصة عندما نتحدث عن المشروعات والرؤى الكبرى التي تحفل بمصائر البشر وقضايا جذرية؛ مثل العدل ودحر الظلم والمساواة بين الناس. وإحدى مساحات التداخل النظري في أزمنة تاريخية ومتطاولة، تعلقت -دائمًا- بدور الفكر والفلسفة في التغيير، وعلاقة المفكر والفيلسوف بالفكر واليوتوبيا من جهة، وبالتاريخ المتغير والمنفعل مع الواقع من جهة أخرى. من هنا جاءت الرؤية الماركسية بمقاربةٍ، حسمت كثيرًا من التداخل، وأعادت موضعة الأدوار والفاعلين؛ عندما أناطت بالمثقف مهمة التغيير، وليس مهمة الفهم والتأمل التي يقوم به الفيلسوف أو المفكر. وهي مهمة متقدمة وفاعلة، لأنه، وإن كان قد يتوافق مع الفيلسوف في توصيف الوضع القائم (الفاسد، أو غير العادل مثلًا)، وفهم جذور اعتلالاته، فإنه يفترق عنه باندفاعه نحو الرفض العملي والفاعل لهذا الواقع، ومحاولة تغييره. ومن هنا طوّر أنطونيو غرامشي -في ثلاثينيات القرن الماضي وفي سياق سنوات سجنه ونضالاته ضد الفاشية الإيطالية- مفهوم “المثقف العضوي” الملتزم بقضايا الطبقات المسحوقة والملتزم بمواجهة السلطة والاستبداد. ومن هذا المفهوم تناسلت تعريفات وتحولات مختلفة للمثقف.
هل ترى أن المثقّف الفلسطيني استطاع أن يقدم قضيته بالشكل المطلوب؟ وهل يمكننا الحديث عن “ثقافة فلسطينية” بمفهومها العام؟
- لا أميل إلى التعميم عند مقاربة بعض الموضوعات، كالتي يتضمنها النصف الأول من السؤال، لأن الإجابة عليها من الصعب أن تكون بالنفي المطلق أو الإيجاب المطلق. هناك مثقفون فلسطينيون تصدوا لأهم القضايا الوطنية والاجتماعية التي فرضها عليهم الواقع الاحتلالي، وقدموا القضية وقدموا لها الكثير؛ بما في ذلك أرواحهم. وهناك مثقفون آخرون اختاروا الهامش أو الانزواء أو التهرب. وربما ثمة شريحة ثالثة وقعت ضحية الارتباك والحيرة، المولدان للعجز، على الرغم من وجود الرغبة بالانفعال مع القضية، وما تطرحها من تحديات واشتراطات بالمشاركة والعمل. لكن علينا أن نشير دائمًا -وبفخر- إلى قائمة طويلة من الشهداء المثقفين الذي صاروا رموزًا في الثقافة الفلسطينية المقاومة، وآخرهم باسل الأعرج. في الوقت نفسه، علينا الإقرار -أيضًا- بأن مواجهة المشروع الصهيوني في فلسطين، كانت -ولا تزال- أكبر بكثير من قدرة المثقف الفلسطيني، بالمعنى الضيق، أو أي مجموعة مثقفين حتى لو كانوا عالميين. نحن أمام مشروع كولونيالي رعته القوى العظمى طوال أكثر من قرن من الزمن، والفلسطينيون ومثقفوهم، لم يواجهوا “عصابات صهيونية” متفرقة، بل مشروعًا غربيًا متكاملًا متقدمًا عليهم، علميًا وحداثيًا، وما زال هذا المشروع يدعم الصهيونية بكل قوته، وما زال يحافظ على ميلان ميزان قوى فادح لصالحه بسبب ذلك الدعم الغربي. أقول ذلك حتى لا نُستدرج إلى مربعات الجلد الذاتي، غير المبرر في كثير من الأحيان.
أما بالنسبة إلى الثقافة الفلسطينية فهي موجودة وقائمة وفاعلة. وفي نظري أرى أنها، في العصر الحديث، تجذرت -عضويًا وعفويًا- على قاعدة المقاومة: مقاومة المشروع الكولونيالي بتحولاته المختلفة، من الاستعمار البريطاني إلى الصهيوني. ولا أقصد القول إنها لم تكن موجودة قبل ذلك، لكن أقول إنها عبرت عن ذاتها وأعادت إنتاج نفسها في سياق مقاومي رافض. في حقبة أوسلو سيئة الصيت، أحدثت ارتباكات واضحة في جوانب من الثقافة الفلسطينية بسبب عداء أوسلو لفكرة المقاومة، وبالتالي اعترى هذه الثقافة بعض السلبيات، خاصة من جهة العلاقة بالسلطة والمال وغير ذلك. لكن معظم هذه السلبيات مرتبط بالاختلال والنظام الأوسلوي وتشوهاته.
ما هو مفهوم الثقافة الوطنية في ظل ما نشهده من عولمة ومتغيرات؟ وكيف ترى دور الثقافة في الحفاظ على الهوية الفلسطينية، في ظل واقع جغرافي ممزق (الداخل المحتل، الضفة الغربية، غزة)، إضافة إلى الشتات في البلاد العربية والمنافي البعيدة؟
- ابتداءً، يمكن القول إن هناك ثلاثة مكونات ثقافية في عالمنا اليوم، تتآلف في تشكيل وبلورة الثقافات الوطنية، حيثما كانت: مكونات وطنية ذات خصوصية وطابع محلي، ومكونات كوزموبوليتانية إنسانوية متوافق عليها، تمثل القيم والمشتركات الإنسانية مع الثقافات الاخرى أينما كانت، مثل قيم العدل والنبل والشجاعة والحرية، وهناك مكونات إكراهية تفرضها -بشكل مباشر أو غير مباشر- الثقافة الغالبة في اللحظة المعنية التي يمر بها البشر. في زمن العالم الراهن هذه الثقافة هي الثقافة الغربية، وهي غالبة ومتغلبة لأسباب واضحة. ولا أقول إن كل مكونات هذه الثقافة مرفوضة وإكراهية، بل بعضها، لأن مكونات أخرى من هذه الثقافة، أو الثقافات بالأحرى، ينتسب أو يقترب من المكون الكوزموبوليتاني. بناء على ذلك وفي تناول سؤالك مباشرة، أكرر أولًا عدم ميلي إلى نحت تعريفات تعميمية، تحاول وصف كل الحالات في كل الظروف. وبعد ذلك يمكن موضعة كل ثقافة وطنية في موقع خاص بها إزاء المكونات المحلية، والكوزموبوليتانية، والإكراهية، وتأمل دينامية تعاملها مع هذه المكونات، بحسب خصوصية ظرفها التاريخي، وأجندة القضايا الضاغطة عليها في ذلك الظرف. موقع ومفهوم واستجابة الثقافة الوطنية الخاصة بمجتمع وبلد مستقل ومستقر ولا يواجه تهديدات -مثلًا- تختلف عن موقع ومفهوم واستجابة ثقافة وطنية لمجتمع وبلد لم يستقل، وما زال خاضعًا للاحتلال ويواجه تهديدات وجودية. وما هو مطلوب ومتوقع من هذه الثقافة يختلف عما هو مطلوب ومتوقع من الثقافة الأولى، وهكذا. باختصار، الظرف والسياق المُشكل هو الذي يحدد المفاهيم والأدوار، وليس التنظير التجريدي.
وظيفة الثورة إسقاط الدكتاتورية
يرى البعض أن دور الكتّاب والمثقّفين في التحديات السياسية التي تمر بها المنطقة العربية كان سلبيًا، مشيرين إلى أن دورهم جاء استجابة لثورة الشباب العربي؛ برأيك ماهي أسباب غياب الدور الفاعل للمثقّفين العرب في أحداث الأمة الجسام؟ وكيف تفسر أن الشباب العربي سبق المثقّفين والأحزاب بمسافات ضوئية، في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي؟
- لا نستطيع أن نضع “الكتّاب والمثقّفين” في سلة واحدة، ثم نصدر عليهم أو على أدوارهم حكمًا قاطعًا جامعًا، يقول إنهم كانوا سلبيين، أو أن دورهم كان سلبيًا. هناك من ينطبق عليهم هذا الحكم، وهناك من كان دورهم إيجابيًا وقياديًا، ومن شارك في ثورات الربيع العربي، وكان مساهمًا فيها بشكل أو بآخر. لكن هذه الثورات فاجأت الجميع بمن فيهم الكتّاب والمثقّفين، ولم يتوقع أحد انفجارها وتبلورها السريع في أكثر من بلد عربي، وإسقاطها عددًا من أكثر الدكتاتوريات العربية رسوخًا. إسقاط أي دكتاتورية في أي مكان في العالم، هو وظيفة الثورة، وهي مهمة أكبر بكثير من قدرة أي مثقف أو كاتب. المثقف ليس كائنًا أسطوريًا يمكنه القيام بالمعجزات، بل هو فرد عادي يمتلك رؤية للتغيير، ويحاول نشر الوعي بها. ليس لديه أدوات غير الفكرة والكتابة، ثم التبشير بما يرى، ومشاركة القوى الفاعلة مشروع التغيير. المثقفون والكتاب السلبيون هم مثقفو “القبيلة” أي أولئك الذين يقفون في صف الاستبداد والدكتاتوريات، أو في صف الأيديولوجيات الصلدة التي لا تقبل الآخر، وتريد قولبة المجتمعات والثقافات وفق ما تراه من رؤى أحادية. والمثقفون والكتاب السلبيون في ثورات الربيع العربي هم -برأيي- مثقفو التسويغ والتبرير، وهؤلاء، إما افتقدوا بعد النظر التاريخي الذي يموضع الثورات العربية في سياقات زمنية وتاريخية أوسع، لها علاقة بالنهضة المستقبلية، أو أنهم اتسموا بالجبن الفكري وتفضيل ما هو معروف وقائم على ما هو مجهول وغير قائم، أو أنهم انحازوا للمصلحة الأنانية والاعتياش والارتزاق على ما تمنحهم إياه الأنظمة القائمة.
كيف يمكننا فهم مقولة أنّ “دور المثقّف مرتبط بالظروف الذاتية والموضوعية التي أتيح له من خلالها، أن يؤدي دوره، مجتازًا كافة أشكال المعوقات، من تهميش وقمع وغياب المنابر القادرة على توصيل صوته إلى الوجدان الشعبي”. هل تتفق مع هذا الرأي؟ وكيف يمكن للمثقف أن “يجتاز كل أنواع المعوقات”؟
- هذه المقولة تميل إلى المثالية وتصور المثقف -أيضًا- وكأنه كائن خارق للعادة، بإمكانه اجتراح المعجزات. علينا أن نتذكر أن أكبر مثقف أو فيلسوف في العالم لا يتحمل رصاصة واحدة في رأسه، يطلقها عليه موظف أمن أرعن. سقراط الفيلسوف الأكبر، ناوله السمَّ فرد من النظام القائم لم نعرف اسمه. المثقف شخص عادي عنده عائلة في غالب الأحيان وأطفاله يحتاجون إلى رعاية ومدارس، وبيته يحتاج إلى مورد مالي، كي يواجه تحديات الحد الأدنى من الحياة، وهو يواجه الضغوط الحياتية التي يواجهها بقية الناس. أحيانًا، يصبح تميز المثقف بالأفكار وبرؤية طليعية، عبئًا عليه، أمام الوجدان الشعبي والرأي العام الذي يطالبه بإنجاز مهمات ضخمة، خارجة عن قدرته الفردية. المهم هنا هو ألا يخون المثقف موقفه وفكره وألا يتحالف مع الاستبداد. وفي مواجهته مع الاستبداد بإمكانه أن يرفض ويثور، أو أن يهادن ويتحالف ويخون، أو أن يلتزم الصمت، وصمته هنا هو أقل القليل.
بعد كل ما عاينته من أحداث ولا سيما في السنوات الست الأخيرة، نسأل: هل فشلت ثورات الربيع العربي؟ ولماذا؟ وماهي رؤيتك لمستقبل المنطقة؟
- للإجابة على هذا السؤال علينا أن نسأل ما الذي حاولت الثورات العربية أن تنجزه؟ وماذا كانت شعاراتها؟ لقد طالبت بإسقاط الاستبداد وبتحقيق الكرامة والحرية والخبز للناس. وهذه أكثر المطالب عدالة في تاريخ البشر. في بعض الحالات مثل تونس ومصر، أسقطت الاستبداد، على الرغم من أنه عاد من النافذة، في حالة مصر. وفي سورية وليبيا تعرضت هذه الثورات لكل أنواع القوى المضادة للثورة، والمناصرة للاستبداد أو للوضع القائم. المهم في هذه المرحلة من الثورات أنها قامت، وبرأيي أنها الجولة الأولى من مصارعة ومغالبة الاستبداد والفساد، في منطقتنا العربية. وليس أدق من مقولة الكواكبي في أن “الاستبداد هو أصل كل فساد”. لا يمكن أن تستمر سيادة الاثنين: الفساد والاستبداد في المجتمعات العربية إلى الأبد، لأن ذلك ضد طبيعة البشر، ولأن القبول بالاثنين معناه التخلي عن إنسانيتنا. في كتابي «في مديح الثورة» شبهت الوضع العربي، في حقبة الاستقلال الوطني الذي اتسم بسيطرة الاستبداد والفساد، بالمستنقع الآسن الذي يوحي خارجه بالاستقرار؛ استقرار المستنقعات، وشبهت الثورات العربية بالنهر الجاري المندفع الذي ضرب هذه المستنقعات، وأخرج كل العفن المتراكم في داخلها، إلى السطح وتحت الشمس. نحتاج إلى ضربات أخرى من النهر المندفع، كي يخرج ما تبقى من عفن ويتآكل تحت حرارة الشمس، ثم يندثر المستنقع إلى الأبد.
جدير بالذكر أن الدكتور خالد الحروب، نشر العديد من الدراسات والكتب عن الإسلام السياسي والأيديولوجيا والديموقراطية والعولمة بالإنجليزية والعربية، وترجم بعضها إلى لغات أخرى.
[ad_1] [ad_2] [sociallocker]
[/sociallocker]