يقضون أوقاتهم باللعب أو متابعة وسائل التواصل.. شباب سوريون حرمتهم سنوات الحرب من التعليم والعمل


حُرم شباب ريف حمص الشمالي بعد ست سنوات من الحرب والحصار من التعليم وتعلم مهن حرفية تؤمن مستقبلهم وتنمي خبراتهم. وبذلك أصبح هناك في المجتمع شريحة من الشباب غير فاعلة لسنوات قادمة.

وبالرغم من المحاولات البسيطة التي قامت بها بعض المنظمات لاستدراك ذلك، من خلال مشاريع خجولة لتدريب الشباب على المهن الحرفية، إلا أن النقص كبير، والمحرومون من التعليم والتدريب أكثر بكثير من الذين استطاعوا الحصول عليه.

محمد عبد الوهاب شاب في الـ20 من عمره تحدث لـ"السورية نت" عن واقعه كأحد الشباب الذين لم يستطيعوا الدراسة ولا العمل بسبب ظروف الحرب والحصار.

وذكر الشاب أنه عند انطلاق الثورة السورية كان يتجهز لتقديم شهادة التعليم الأساسي قبل أن تغلق المدارس ومرت بعدها أربع سنوات حتى  بدأت المعارضة بافتتاح مؤسسات تعليمة، وهو الآن يريد أن يتقدم لامتحان شهادة التعليم الأساسي ليتابع دراسته، ولا يستطيع ذلك.

ويقول إنه حاول أن يعود إلى مدارس النظام في مناطقه ولكنه لم يستطع بسبب قوانين تلك المدارس أيضاً والتي تتعلق بتحديد سن معين للدراسة، هذا فضلاً عن خوفه من الاعتقال من قبل قوات النظام والسوق لخدمة العلم.

ويقول محمد إنه منذ خمس سنوات وحتى الآن يمضي نهاره، في حال توقف القصف هو ورفاقه في لعب كرة القدم، ويمضي ليله ساهراً مع أصدقائه، أو في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، دون أن يستطيع القيام بأي عمل مفيد.

كثير من الشباب وخاصة مواليد 1997 وما دون هذا، حرموا من فرصتي التعليم والعمل، بسبب تدمير المدارس وشح فرص العمل نتيجة الحصار والأوضاع الاقتصادية بالمنطقة.

وبحسب الأستاذ عبد الرحمن الضيخ وهو مدرس لغة عربية وموجه تربوي يعمل حالياً في مدارس المعارضة كان سابقاً يعمل في مديرية التربية التابعة للنظام، فقد أكد أن الشباب من هذه الأعمار حرموا من فرصة التعليم بداية لأن الفترة التي توجبت أن يقدموا خلالها امتحانات شهادة التعليم الأساسي كانت فترة معارك.

ويضيف: "شهدت المدن الرئيسية في ريف حمص، تلبيسة والرستن، سنوات من الحرب المستمرة حتى استطاعت المعارضة السيطرة عليها، وهو ما منع توفر مناخ استقرار لإنشاء مؤسسات تعليمية تستوعبهم".

وأشار الضيخ أنه بعد 3 سنوات من سيطرة المعارضة على ريف حمص الشمالي أصبح "لدينا مديرية للتربية الحرة، تقوم بإعداد امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية، بالإضافة لإشرافها على مدارس ومعاهد وكليات أيضاً ضمن فرع جامعة حلب الحرة والتي يوجد مقر لها في ريف حمص الشمالي".

وجواباً على سؤال ولماذا لم تستوعب هذه المؤسسات هذا الجيل من الشباب فبيّن الضيخ أن السكان حتى الآن مازالت ثقتهم قليلة في هذه المؤسسات، فهي انطلقت بشكل عشوائي ولم تكن على مستوى تعليمي يرضى عنه الأهل، ولذلك امتنعوا عن إرسال أبنائهم إلى هذه المؤسسات خاصة وأن الشهادة الممنوحة منها كانت غير معترف بها في أي محافل محلية أو عربية أو دولية أخرى.

وأوضح الضيخ أن هذا تغير الآن، وخاصة بعد تطور عمل هذه المؤسسات لكن الجيل من الشباب والذين صارت أعمارهم 17 وحتى 21 سنة قد حرموا فرصة الدراسة وذلك بسبب قوانين هذه المؤسسات والتي تحدد أعماراً معينة لقبول الشهادات أو التسجيل في المدارس.

ويذكر الأستاذ الضيخ حادثة جرت في عام 2014، حيث كان هناك تحديث في قوانين مديرية التربية الحرة التي أنشأتها المعارضة خاصة فيما يتعلق بأعمار من يحق له التقديم إلى امتحان شهادة التعليم الثانوي، وحينها حدد سن المقبولين بمواليد 1994 والحد الأدنى لقبول الدخول في الجامعة الحرة بموجب هذه الشهادة هو 1993 وبذلك كان هناك مجموعة من الشباب حصلوا على شهادة ثانوية عامة من الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ولم يستطيعوا التسجيل في جامعات وكليات الإئتلاف.

وهذه أحد الأمثلة عن تخبط المؤسسات التعليمة، نظراً لتنوع المشاكل في المجتمع وعدم القدرة على ايجاد قوانين تشمل الجميع بسبب الواقع الذي وصل إليه الشباب.

مشاريع صغيرة

التخبط في المجال التعليمي لا يقل سوءاً عن الوضع في مجال العمل فبالإضافة إلى انعدام فرص العمل بسبب واقع الحرب الذي أثّر على الوضع الاقتصادي للمنطقة وتدمير البنية التحتية، هناك إهمال من المنظمات الإغاثية التي لم تهتم بتعليم هذا الجيل حرفة أو صنعة تساعدهم في حياتهم ومستقبلهم.

ومنذ انطلاق الثورة السورية لم يكن هناك سوى مشروع وحيد من نوعه يستهدف هؤلاء الشباب ويعلمهم مهناً وحرفاً يستفيدون منها نفذته منظمة إحسان للإغاثة والتنمية مؤخراً.

وقد التقينا الأستاذ أيمن أبو هشام مدير المشروع وتحدث لـ"السورية نت" قائلاً: "إن المشروع يعلم الشباب مهناً مثل الحلاقة والتصوير وبعض أنوع صيانة السيارات والحاسوب واللغة الإنكليزية، والدهان وحرف أخرى"

وأضاف أن "الغاية من المشروع هو تعليم الشباب حرفة تمكنهم من العمل، إذا توفر رأس مال صغير، وستكون مفيدة في المستقبل حيث يمكن للشاب البدء بعمل يعيله هو وأسرته".

الجدير بالذكر أن المركز يدرب 350 شاباً وشابة، على مهن مختلفة، ومدة دوراته ستة أشهر.




المصدر