ترقُّب لعملية تركيّة باتجاه الرقة.. والغوطة مشغولة باقتتال “الإخوة”

3 مايو، 2017

واصلت “قوات سوريا الديمقراطية” المعروفة بـ”قسد”، تقدمها داخل مدينة الطبقة الواقعة غربي محافظة الرقة وسط قصف لطيران التحالف الدولي وحشود تركية على الحدود السورية تنذر باحتمال اقتحام تركي لمنطقة تل أبيض في الطريق إلى الرقة.

وعلى صعيد آخر، حصد الاقتتال بين فصائل الغوطة الشرقية بريف دمشق أرواح العشرات من عسكريين ومدنيين وسط مخاوف من استغلال قوات النظام لهذه الظروف من أجل تحقيق مزيد من التقدم في الغوطة وشرقي دمشق كما حصل في ظروف مشابهة العام الماضي.

وأعلنت “قوات سورية الديمقراطية” سيطرتها على أحياء جديدة في مدينة الطبقة بعد معارك مع تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وعلى الطريق الواصل بين مدينتي الرقة والطبقة، وبحسب تصريحات مسؤولين عسكريين في الميليشيا الكردية فإنها سيطرت حتى الآن على نحو نصف المدينة، وجاء هذا التقدم وسط دعم جوي من جانب طيران التحالف الدولي الذي استهداف المدينة بالعديد من الغارات الجوية التي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين سواء في مدينة الطبقة أو الرقة نفسها.

وتترافق هذه التطورات مع تواصل الحشود العسكرية التركية على طول الحدود مع سوريا خاصة في مواجهة القوات الكردية، في تل أبيض شمالي الرقة ومنبج  شرقي حلب، إضافة إلى الحسكة في أقصى الشمال الشرقي للبلاد، وذلك بعد ضربات جوية وجهتها الطائرات التركية لمواقع الوحدات الكردية داخل الأراضي السورية وعلى الحدود مع العراق، تبعها قصف مدفعي متبادل على طرفي الحدود.

وتضم التعزيزات التركية مدرعات وناقلات جند ودبابات وأسلحة ثقيلة، فيما نصب الجيش التركي منصّات لإطلاق الصواريخ في المناطق المحاذية لمنطقة عفرين.

وكان سلاح الجو التركي وجّه الأسبوع الماضي أكبر ضرباته الجوية منذ أن بدأت أنقرة باستهداف التنظيمات التي تعتبرها إرهابية في شمالي سوريا، وخلفت نحو 28 قتيلاً في صفوف ميليشيا “وحدات الحماية” الكردية، عقب استهداف القيادة العامة للميليشيا في منطقة قرب مدينة المالكية بريف الحسكة.

ورأى مراقبون أن هذه التطورات قد تشير إلى اقتحام عسكري تركي قريب من جهة تل أبيض، بانتظار المشاورات التي سيجريها مسؤولون أتراك وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب اردوغان مع موسكو وواشنطن، وتسعى تركيا إلى إقناع الولايات المتحدة باستبعاد القوات الكردية من معركة استعادة الرقة من تنظيم الدولة، والاعتماد على تركيا بدلاً من ذلك، وقال أردوغان في تصريحات صحفية له، إن توحيد قوى كل من تركيا والولايات المتحدة والتحالف من شأنه تحويل الرقة إلى “مقبرة للجهاديين”.

وجدد الرئيس التركي عزم بلاده دعم “الجيش الحر” لدخول منبج، وطرد “قسد” منها، في إعادة لإحياء التفاهمات السابقة مع واشنطن، بعدم اقتراب الأكراد من الضفة الغربية لنهر الفرات، وذلك وسط أنباء عن استعداد مقاتلين من الجيش الحر لدخول تل أبيض من الأراضي التركية.

 

دوريات أمريكية

 وأثارت التحركات التركية قلقاً في المناطق التي تسيطر عليها وحدات الحماية الكردية والتي شهدت مظاهرات واعتصامات تطالب الميليشيات الكردية بالانسحاب من معركة الرقة في حال لم يوفر التحالف الدولي الحماية لمناطقهم من الطائرات التركية.

ودفع ذلك الولايات المتحدة إلى إبداء “القلق” من الضربات الجوية التركية شمالي سوريا وشمالي العراق “من دون تنسيق مناسب مع الولايات المتحدة ” التي حركت مدرعاتها يوم الجمعة الماضي إلى المناطق الحدودية مع تركيا شمالي الحسكة، فيما بدا أنها محاولة لتهدئة الأوضاع في المنطقة.

وأعلن البنتاغون رسمياً، أن قوات التحالف الدولي بدأت تسيير دوريات على الحدود السورية التركية، “من أجل وضع حد للتوتر الحاصل بين الشريكين اللذين نثق فيهما بمكافحة تنظيم الدولة” داعياً إلى تكثيف الجهود على صعيد مكافحة التنظيم.

وذكر ناشطون أن رتلاً من المدرعات الأمريكية، مرّ على بعد أمتار قليلة من مقرات نظام الأسد، ومن أمام نقاطه وحواجزه، في مدينة القامشلي، وأوضحوا أن جنود النظام أداروا ظهورهم أثناء مرور الرتل.

وقد أعرب أردوغان عن حزنه جراء الصور التي ظهر فيها جنود أمريكان إلى جانب عناصر قوات وحدات حماية الشعب الكردية خلال مشاركتهم فيما سمّي بالدوريات المشتركة على الحدود السورية التركية، مشيراً إلى أنه سيناقش الأمر مع الرئيس الأمريكي خلال زيارته الى واشنطن في 16 أيار.

وألمح اردوغان إلى أن بلاده قد تضطر إلى التصرف بشكل منفرد في حال لم تتوقف واشنطن عن دعم الميليشيات الكردية، وقال “إن استمر الوضع على هذا النحو سنعمل على قطع حبل المشيمة بأنفسنا”، مشيراً إلى أن القوات التركية “قد تباغت الإرهاب في ليلة ظلماء، إذ ليس من المعقول أن نعطي تاريخاً عن عملياتنا التي سنقوم بها ضد الإرهاب، ولكن سيعلمون أن القوات المسلحة التركية بإمكانها الذهاب إلى حيث يوجد الإرهاب، فبدلاً من عيشنا في قلق، فليعيشوا هم في خوف مستمر”.

 

 

 اقتتال الغوطة

في غضون ذلك، اندلع القتال مجدداً في الغوطة الشرقية بريف دمشق بين “جيش الإسلام” من جهة، و”فيلق الرحمن” و”هيئة تحرير الشام” من جهة أخرى ، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، وقال ناشطون إن الاشتباكات تشتد في مدن حزة، سقبا، وجسرين، فيما سيطر عناصر جيش الاسلام على بلدتي أفتريس والأشعري بشكل كامل بعد اشتباكات مع فيلق الرحمن، وتم استخدام دبابات وأسلحة ثقيلة خلال المعارك ما أدى الى سقوط أكثر من مائة قتيل خلال يومين من الاشتباكات التي بدأت الجمعة بهجوم شنه “جيش الاسلام” على مواقع “هيئة تحرير الشام” في الغوطة الشرقية، والتي اتهمها باختطاف رتل مؤازرة تابع له كان متوجهاً إلى حي القابون الأمر الذي نفته الهيئة واعتبرته محض افتراء.

وقد حاول “جيش الإسلام” حصر خلافه في الغوطة مع هيئة تحرير الشام، وسعى إلى تحييد فيلق الرحمن عن القتال، ووجّه في هذا السياق رسالة إلى قيادة الفيلق أكد فيها عزمه على حل “هيئة تحرير الشام” في الغوطة الشرقية، و “إنهاء الفكر الدخيل الذي جرّ على ثورتنا الويلات، وسبب لها الكثير من الخسائر، وأدخلها في أتون الصراعات”.

ودعت الرسالة “فيلق الرحمن” إلى التزام الحياد “على الأقل”، في حال “لم يكونوا عونًا لنا في هذه المهمة، التي تصب في صالح أبناء الغوطة، بل أبناء سوريا أجمعها”، معتبراً أنه تم انهاء  أكثر من 70% من حجم قوة “تحرير الشام” دون خسائر تذكر من الجانبين بحسب الرسالة.

ويرى متابعون أن “جيش الاسلام” يسعى إلى إنهاء وجود “هيئة تحرير الشام” في الغوطة الشرقية بشكل كامل، تزامناً مع دعواتٍ من الأهالي لشرعيي وقادات الفصائل إلى وقف المعارك التي حصدت المزيد من الضحايا على غرار ما حصل في مثل هذه الأيام من العام الماضي.

وقد طالبت الفعاليات المدنية والثورية في مدينة عربين بوقف الاقتتال الحاصل بين الفصائل، وسحب المظاهر المسلحة من المدينة.

وقال بيان الفعاليات “نطالب قيادة جيش الإسلام بوقف تجاوزات عناصره، والإفراج عن المعتقلين من العسكريين والمدنيين، إضافة إلى تأمين ممرات للمقاتلين وذخيرتهم باتجاه خطوط التماس مع قوات النظام، وطرقات تبديل النوبات”.

ويتخوّف أهالي الغوطة من خلل يطال جبهات القتال، ضد قوات النظام والميليشيات ما يهدد الوضع العسكري في القابون وسواه من المناطق التي تتقدم إليها قوات النظام على نحو مشابه لما جرى سابقاً حين خسرت المعارضة القطاع الجنوبي، ومساحات واسعة من المرج بينما كانت الفصائل مشغولة بالاقتتال فيما بينها.

 

قصف حماة ودرعا

 في هذه الأثناء، يتواصل القصف الجوي على مناطق عدة في البلاد موقعاً عشرات القتلى والجرحى، وأسفر القصف الجوي الروسي عن مقتل 8 متطوعين في فرق الدفاع المدني ببلدة كفر زيتا في ريف حماة الشمالي.

وأعلن “مجلس محافظة حماة الحرة”، جميع مدن ريف حماة الشمالي مدناً منكوبة بشكل كامل، بعد الغارات التي استهدفت المدنيين والمنشآت الحيوية بما فيها مشافي كفرزيتا واللطامنة والفرن الآلي ومركز الدفاع المدني في كفرزيتا.

ويحاول نظام الأسد، مدعوماً بضربات جوية روسية وفصائل مسلحة تدعمها إيران، توسيع مناطق سيطرته شمالي مدينة حماة، في أعقاب مكاسب حققتها المعارضة الشهر الماضي.

وفي جنوبي البلاد، قتل عشرة مدنيين معظمهم نساء وأطفال، وأُصيب آخرون حين ألقت طائرات النظام المروحية خمسة عشر برميلاً متفجراً على الأحياء السكنية في درعا البلد، مما تسبب بانهيار مبنى كامل على رؤوس قاطنيه، كما استهدفت قوات النظام والميليشيات بالمدفعية والصواريخ الأحياء ذاتها، وطال القصف الجوي أيضاً بلدة النعيمة بريف درعا الشرقي، بغارتين جويتين، أسفرتا عن سقوط عدد من الجرحى، يأتي هذا بعد سيطرة فصائل المعارضة على أكثر من 95% من حي المنشية بدرعا البلد، وفشل قوات النظام والميليشيات في استعادتها.

 

 

أستانا

 سياسياً، أعلنت المعارضة السورية المسلحة تلقيها دعوة لحضور اجتماع استانة حول الوضع في سوريا والمقرر أن يعقد الاسبوع المقبل، مرجحة حضورها الاجتماع.

وقال العقيد فاتح حسون، عضو وفد المعارضة إلى هذه الاجتماعات لـ صدى الشام إن وفد “المعارضة السورية العسكري تلقى دعوة رسمية للحضور، ولا يوجد أي رفض للحضور حتى الآن، كونه قد يُحدث تقدماً في المؤتمر القادم”.

وحول طبيعة هذا التقدم المحتمل أوضح حسون أنه ” تقدم على صعيد تثبيت وقف إطلاق النار، حيث أفاد الروس بوجود طروحات جديدة لديهم حول ذلك، وتحسين آليات وطرق تنفيذ الاتفاق”، معرباً عن أمله بأن يلتزم الروس هذه المرة بوعودهم، وأن يلزموا النظام وميليشياته باحترام الاتفاق، وبالنسبة للأطراف الدولية المدعوة لحضور الاجتماع المقبل، لم يستبعد حسون انضمام دول أخرى إلى المؤتمر لم تكن موجودة سابقاً.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]