سلاح الأسد الكيماوي.. ماذا تبقى منه وأين يخبئه.. تحقيق يجيب ويكشف عن آلية تنفيذ الهجمات من قبل النظام

4 أيار (مايو - ماي)، 2017

ماذا تبقى من الترسانة الكيماوية لنظام الأسد، هل كان قد تخلى عن أي منها أصلاً؟..وما هو دور القوى الدولية الداعمة للنظام في تزويده بالأسلحة المحرمة دولياً؟.. كيف يتم إطلاق هذه الأسلحة؟

هذه الأسئلة وغيرها يجيب عليها تحقيق أعده موقع “هاف بوست عربي” بعد مرور شهر على هجوم خان شيخون الكيماوي الذي قامت به طائرات نظام الأسد وأدى إلى استشهاد 100 شخص جُلهم من الأطفال وإصابة 4000 آخرين.

ويكرر نظام الأسد روايته التي تنفي امتلاكه سلاحاً كيماوياً بعد ادعاءاته بأنه قد سلّم مخزونه الذي أتلفه الخبراء الدوليون لاحقاً، لكن ضحايا خان شيخون وآلاف الضحايا الذين سقطوا بفعل الكيماوي على مدار سنوات الثورة الست يؤكدون خلاف ذلك.

ماذا تبقى من ترسانة الأسد الكيماوية؟

يمكن للمرء أن يطمئن حين العودة لبيان منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية في 5 ديسمبر/ كانون الثاني 2016، الذي أعلنت فيه عن تدمير كامل مخزون نظام الأسد من السلاح الكيماوي، بعد أن تم تدمير آخر 7 صهاريج من مادة فلوريد الهيدروجين في أراضي ولاية تكساس الأميركية. لكن الواقع يبدو أكثر تعقيداً من ذلك.

فقد أكد تقرير سري للمنظمة كشفت عنه مجلة فورين بوليسي الأميركية في شهر آب/أغسطس 2016، وجود عينات من أسلحة كيماوية مميتة داخل مختبرات للنظام غير معلنة، وأن عددها هو 122 متوزعة على منشآت متعددة بينها اثنتان في ضواحي العاصمة دمشق.

“خط إنتاج الأسلحة الكيميائية لدى النظام قد توقف بشكل كامل، لكن هذا لا يعني عدم امتلاكه لمخزون من الأسلحة والغازات المحرمة دولياً.” وذلك بحسب تصريح العميد المنشق زاهر الساكت، رئيس قسم الكيمياء في الفرقة الخامسة بالجيش العربي السوري.

ويضيف الساكت لـ”هاف بوست عربي” أن “عينات الأسلحة التي تحدثت عنها منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية في تقريرها السري، تدل على امتلاك النظام لمخزون ضخم من المواد الكيميائية التي تصلح للاستخدام في العمل العسكري”.

يقول الساكت أنه “حصل على معلومات حول امتلاك النظام لـ 700 طن من المواد الكيميائية المخزنة، وهي كمية إضافية خلاف تلك التي أخبر بها المنظمة الدولية”، مشيراً إلى أنه إذا كان النظام قد اعترف بامتلاكه لـ 1300 طن من هذه الأسلحة، ما يعني أن النظام لا يزال يمتلك عملياً 2000 طن من الأسلحة الكيماوية.

وهناك مصادر أخرى تدعم رواية العميد المنشق، وإن لم تشر إلى حجم ما قد يمتلكه النظام. صحيفة هآرتس الإسرائيلية نشرت تقديرات أمنية عقب الهجوم الكيماوي على خان شيخون أكدت أنه “ما زال بمقدور النظام  السوري العمل على حيازة سلاح بيولوجي من نوع سارس، وكذلك إنتاج سلاح كيماوي مجدداً”. حيث تشير تل أبيب إلى أن بشار الأسد كان قد احتفظ منذ صفقة تفكيك الترسانة الكيماوية السورية صيف 2013، بكمية من السلاح الكيميائي بما فيها غاز الأعصاب “السارين”.

من ينتج السلاح الكيماوي؟

تلعب روسيا وإيران وكوريا الشمالية الدور الأبرز في امتلاك النظام لقدراته الحالية من السلاح الكيميائي، حيث يقول الساكت بوصفه رئيس قسم الكيمياء في إحدى فرق الجيش قبيل انشقاقه، إن “خبراء من تلك الدول تواجدوا في أماكن مختلفة من ضمن مواقع قوات النظام، سواء في ذلك المواقع المرتبطة بالسلاح الكيماوي، أو حتى مواقع أخرى قد ترتبط بأسلحة أكثر تعقيدًا، مثل الحديث عن مفاعل نووي سوري يديره خبراء من روسيا وكوريا الشمالية”.

ويضيف المصدر  أن النظام يمتلك ما يكفيه من الذخائر ورؤوس الصواريخ التي تحتوي على مواد كيميائية من مختلف درجات الخطورة.

استطاع النظام تطوير آلية استخدام السلاح الكيميائي، حتى امتلك خط السلاح الثنائي. ويقصد بهذا الخط امتلاك مادتين غير محظورتين، يتم إطلاق كل منهما بقذيفة على حدة، ولدى اجتماعهما في نقطة محددة يتم توليد المواد السامة العصبية. وقد تم استجلاب هذه المواد من الدول الأوروبية “بريطانيا، ألمانيا”، تحت ذريعة الاستخدام الدوائي، وأما عن الأحماض النووية اللازمة لتشكيل هذا المركب، يؤكد الساكت، أن روسيا، الدولة العضو بمجلس الأمن، هي القادرة على توفيرها، ولذلك فهو يستنتج أن موسكو قدمتها للنظام من أجل تطوير هذا السلاح.

لكن هناك أسلحة أقل خطورة، يمكن إنتاجها وتخزينها محليًا، بلا حاجة لخبرة دولية. غاز الكلور يُعد أبرز هذه الأسلحة.

الإنتاج المحلي قائم

في الرابعة والنصف مساء العشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قام النظام بقصف دوار الحلوانية على طريق الباب بريف حلب، وأشارت مصادر متعددة، إلى أن غاز الكلورين استُخدم في هذا القصف، بل وقام عدد من الإعلاميين برفع فيديوهات على موقع يوتيوب تظهر بقايا اسطوانة كانت تضم غاز الكلور.

الأسطوانة التي تظهر في الفيديو، يبدو عليها شعار شركة “الباحة لإنتاج الصودا والكلورين” التي يمتلكها محمود البعون، ومقرها مدينة الزرقاء الأردنية.

يؤكد الساكت هذه المعلومة ويضيف أن “النظام يحصل على مادة الكلورين من شركة الباحة التي كانت تقوم بنقل الكلورين إلى حكومة العبادي في العراق والذي بدوره يقوم بنقله إلى النظام ، حيث قام باستخدامها في حلب على طريق النيرب والصاخور، في براميل متفجرة يصل وزن الواحد منها إلى 900 كغ.

شركة الباحة ليست الشركة العربية الوحيدة، ففي معرض ثالث التقارير التي صدرت عن اللجنة المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة، والذي نُشر بتاريخ 24 آب/أغسطس 2016، تم التطرق إلى أسماء الشركات التي تنتج غاز الكلور في سوريا والذي استخدم مخزونه كسلاح كيميائي لأغراض عسكرية، ومنها الشركة السورية السعودية للكيماويات وتقع على مسافة 29 كم شرق حلب، وسيطرت عليها “جبهة النصرة” في آب/أغسطس 2012، وأبلغ النظام اللجنة الدولية المشتركة أن الجبهة وجماعات معارضة أخرى مسلحة قامت بنقل المخزون المقدر بـ 400 طن من الكلور إلى أنحاء البلاد.

وتحدث التقرير الأممي أيضاً عن مصنع محلي سوري للورق في دير الزور، كان يحتوي على مخزون من مادة الكلور يقدر بـ60 طناً تقريباً، استولت عليها فصائل المعارضة في الربع الأول من عام 2012. لكن بالرغم من ذلك، فإن اللجنة الدولية خلصت إما إلى عدم وجود ارتباط للمعارضة المسلحة بهجمات الكلور، لأن قصف الكلور يحتاج إلى قدرات جوية لا تمتلكها المعارضة المسلحة في سوريا.

كيف يتم تقرير الضربة الكيماوية؟؟

إن الآلية التنفيذية لاستخدام السلاح الكيميائي في سوريا، وفق “الساكت”، لا تتم إلا بعد موافقة رئيس النظام بشار الأسد، والذي بدوره يتدارس القرار مع المخابرات الجوية وأمن القصر، لذا فإن القرار التنفيذي يمر بأشخاص مثل قائد الحرس الجمهوري وثالث أبناء حافظ الأسد الأربعة، ماهر الأسد، ورئيس إدارة المخابرات الجوية جميل الحسن ورئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك ومدير فرع مركز البحوث العلمية بمنطقة جمرايا العميد غسان عباس، إلى جانب الوحدات السرية وهي وحدات 416 و417 و418 و419، حيث يقوم شخص مكلف بالتنسيق لنقل الذخائر باتجاه القواعد من أجل إطلاقها.

أين يخزن النظام أسلحته الكيماوية؟

يحاول النظام إخفاء مخزونه الكيماوي قدر المستطاع، لكن شواهد عديدة، إضافة إلى المعلومات السابقة التي امتلكتها منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة تشير إلى أماكن محددة لتخزين الأسلحة الكيميائية، فقد احتفظ النظام بالكثير من تلك الأسلحة والغازات والمواد لدى الفرقة الخامسة بطبيعة الحال، كونها المسؤولة عن تنفيذ هذا النوع من الهجمات، وأيضاً في منطقة البحوث العلمية والسفيرة في حلب، بالإضافة لمنطقة خان أبو الشامات قرب الضمير في ريف دمشق، والفرقلس في حمص، وكذلك في اللاذقية، وأيضًا الناصرية بالقرب من اللواء 155 بالقطيفة شمال شرق العاصمة.

كذلك تشير بعض المعلومات إلى تواجد هذه الأسلحة في قاعدة وادي السفيرة بريف العاصمة دمشق الشمالي الغربي، التي يتخذ النظام بالقرب منها مكباً للنفايات.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]