الثقافة المرئية في اليابان خلال سبعينات القرن العشرين


يستضيف غاليري محطة قطار طوكيو معرض «السخرية والتناص: الثقافة المرئية في اليابان في سبعينات القرن العشرين». ويطلق على مصطلح السخرية من أعمال فنية أخرى باللغة الإنكليزية «بارودي»، ويعني إنتاج عمل فني للتقليد أو السخرية من أو التعليق على عمل أصلي ما، من خلال التقليد الساخر لمبدعه أو موضوعه أو أسلوبه أو مظهر من مظاهره الأخرى.
ومنذ منتصف ستينات القرن العشرين، استخدم الفنانون اليابانيون بكثافة السخرية في الفن من أعمال أصلية. وفي سبعينات القرن العشرين أصبح هذا الاتجاه الفني شهيراً في المجتمع نتيجة استخدامه بكثرة في التلفزيونات والصحف وغيرها. وأثر هذا الاتجاه الفني في كل أنواع الثقافة في الفترة ما بين تيار الحداثة وما بعد الحداثة في الفن الياباني. ومن خلال الثقافة المرئية في ذلك العصر، ومن خلال هذا المعرض يمكن المرء التعرف إلى تقنيات هذا الاتجاه الفني الذي أصبح اصطلاحاً فنياً متعارفاً عليه في اللغة اليابانية، على رغم غموض معناه نوعاً ما.
وفي التاريخ الثقافي لمرحلة ما بعد الحرب في اليابان، كان عقد سبعينات القرن العشرين فترة معروفة بالعودة للتجديد وازدهار الجماعات الثقافية المختلفة. فبعد عقد الثورة والكفاح في ستينات القرن العشرين، اتجهت اليابان كليّة إلى فترة خصبة من الإبداع الفني في السبعينات.
وكان فن السخرية «البارودي» أهم ما يميز تلك الفترة فنياً. وشاع استخدام هذا المصطلح في المطبوعات مثل المجلات الأسبوعية والمجلات الدوريات المصورة ومجلات المانغا (المجلات اليابانية الكرتونية الكوميدية المصورة). غير أنه بمجرد دخول اليابان عقد السبعينات، اكتسب هذا الاتجاه شهرته الطاغية ولاقى قبولاً اجتماعياً في لغة الحياة اليومية اليابانية. وفي الشوارع والتلفزيون، انتشرت الإعلانات ذات الأسلوب «الباردوي». وبدأ الفنان والمصور وكاتب المقال والقصة القصيرة الشهير جنبي أكاسيغاوا (1937-2014) نشر سلسلة قصص «المانغا» في دورية «أساهي» بين عامي 1970 و1971. ونشر الروائي والقاص وكاتب الخيال العلمي والممثل ياسوتاكا تسوتسوي (1934) عمله المعروف «نيهون إيغاي زمبو إتشنبوتسو» (نهاية العالم ما عدا اليابان) الذي تحول إلى فيلم سينمائي من نوع الكوميديا السوداء عام 2006 من إخراج ميناورو كاواساكي. وانتقد فيه القومية والعنصرية ووصف البشر بأنهم عاجزون في مواجهة هاتين المشكلتين. ويعد فيلم كاواساكي سخرية من فيلم «غرق اليابان» (2006) من إخراج شينجي هيجوشي المبني على الرواية، وكذلك السخرية من فيلم «غرق اليابان» (1973) من إخراج شيرو موريتاني، ما يدل على شيوع فن «البارودي» في السينما اليابانية أيضاً. وأقام الفنان ماد أمانو دعوى عام 1971 امتدت 16 سنة، وأصبحت معروفة إعلامياً بـ «قضية البارودي».
وحصلت دار نشر مجلة «بيكوري» (1974-1985)، التي كانت تصدر جزئياً ومنذ البداية على اعتبارها مجلة «باردوي»، على شهرة كبيرة بين الأجيال الشابة.
ويلقي المعرض نظرة جديدة على تقنيات «البارودي» وأشكاله، ويشرح اختلافها عن أساليب التقليد والسخرية المتعارف عليها. ويقدم أنواع المواقف التي استخدم فيها هذا الفن والطرق التي استخدمت تقنياته الفنية فيها، علماً أنه يمكن إرجاع فن «البارودي» تاريخياً إلى بلاد اليونان القديمة.
غير أن نظرة عامة ومجردة على فن «البارودي»، تظهر أنه في هذا المعرض تم التركيز على فترة واحدة فقط من تاريخ فن «البارودي» في اليابان.
ويضم المعرض نحو 300 عمل لعدد من الفنانين الذين أحيوا هذا الفن، مثل جنبي أكاسيغاوا، ومصور الغرافيك والمصور والطبّاع والرسام المعروف تادانوري يوكوو (1936)، إضافة إلى عدد من الفنانين غير المعروفين نسبياً.
وفي المعرض صور فوتوغرافية وأعمال مانغا وغرافيك. وهناك أيضاً أعمال غير تقليدية انتقائية معروضة تضم مخطوطات المانغا وتسجيلات تلفزيونية وتسجيلات محاكمات قضائية، وغيرها الكثير.



صدى الشام