تغفلها الحكومات ويتعامى عنها العنصريون.. حقائق عن الوجه الآخر لتأثير اللاجئين السوريين في بلدان اللجوء

9 مايو، 2017

تتوالى تصريحات رسمية وغير رسمية تندد في وجود اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة، ولم تخلو من دعوات صريحة لرميهم خارج الحدود، وإعادتهم إلى الأراضي السورية حيث فروا من الموت.

وتأتي تلك التصريحات من نظرة ضيقة للوجود السوري، تعظم من سلبياته ويعززها شعور متطرف عنصري لدى بعض سكان البلد الذي يعيش فيه السوريون، فمرة يمّن مسؤول حكومي على السوريين لاستضافتهم، وأخرى يزعم البعض أن اللاجئين يأكلون من جيوبهم ويعيشون على ميزانية الدولة المستضيفة.

تكرر هذا الحال في الأردن ولبنان بشكل خاص، كما يسود هذا الاعتقاد لدى فئة من الأتراك الرافضين لوجود السوريين على أراضيهم. لكن هذه النظرة الأحادية الجانب للوجود السوري في بلدان اللجوء ينقصها الجزء الآخر من الحقيقة.

تتجاهل الحكومات والأحزاب السياسية والمعارضين للاجئين السوريين، ما تصدره مراكز دراسات أو إحصاء حكومية، أو ما تخلص إليه دراسات وبحوث علمية عن الإيجابيات التي جلبها معهم اللاجئون السوريون للبلدان التي يعيشون فيها.

ويعد لبنان من أكثر البلدان التي يصرح مسؤولوها عن غضبهم من وجود اللاجئين السوريين، إذ اعتبر رئيس الحكومة اللبناني سعد الحرير في تصريح له الشهر الماضي أن “لبنان على حافة الانهيار” بسبب استضافة 1.5 مليون لاجئ سوري، وحذر من أن التوتر بين اللبنانيين والسوريين يمكن أن يتحول إلى اضطرابات مدنية.

وقبله كان وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل المعروف بتصريحاته العنصرية ضد اللاجئين السوريين، قال إن على السوريين العودة إلى بلادهم لأن بقائهم يثير المخاوف على التركيبة الديمغرافية للبنان.

لكن ما لم يلتفت إليه المسؤولون اللبنانيون، ما خلصت إليه الجامعة الأمريكية في بيروت، والتي أصدرت إحصائية قالت فيها إن اللاجئين السوريين في لبنان يدفعون نحو 378 مليون دولار سنوياً فقط ثمن إيجارات المنازل التي يقطنون بها.

هذه الإحصائية نشر ملخصها، ناصر ياسين، أمس الإثنين، مدير الأبحاث في معهد “عصام فارس” التابع للجامعة الأمريكية، وقال في تغريدة بحسابه على “تويتر” إن السوريين يساهمون في الاقتصاد اللبناني بمعدل 1.04 مليون دولار أمريكي يومياً.

وأشار ياسين إلى أن مجمل ما يدفعه السوريون خلال عام كامل هو 378 مليون دولار على السكن، ناهيك عن الأموال التي يدفعونها مقابل الحصول على الطعام والمواصلات والرعاية الطبية، فضلاً عن أن بعضهم افتتح مشاريع تجارية ووفر فرص عمل لشبان لبنانيين.

وفي هذا السياق، قال ياسين في حملته التي أطلقها باسم “حقيقة اليوم” إن اللاجئين السوريين ساهموا في توفير ما يزيد عن 12 ألف وظيفة بين اللبنانيين عام 2016، لافتاً أن هذه الوظائف التي يشغلها لبنانيون تتركز في الدوام المسائي لمدارس خصصتها الأمم المتحدة لأبناء اللاجئين السوريين.

وتغفل وسائل إعلام البلدان المجاورة التي تستقبل اللاجئين السوريين، أن معظم الخدمات المجانية المقدمة لهم، متوفرة بدعم من  برامج الأمم المتحدة، لا من ميزانية الدول المستضيفة، خصوصاً في الجانبين الطبي والتعليمي، وهو ما يتيح المجال للرافضين للاجئين السوريين، في تقديم صورة نمطية عنهم، تشير إلى أنهم يحصلون على خدمات لا يحصل عليها ابن البلد المستضيف نفسه، وسط إغفال للجوانب الاقتصادية الهامة اللاجئين.

وفي تركيا، أوضح تقرير صادر عن مركز أبحاث الهجرة وأمن الحدود التابع لأكاديمية الشرطة التركية، في مارس/ آذار الماضي، أنّ 10 بالمئة من اللاجئين السوريين المقدر عددهم بـ 3 ملايين شخص يقطنون في مراكز اللجوء.

وأضاف التقرير الذي نشرته وكالة الأناضول أنّ 90 بالمئة من اللاجئين السوريين يعيشون في ولايات تركية مختلفة، معتمدين في قضاء حوائجهم على أموالهم الخاصة التي يجنونها من عملهم، مشيراً أنّ السوريين أثروا بشكل إيجابي على بعض القطاعات، تمثّل في نشاط قطاعات النسيج والأغذية (في تركيا)، بسبب كثرة المساعدات الإنسانية المقدّمة للاجئين السوريين، وطرأ نشاط مشابه لقطاع العقارات وتمكّن أصحاب المنازل من تأجير بيوتهم.

كما ذكرت صحيفة “ديلي صباح” التركية العام الماضي، أن السوريين احتلوا المرتبة الأولى بين أصحاب الاستثمارات الأجنبية في تركيا، بتأسيسهم ما يقارب الـ 4 آلاف و500 شركة. وساهم  المستثمرون السوريون في دعم الليرة التركية فضلاً عن توفير فرص عمل للشبان الأتراك.

ولا يتخلف حال السوريون في الأردن، إذ ساهموا هم أيضاً في دعم الاقتصاد المحلي، ووفروا فرص عمل للمواطنين الأردنيين، بافتتاحهم مئات المنشآت الصناعية، والمطاعم، في استثمارات وصلت قيمتها لملايين الدينارات الكويتية، وفق إحصاءات رسمية.

يشار إلى أن نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين يفتقرون للحماية القانونية، فهم مهددون بالسجن بسبب عدم حصولهم على الإقامات في البلدان التي لجأوا إليها، كما أن بعضهم تعرض للترحيل إلى سوريا وأصبح مصيرهم مجهولاً.

وفي هذا السياق، قال الأمين العام لمنظمة “كافي” لمكافحة الفساد وحقوق الإنسان العاملة في الكويت تحت وصاية الأمم المتحدة حسين الشمالي، أن هنالك أربعة سوريين أبعدوا من الأراضي الكويتية، تم إعدامهم من قبل نظام بشار الأسد خلال الفترة الماضية.

وأشار الشمالي في تصريح لصحيفة “القبس” الكويتية، اليوم الثلاثاء، أن السوريين المبعدين الذي أعدموا، طردتهم الكويت من أراضيها على “خلفية قضايا بسيطة ترتبط بقيادة مركبة من دون رخصة قيادة، أو مخالفات مرورية جسيمة”، لافتاً إلى أنه من الضروري إعادة النظر في استثناء السوريين من الطرد والاكتفاء بالعقوبات القانونية الأخرى.

الشمالي أوضح أيضاً أن المنظمة تلقت خلال الفترة الماضية، نداءات استغاثة عدة من أهالي موقوفين سوريين في سجن الإبعاد على قضايا تماثل التي أبعد من أُعدموا من أجلها.

وفي ذات السياق، بيّن أن الأمر لا يرتبط فقط بالإعدام، حيث رصدت المنظمة كذلك فقدان أثر عشرات السوريين الذين تم إبعادهم عن البلاد، مشيراً إلى أن الأهالي حتى الآن لا يعلمون أماكن وجود أبنائهم بعد أن وصلوا إلى الأراضي السورية.

وأكد الشمالي أن نظام الأسد يتخذ إجراءات تصل إلى الإعدام لكل شخص قام بالتعدي على النظام من خلال المواقع الإلكترونية أو المواقف السياسية المختلفة، مما يستدعي من الحكومة الكويتية النظر في أسلوب التعامل مع أبناء الجالية السورية، لا سيما ما يتعلّق بالإبعاد للقضايا البسيطة.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]