طموحات خطيرة لإيران في بلاد الشام.. هكذا ستستفيد من رضوخ الأسد لها بتنفيذ حلمها التوسعي


تعد بلاد الشام منطقة حيوية لمشاريع إيران التوسعية في المنطقة العربية، وتستغل طهران حالة التخبط والنزاعات في العراق وسوريا ولبنان، وتنفيذ أجندتها عبر أذرعها العسكرية التي دعمتها ووسعتها خصوصاً في سوريا، مستفيدة من تسهيل نظام الأسد لذلك، كثمن يدفعه مقابل الدعم الإيراني الذي يعتبر سبباً رئيسياً في حماية الأسد من معارضيه.

معهد "واشنطن" لسياسات الشرق الأدنى، أشار في تقريره إلى أن هذا التوسع الإيراني لا يروق لإدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تدرس حالياً سبل مواجهة التحديات التي تفرضها إيران في بلاد الشام.

ويشير التقرير إلى أن أي خطة ستمضي بها واشنطن لكي تكون فعالة، فإنه ينبغي دراسة استراتيجية إيران الناشئة حديثاً في بلاد الشام، وخطتها الحالية المتركزة على تحقيق الهيمنة والحفاظ عليها في العراق ولبنان وسوريا.

ولم توفر إيران فرصة لزعزعة استقرار دول الخليج لا سيما السعودية على وجه الخصوص، التي تقاتل ميليشيات الحوثي المدعومة من طهران في اليمن، وفي مؤشر على تأزم العلاقات إلى مستوى حاد استبعد ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع ، محمد بن سلمان، إمكانية الحوار والتعاون المباشر مع إيران، وقال الثلاثاء 2 مايو/ أيار 2017 إننا "نعرف أننا هدف رئيسي للنظام الإيراني ولكن لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سوف نعمل أن تكون المعركة لديهم".

وجاء هذا في لقاء أجراه معه الإعلامي السعودي داود الشريان، وبثته بالتزامن جميع قنوات التليفزيون السعودي الرسمي وقناة إم بي سي (خاصة).

لكن تقرير المعهد الأمريكي يشير إلى أنه بالنسبة لإيران، فإنها ترى المواجهة في بلاد الشام أقل خطورة من نظيرتها في دول الخليج، "لأنه سيتعين على إيران التعامل مع الولايات المتحدة وحلفائها في هذه المنطقة".

سليماني اللاعب الأبرز

ويلعب الجنرال "قاسم سليماني" قائد "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري" الإيراني دوراً أساسياً في تنفيذ مشروع إيران التوسعي، ويقول معهد "واشنطن" إنه "على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، كان (سليماني) مشغولاً بإعداد أسس البناء لممرٍ واحد على الأقل، لكن على الأرجح ممرّين برّيين عبر بلاد الشام (أحدهما في الشمال والثاني في الجنوب)، يربطان إيران بالبحر الأبيض المتوسط".

وتشير التقديرات إلى أن مسافة هذين الممرين تصل إلى 800 ميل على الأقل، من حدود إيران الغربية مروراً بوادِيَيْ دجلة والفرات والمساحات الشاسعة من الصحراء في العراق وسوريا. والهدف من الممرين توفير رابط جغرافي بين إيران وميليشيا "حزب الله" في لبنان، لينتهيا عند حدود هضبة الجولان. على أن يجري استخدامهما كسلسلتين لنقل المعدات العسكرية أو مقاتلي الميليشيات عند الحاجة.

تنفيذ المشروع

ونقل تقرير المعهد عن مسؤولين كبار في إيران، تفاصيل عن مشروع إيران للوصول إلى البحر المتوسط، وأشاروا إلى أن الفكرة تتمثل بتكليف إيران للقوات التي تعمل بالوكالة عنا بالإشراف على هذين الممرين، مثل "حزب الله"، وميليشيات أخرى تدعمها إيران في سوريا والعراق، وبهذه الحالة تتجنب إيران أية خسائر محتملة من قوات جيشها خلال تنفيذ مشروعها.

وعن القوات التي ستؤمن السيطرة والحماية للممرين، فيشير معهد "واشنطن" إلى أن عددها سيتراوح بين 150 ألف إلى 200 ألف مقاتل، من بينهم 180 ألف شيعي أفغاني و3 آلاف إلى 4 آلاف شيعي باكستاني، بالإضافة إلى ميليشيات صغيرة مسيحية ودرزية.

وسيبدأ الممر الشمالي من إيران مروراً بمحافظة ديالى العراقية التي أصبحت حالياً ذات أغلبية شيعية، ثم نحو محافظة كركوك وبلدة الشرقاط إلى الشرق، وصولاً إلى سوريا عبر المنطقتي الجبليتين تلعفر وسنجار. "ويعني ذلك أنّ القوافل الإيرانية ستصل إلى الحدود الكردية السورية التي أعيد ربطها بالفعل بالمناطق الخاضعة لسيطرة بشار الأسد. ومن أجل التقدّم عبر هذا الممر، وسوف يتعيّن على الإيرانيين ضمان عدم تدخل الحكومة العراقية أو القوات الكردية في الغرب"، وفقاً لمعهد "واشنطن".

وفي ضوء تزايد النفوذ الإيراني على الحكومة العراقية وقواتها المسلحة، يبدو من المستبعد جداً أن تعارض بغداد مرور القوافل الإيرانية، فيما يشير التقرير إلى أن قوات "البيشمركة" قد لا ترغب في عرقلة حركة الجنود الإيرانيين التي لا تهدد مصالحها.

وبالنسبة لمقاتلي "حزب العمال الكردستاني" في سنجار، فتربطهم علاقات وثيقة مع إيران - بحسب معهد واشنطن - الذي يضيف أنه "في المنطقة الكردية من سوريا المعروفة لدى الأكراد بـمنطقة الإدارة الكردية في شمال سوريا أو روج آفا، يتعرض الأكراد لتهديداتٍ مستمرة من تركيا، وبالتالي ينظرون إلى إيران كقوةٍ صديقة".

أما بالنسبة للممر الجنوبي الذي تسعى إيران لإيجاده، فمن شأنه أن يسمح لها بالتحرك من إيران عبر المحافظات الشيعية في العراق، ثم بالطريق الصحراوي الرئيسي في محافظة الأنبار، وينتقل عبر شرق سوريا قبل الوصول إلى دمشق.

لكن يشير المعهد الأمريكي إلى أن المشكلة الرئيسية لهذا الطريق في أنّ سكان محافظة الأنبار من الأغلبية السنية ينظرون إلى إيران كقوة معادية ومحل شك. إلّا أنّ معظم السكان السنة البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة يقيمون في أربع مدنٍ كبيرة هي الفلوجة وحديثة والرمادي والقائم، ويمكن تجنبها بسهولة من خلال سلك طرقٍ عبر المناطق الريفية القاحلة وذات الكثافة السكانية المنخفضة.

إزاحة الأسد

وعليه، يوصي تقرير معهد "واشنطن" في تقريره الإدارة الأمريكية بالعمل مع حلفائها الإقليميين، لإحباط محاولة إيران بناء هذين الممرين. ويقترح التقرير دع تركيا الدولة الحليفة في "الناتو"، لمواجهة الجهود الإيرانية للسيطرة، من خلال هذين الممرين، على الطرق التجارية الرئيسية التي توفر عبور جزء كبير من الصادرات التركية إلى العالم العربي.

كما يدعو التقرير الأردن إلى أن يقدّم المساعدة للسكان السنّة في غرب العراق، وكذلك لقبائل شمر البدوية في الصحراء السورية، التي تجمعها روابط تقليدية مع السعوديين، في تنظيم قواتهم.

ويختم التقرير بالقول: "يتعين على الولايات المتحدة أن تدعم جهود إسرائيل لمنع الإيرانيين من تأمين موطئ قدمٍ على الجانب السوري من هضبة الجولان. والأهم من كل ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تواصل الحديث مع روسيا، وأن تصر على رحيل بشار الأسد عاجلاً وليس آجلاً".




المصدر