بيان سياسي.. نداء إلى مناضلي هيئة التنسيق الوطنية ومناصريها


بيان سياسي.. نداء إلى مناضلي هيئة التنسيق الوطنية ومناصريها بدأ الحراك الشعبي السوري في آذار من عام 2011 مطالباً بالحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة، وأخذ طابعاً جماهيرياً واسع الانتشار خلال مدة أقل من ستة أشهر، لكن سرعان ما واجهه النظام الاستبدادي بالقمع والاعتقال. ونظرا لعفوية الحراك، فقد كان بحاجة ماسة لقيادة سياسية تقوده وتوجهه نحو أهدافه في مسارات نضالية صحيحة، وعلى إثره لبت النداء مجموعة من الأحزاب والشخصيات العامة الوطنية وشكلت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في حزيران من عام 2011.
في الوثيقة التأسيسية للهيئة جرى التأكيد على الخيار السلمي كطريق نضالي وحيد صحيح يحقق للشعب مطالبه، وتحسباً من الانزلاق في مسارات خاطئة كان يعد لها بعض المعارضين خصوصاً في الخارج، وكذلك بعض الأطراف الدولية خدمة لأجندات لا مصلحة للشعب السوري فيها، فقد تم الإعلان في مؤتمر حلبون الذي عقدته هيئة التنسيق، وحضره ما يقارب ثلاثمائة مواطن سوري من منتسبي الأحزاب الوطنية المعارضة والشخصيات العامة المستقلة المشاركين في تأسيس هيئة التنسيق،كان منهم أكثر من مائة من شباب الحراك الشعبي، اللاءات الشهيرة التي صارت علامة دالة على الهيئة، وهي لا للاستبداد، لا للعنف، لا للطائفية، لا للتدخلات العسكرية الأجنبية في سورية،وأضافت لها نعم واحدة، وهي نعم للتغيير الجذري والشامل للنظام الاستبدادي إلى نظام ديمقراطي تعددي، التي صارت لاحقا نعم لإسقاط النظام الاستبدادي بكل أركانه ورموزه من أجل بناء نظام ديمقراطي. ونظرا لكون الأحزاب المشاركة في تأسيس الهيئة، وكثير من الشخصيات العامة فيها قد جاءت من مشارب أيديولوجية وسياسية مختلفة فكان من المتوقع أن يحصل في داخلها تجاذب وشد في هذا الاتجاه أو ذاك وهذا من طبيعة التحالفات السياسية ذات الطابع الجبهوي، فقد كان الرهان على أن لا يخرج ذلك عن الخط السياسي المشترك الذي تم رسمه وتبنيه بدأ من الوثيقة التأسيسية مروراً بوثائق مؤتمر حلبون وفي جميع المجالس المركزية اللاحقة للهيئة، لأن القضية من حيث الأساس والجوهر تتعلق بمصير شعب وبلد، لا يجوز اللعب بها.لكن هذا الرهان لم يكن صائبا وفي محله دائما، فبعض القوى والشخصيات في قيادة الهيئة لم تلتزم بالخط السياسي للهيئة، ولا بنظامها الداخلي،فكانت السياسة بالنسبة لها ما تقوم به وحسب، حتى قيل بوجود مطبخ في قيادة الهيئة هو الذي يقرر ويفعل، وليس المؤسسات القيادية للهيئة. للأسف، تسارع هذا النهج بعد اعتقال الدكتور عبد العزيز الخير والأستاذ رجاء الناصر، وخروج هيثم مناع ومجموعة شبابية من الهيئة، ليبلغ مداه الأقصى بعد خروج الأحزاب الكردية والاتحاد السرياني، مما أضعف كثيرا قدرة ما تبقى من القياديين الحريصين على الهيئة وخطها السياسي، الذين بدورهم شرعوا في مغادرة الهيئة، بل دفعوا إلى ذلك دفعا، وكان آخر هذه المواقف المشينة التعدي الصريح وغير التنظيمي على الحق الديمقراطي للقياديين الثلاث في المكتب التنفيذي في التعبير عن رأيهم علنا، وتجميد عضوية أثنين منهم.
لقد تجلى الانحراف عن الخط السياسي للهيئة بشكل واضح وصريح في مؤتمر الرياض وما نتج عنه من بيان ختامي وقبولها بدور تكميلي وشكلي في الهيئة العليا للمفاوضات، والتي عملت منذ تشكيلها على إصدار بيانات متهمة حزب الاتحاد الديمقراطي المعارض بالإرهاب، والذي هو من المؤسسين الرئيسيين لهيئة التنسيق، وساهمت في إثارة النزعات القومية والطائفية، وتواطأت مع الاحتلال التركي للأراضي السورية، ودعت إلى التسلح والتدخل العسكري الخارجي، وعملت على إقصاء أطراف المعارضة الديمقراطية الحقيقة، وساهمت إلى جانب النظام بإفشال مفاوضات جنيف عام 2016. وانخرطت القيادة المتنفذة لهيئة التنسيق أكثر في نهج الائتلاف الذي لطالما كان موضع انتقاد من قبل الهيئة لكونه لا يعبر عن مصالح الشعب السوري، ولخضوعه لأجندات خارجية لا تتوافق مع مصالح سورية وشعبها.
لقد تعاملت القيادة المتنفذة في الهيئة بصورة انتقائية مع كل قرارات المجالس المركزية ومع كثير من قرارات المكتب التنفيذي، ومارست الانتهازية مع أطراف المعارضة الوطنية، ورمت في سلة المهملات كل التفاهمات التي عقدتها معها، وتخلت عن منصتي موسكو والقاهرة مع أنها كانت من نشاطاتها السياسية وهي المنظم لها والداعي والمعد لوثائقها السياسية.
إن حرصنا على هيئة التنسيق كبيت وطني للمناضلين الشرفاء الذي ساهمنا في بنائه، وشعورا منا بالمسؤولية السياسية والمعنوية، هو دافعنا لإصدار هذا البيان ليس لتنبيه قيادة الهيئة المتنفذة، بل نوع من الإنذار بأن الكثير من كوادر الهيئة لن يقبلوا بعد اليوم أن تقودها هذه القيادة في مسارات خاطئة لن تحقق للشعب السوري أيا من مطالبه، ولن نسكت بعد اليوم بأن تلطخ سمعة الهيئة وسمعة مناضليها، والتضحية بدور الهيئة السياسي ودور مناضليها لصالح قوى سياسية لطالما كانت على خلاف مع خط الهيئة السياسي، بل لطالما خونتها وعدتها الوجه الآخر للنظام، وهي في مجمل الأحوال لا تفاوض اليوم من اجل التغيير الجذري والشامل للنظام الاستبدادي و الانتقال بسوريا إلى دولة ديمقراطية، بل من أجل إسقاط شخص واحد كما يطرح الائتلاف وأطراف دولية معروفة يدور في فلكها.
إن الموقعين على هذا البيان من قياديين سابقين في الهيئة،وقياديين حالين، ومن كوادر الهيئة ومناصريها، سوف يعملون على ما يأتي:
أ‌- العودة إلى الالتزام بخط الهيئة السياسي متمثلا في وثيقتها التأسيسية وبجميع الوثائق التي صدرت عن مؤتمر حلبون ومؤتمر القاهرة، والعمل على تطويرها في ضوء معطيات المرحلة الراهنة التي تمر بها الأزمة السورية.
ب‌- إن القضية المركزية اليوم هي في وقف الحرب المدمرة في جميع ربوع البلاد، لإنقاذ ما تبقى من سورية وشعبها.
ت‌- إن الحل السياسي التفاوضي هو الحل الوحيد الصحيح للخروج من الأزمة السورية، وهو الوحيد الذي يمكن أن يحقق للشعب السوري مطالبه وخصوصا مطلبه الرئيس في الانتقال إلى نظام ديمقراطي تعددي لا مركزي للدولة السورية.من أجل ذلك لا بد من وجود مفاوضات جدية وشاملة لجميع أطراف المعارضة الديمقراطية الحقيقية من دون إقصاء، وتبني نهج سياسي واقعي يفضي إلى ذلك، إذ لطالما أضرت المطالب التعجيزية بفرص نجاح الحل السياسي للأزمة السورية.
ث‌- إن محاربة الإرهاب هي قضيتنا أيضا في هيئة التنسيق، ونحن نثمن أي جهد محلي أو دولي يصب في هذا الاتجاه، وإن التوافق على حل سياسي حقيقي على أساس القرارات الدولية ذات الصلة وخصوصا قرار مجلس الأمن رقم 2254 يمكن أن يشكل مظلة وطنية جامعة لمحاربته والقضاء عليه بأسرع وقت.
ج‌- سوف نعمل على عودة الهيئة لشغل مواقعها المستحقة في منصة موسكو والقاهرة،وتشكيل وفد تفاوضي واحد للمعارضة، والعمل على توحيد جهود جميع القوى الوطنية في جبهة ديمقراطية موحدة هذا المطلب الرئيس الذي اشتغلت عليه الهيئة وتخلت عنه قيادتها المتنفذة. وفي هذا الإطار لا بد من إعادة التحالف مع الأحزاب الكردية والاتحاد السرياني شركائنا في تأسيس هيئة التنسيق، على أساس وثائق الهيئة وتفاهماتها معهم، وتطويرها وفق المستجدات الراهنة.
ح‌- إن الخروقات السياسية والتنظيمية التي تقوم بها القيادة المتنفذة بحق الهيئة ومبادئها وصلت إلى حد لا يمكن القبول به، أو غض النظر عنه. وعليه، سوف ندعو إلى اجتماع عاجل واستثنائي لأعضاء الهيئة لبحث جميع خروقات هذه القيادة واتخاذ الإجراءات المترتبة عليها، وإعادة الهيئة إلى خطها السياسي القويم، والتصحيح الديمقراطي لبنيتها التنظيمية.
أيها المناضلون الحريصون على هيئة التنسيق الوطنية، لنعمل معا على عودة الهوية الوطنية والديمقراطية الحقيقية لهيئة التنسيق، لتعود إلى دورها الريادي في المعارضة وخصوصا في الداخل، والمساهمة الجدية والواقعية في الحل السياسي التفاوضي للأزمة السورية، بما يحقق لشعبنا مطلبه الرئيس في التغيير الجذري والشامل للنظام الاستبدادي إلى نظام ديمقراطي حقيقي. ملاحظة: البيان مفتوح للتوقيع لمن يوافق عليه لمدة أسبوع من تاريخ إصداره، مع الرجاء بضرورة كتابة الاسم الكامل للموقع وعنوانين الاتصال.
الموقعون:
د. منذر خدام – مجدولين حسن – فائق علي – د. ثائر ديب –بدر منصور – علي السعد – عامر هلوش – فواز ونوس – زياد ونوس – د. رائد وهيبة – كفاح علي ديب – علي بطال – مجدي عبد المجيد – هشام أبو اسماعيل – حنا سلامة – نادر فطوم – ثائر شموط – حسين موسى – فصال الحسين – معمر نايف الحميد – حمزة الحسين – بسام العلاوي – محسن عبيد الحسين – أحمد الأسود – – منى محمود – – إبراهيم عيسى ولي –طارق وطفة – بسمة النور – غياث عباس – عبد الساتر فيصل – مخلص الخطيب – بسام صقر – زياد وطفة – خلف داهود- فايز سالم -أنس الأسعد -فراس يونس – مزكين زيدان – د. كاميران حسين- مالك الحافظ – جورج شمعون



المصدر