‘صحيفة فزغلياد: ترامب قطع رأس الـ (إف بي آي)’
14 أيار (مايو - ماي)، 2017
سمير رمان
صورة: براين سنايدر/ رويترز
مقدِّمة
سجَّلتْ وسائل الإعلام الغربية اندلاع “نار سياسية” وتتوقع حدوث “زلزال” بعد أن أصدر الرئيس الأميركي قرارًا فاضحًا بإقالة رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي، جيمس كومي. وكان رئيس جهاز الأمن واحدًا من أهمِّ “أبطال” التحقيق في القرصنة التي تعرَّضت لها هيلاري كلينتون، وبذل نشاط ملحوظًا في الكشف عن الفضيحة المرتبطة بـ “اتصالات حملة ترامب مع الروس”. فهل ستتوقف، مع إقالة كومي، “اللعبة الماجنة حول أموال دافعي الضرائب” الحملة التي أضجرت ترامب، أم أنَّ واشنطن تتوقع طوفانًا جديدًا؟
تحت عنوان “الأسواق تخشى من (ووترغيت) جديدة”، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مادةً تحليلية، حول قرار دونالد ترامب إقالة رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي؛ قالت فيه، تدقُّ جرس الإنذار: إنَّ “استقالة جيمس كومي بسبب تحقيقٍ خاطئ حول اختراق البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون يضعف الدولار”.
أمَّا صحيفة (دويتشه فيله) الألمانية، فتتوقَّع للحليف الأطلسي عبر المحيط “زلزالًا سياسيًا”. من جانبها، لجأت وكالة (رويترز) إلى مقارنة أخرى لتشبِّه ما جرى بالكارثة؛ أشعل ترامب “نارًا سياسية” بإقالته رئيس الاستخبارات الذي “لعب دورا بارزًا في التحقيق بشأن علاقة حملة الانتخابات الرئاسية ترامب مع روسيا”. وكان ترامب نفسه، قبل يوم واحد، قد ترك رسالة على تويتر، اعترف فيها بأنه تعبَ من التكهُّنات حول علاقاته مع روسيا، ووصف الحملة بأنها “اللعبة الماجنة حول أموال دافعي الضرائب”. ومع ذلك، يبدو أنَّ إقالة كومي قد أشعلت الفضيحة التي كانت على وشك أنْ تخمد.
رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي، الذي “ساعد” ترامب، استحقَّ التسريح الثاني من نوعه في التاريخ، وتحدث ترامب بقسوة، وهو يعلن إقالة جيمس كومي، قائلًا إنَّ رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي لم يعد قادرًا على القيام بمسؤولياته، وبرّرَ مكتب وزير العدل جيف سيشنس قرار الرئيس بالقول: لقد أساء كومي استخدام السلطة (وحرفيًا “اغتصب السلطة”)، عندما أعلن انتهاء التحقيق في قضية رسائل البريد الإلكتروني لـ Hillari Klinton. والمفارقة -تقول صحيفة (واشنطن بوست)- أنَّ كثيرين من مؤيدي كلينتون رأوا أنّ تجديد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي التحقيق، في القضية نفسها، قد ساهم في فوز ترامب. كلينتون نفسها، أعلنت للتوّ أنها خسرت الانتخابات لصالح ترامب؛ بسبب تصرفات روسيا وجيمس كومي.
وتجدر الإشارة إلى أن تاريخ الاستقالة -وقد تكون بداية أكبر فضيحة منذ انتخاب ترامب- اكتسب فورًا مسحة ساخرة؛ عندما أُبلغ مدير مكتب التحقيقات الاتحادي، بأمر إقالته المفاجئ (من قبل مرؤوسيه خلال مؤتمر)، لم يستطع أنْ يصدِّق لفترة طويلة ما حدث، واعتقد أنَّها كانت خدعة. كان أمرًا من الصعب تصديقه؛ فقد تبيَّن أنَّ كومي كان مدير الـ FBI الثاني، في التاريخ الأميركي. كان المدير الأول يحمل الاسم نفسه الذي يحمله وزير العدل جيف سيشينس، وليام سيشينس. وبالمناسبة، كان لكلينتون (الرئيس بيل كلينتون في عام 1993 رفض مدير FBI لإساءة استخدام السلطة) علاقة أيضًا بإقالته.
الديمقراطيون يستعيدون روح (ووترغيت)
يقارن رئيس مكتب واشنطن DW ميودراج شوريتش، وكذلك زملاؤه البريطانيين قرارَ ترامب مع قضية (ووترغيت) التي ذُكر أنَّها انتهت برحيل الرئيس ريتشارد نيكسون، تحت تهديد توجيه الاتهام، كان “نيكسون قد أعفى المدعي العام الذي حقَّق بأفعال الرئيس السوداء”.
بطبيعة الحال، كان مناهضو ترامب الديمقراطيون أوَّل من أشار إلى فضيحة (ووترغيت)؛ فقد أعلن زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، تشاك شومر أنَّ إجراء “تحقيق مستقل، حول الدور الذي لعبته موسكو في الانتخابات، هو السبيل الوحيد لاستعادة ثقة الأميركيين بـ “الديمقراطية”. أمَّا الآن -يقول عضو مجلس الشيوخ- فقد ارتكب ترامب شيئًا من قبيل “مذبحة يوم السبت في عام 1973”. تحت هذا الاسم المخيف في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، بقي هذا الفصل المخزي المذكور آنفًا، والمتعلِّق بتسريح المدَّعي العام ونائبه، في خضم أزمة (ووترغيت).
تدعو صحيفة (الفايننشال تايمز) الحدث ببساطةٍ كـ “مذبحةٍ سياسية”، وتقول مباشرة: قرار الرئيس محاولة للتأثير على التحقيق في علاقات البيت الأبيض مع موسكو. الاستقالة تعني أنَّ البيت الأبيض سيعيِّن رئيسًا جديدًا لمكتب جديد؛ سوف يضطلِّع بالتحقيق في الخط الذي يناسب ترامب، هذا ما تؤكده (الفاينانشال تايمز). من جهةٍ أُّخرى، تؤكد (واشنطن بوست) أنَّ إقالة كومي “تعزز الشكوك بصلات ترامب مع الروس”.
التحول من بريد كلينتون إلى”أثر الروسي“
في هذه المناسبة، دعا السيناتور الجمهوري المعروف، جون ماكين إلى تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في “تدخل روسيا” في الانتخابات؛ الأمر الذي أدى إلى وصول الرئيس الجمهوري ترامب إلى سدة السلطة. في الواقع، تتواصل “ضجة” مجلس الشيوخ بسرعة؛ وهكذا، وقف النائب السابق لوكالة الأمن القومي الأميركي جيمس كليبر، ووزيرة العدل السابقة سالي إييتس، في 8 آذار/ مارس، أمام مجلس الشيوخ للإجابة على الادعاءات بوجود “تآمر” بين محيط ترامب وروسيا؛ إلا أنَّه من الواضح أنَّ إقالة كومي ستنعش هذه الفضيحة من جديد.
لاحظ المحلل السياسي المتخصص بالشؤون الأميركية فيكتور أوليفيش، في تصريح له لصحيفة (فزغلياد): بعد إقالة كومي مباشرةً، قال عدد من كبار ممثلي الحزب الديمقراطي وغيرهم من القادة السياسيين إن قرار ترامب ليس له علاقة بالتحقيق المتعلِّق بكلينتون. يحاول ترامب “في واقع الأمر” الضغط على مسار التحقيق، في علاقات إدارته مع روسيا.
وبهذا المعنى، كان كلٌّ من السيناتور ريتشارد دوربين، وروبن ماك -وهو مدير حملة كلينتون الرئاسية وكاتب العمود تشارلز كراوثهامر- قد اتخذوا مواقفهم”. قال المتحدث لصحيفة (فزغلياد): “هذه ردة فعلٍ متوقَّعة؛ وسنشهد محاولات لاستغلال هذا الوضع للمطالبة بتعيين مدَّعٍ عامٍ مستقلٍ للتحقيق في علاقة إدارة ترامب مع روسيا”.
الهدف القادم – النائب العام؟
ساهم كومي خلال الحملة الرئاسية بفوز ترامب، في إعادة فتح التحقيق مع هيلاري كلينتون لاستخدامها بريدها الخاص؛ ممَّا أدَّى إلى انخفاض دعم هيلاري. وأضاف أوليفيتش “لكن لا يجوز القول إنَّ كومي حليف مخلص أو موال لترامب”. ومن جهته، قال المحلل السياسي نيكيتا كوركين المتخصص بالشؤون الأميركية “لم يكن ترامب على ثقةٍ بولاء مدير FBI المعزول، فالآخر يلعب لعبته الخاصّة”.
ولكن الآن، يمكن أن يتعرّض عضوٌ موالٍ بالفعل لترامب للهجوم؛ فقد أعلن الرئيس أنه اتّخذ قرار عزل كومي، بناء على توصية من المدعي العام جيف سيشينس، ونائبه رود روزنشتاين، يلفت فيكتور أوليفيش. وقال الخبير: عندما أقيل مايكل فلين من منصبه بسبب اتصالاته مع السفير الروسي لدى واشنطن سيرغي كيسلياك، تحوَّل هجوم معارضي ترامب فورًا على النائب العام سيشنيسن، حيث أشار مايكل فلين، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، إلى أنَّ مرشح ترامب سيشنيس، التقى أيضًا بالسفير كيسلياك.
النتائج: هجوم بانون المضاد والبحث عن شخص مخلص
أما بالنسبة إلى العواقب “أولئك الذين يعتقدون أن ترامب هو نِتاج حيٌّ من منتجات الجحيم، وأنَّه الشخص الذي يباركه بوتين، فإنَّهم كانوا يعتقدون ذلك، وسيظلون على هذا الاعتقاد”، يقول نيكيتا كوركين. أما بالنسبة لأولئك الذين دعموا ترامب، فقد بدأ كبير مستشاري الرئيس السياسيين ستيف بينون بالاستدارة وردِّ الصاع، وهو الذي “يتعرَّض لهجومٍ قوي جدًا، لأنه شخصية مطلقة غير مرغوب فيها في مؤسسات واشنطن”، وأشار الخبير أنَّ “دائرة مستشاري ترامب المقرَّبة: (ستيف بينّون، غريغ ميلر، وكيليان كونيه) تنتقل إلى الهجوم”
وبحسبه، فإنَّ الفضيحة التي رافقت إقالة كومي لن تقوِّض عمل المكتب، يقول: “مكتب التحقيقات الفدرالي هو آلة بيروقراطية ضخمة، وعملت بنجاح كبير على مدى عقود، ويبقى الشيء الأكثر أهمية بالنسبة لترامب أن يكون قادرًا على إيصال شخص مخلص حقًا له إلى هذا المنصب”.
وقال فيكتور أوليفيش: حتى الآن، لم تخضع وكالات الاستخبارات الأميركية للرئيس الجديد، واتَّبعت سياسة لحماية مصالح المؤسسات السياسية الأميركية، وليس ترامب. ويعتقد أوليفيتش أنَّ استقالة كومي المفاجئة ستؤثِّر سلبًا على كفاءة مؤسسته.
اسم المقالة الأصلي Трамп обезглавил ФБР
كاتب المقالة مارينا بولتاتشوفا و ميخائيل موشكين مكان وتاريخ النشر صحيفة فزغلياد 10-05-2017 رابط المقالة https://www.vz.ru/world/2017/5/10/869587.html المترجم سمير رمان
[sociallocker] [/sociallocker]