هل تنسحب الوحدات الكردية من قرى ريف حلب الشمالي؟

17 مايو، 2017

 

لا تزال قضية سيطرة الوحدات الكردية على مناطق بريف حلب الشمالي تتصدّر المشهد هناك، ولا سيما بعد أن نشر “لواء المعتصم” التابع للجيش السوري الحر، وثيقةً وُجّهت إليه من قِبل التحالف الدولي، تنص على تفويض اللواء بإدارة عدّة مدنٍ وبلدات في المنطقة، تسيطر عليها الوحدات الكردية.

لكن وبعد أيامٍ على نشر هذه الوثيقة، لم يحدث أي تغيُّر في خريطة السيطرة على هذه المناطق، ولم تتضّح كيفية استلام اللواء لإدارتها، فبعد نشر هذه الوثائق التي خاطب بها التحالف لواء المعتصم، كان منتظراً من الوحدات الكردية الخروج من هذه القرى، إلّا أنها لم تخرج حتى لحظة كتابة هذه السطور.

 

تفاصيل الوثيقة

 

في العاشر من شهر أيار الجاري، نشر رئيس المكتب السياسي في لواء المعتصم مصطفى سيجري، سلسلة وثائق وتغريدات، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي تويتر يشرح فيها رسالة وجّهها التحالف الدولي إلى اللواء.

وجاء في الرسالة: “نحن قوات التحالف الدولي نفوّض لواء المعتصم باستلام المناطق التي تم السيطرة عليها من قبل قوات سوريا الديمقراطية وهي “المالكية، شواغر، مرعناز، منغ، عين دقنة، تل رفعت، الشيخ عيسى، حربل، كفر ناصح، مريمين، دير جمال”، على أن يكون السلاح محصوراً بقوات لواء المعتصم في هذه المناطق، وإعادة أهالي هذه القرى من مدنيين وجيش حر بدون سلاح، وأن يتم السماح للمدنيين الأكراد من أهالي هذه المناطق بدخولها والإقامة بها تحت حماية لواء المعتصم”.

وأعقب سيجري هذه التغريدة بمجموعة تغريدات، قال فيها: “إن الِكتاب الصادر عن التحالف الدولي هو نتاج جهد وعمل دام لأكثر من شهرين ويهدف بالدرجة الأولى إلى إعادة 300 ألف نازح ومُشرد في الخيام”.

وأضاف سيجري “أخذ إخوانكم في لواء المعتصم على عاتقهم وبالتعاون مع الأصدقاء والحلفاء إتمام هذا الأمر وتجنيب المنطقة ويلات الحرب”، موضحاً أن الوصول إلى حالة سلام بين مكونات الشعب السوري هو هدف له، ولكن ذلك يبدأ بإعادة الحقوق إلى أصحابها.

وتابع: “بعد أن كُلفنا من أبناء هذه القرى وحُملنا أمانة المضي في هذا الأمر قررنا عدم الالتفات للخلف وتقديم مصلحة شعبنا وأهلنا ولو على حسابنا”، وأردف سيجري “أجرينا عدة لقاءات واجتماعات والنتائج حتى الآن مشجعة، وننتظر قليلاً من الوقت وسوف نبيّن كامل التفاصيل في مؤتمر صحفي بعد إتمام الأمر إن شاء الله”.

وختم تغريداته بالقول: “إلى أهلنا في تل رفعت ومنغ وعين دقنة وباقي المناطق، اعلموا أن يوم عودتكم إلى بيوتكم وأرضكم قد بات قريباً، وقد كانت تصلنا دعواتكم الطيبة لنا”.

ومن جانبنا حاولنا في صحيفة صدى الشام الاتصال بسيجري للوقوف على تفاصيل هذا الأمر وآلية التنفيذ، لكنّه فضّل التريث وعدم الإدلاء بأي تصريحات، تمهيداً لمؤتمر صحفي سيتم الإجابة خلاله على جميع التساؤلات.

 

 

توقّعات بصعوبة التنفيذ

العقيد محمد الأحمد، الناطق الرسمي باسم الجبهة الشامية، قال لـ “صدى الشام”: “إن التحالف وعدَ سابقاً بانسحاب الأكراد من منبج إلى شرقي الفرات ولم يتمكّن من إخراجهم منها”، موضحاً أنه فيما يخص قرى ريف حلب الشمالي، فإنه لم يجرِ حتّى الآن أي تحرّك ميداني يُشير لانسحاب الوحدات الكردية من هذه المناطق، وما زال أمراً مُتداولاً بشكلٍ إعلامي.

وأضاف أنه في ظل الظروف الراهنة من الممكن تنفيذ الاتفاق الذي أرسله التحالف إلى لواء المعتصم، ولكن الأمر تشوبه الكثير من العقبات، يأتي على رأسها كيفية إخراج قوات سوريا الديمقراطية من المنطقة، والتي لا يبدو أنّها ستخرج بسهولة.
وبيّن الأحمد أن ما جرى من الممكن أن يكون مراوغة من الولايات المتحدة الأمريكية، كما جرت العادة، وذلك بهدف تهدئة المعارضة، مستنداً إلى وعود وتجارب سابقة مع الولايات المتحدة والتي لم تلتزم بها.

أما الأمر الأهم بحسب الأحمد، فهو أن التحالف الدولي بعد أن أدلى بتفويض “لواء المعتصم” بالسيطرة على هذه المناطق بأيام، قام بتسليح الوحدات الكردية، وتسليمها أسلحة ثقيلة ونوعية ما يُشير إلى أن الولايات المتحدة تلعب على جميع الجبهات، لكنه لم ينفِ بشكلٍ قاطع إمكانية تنفيذ هذا القرار، مقرّاً بصعوبته في ظل الظروف الميدانية الراهنة.

وتابع أن الوحدات الكردية عندما سيطرت على قرى ريف حلب الشمالي، فإنها قامت بذلك بسلاحٍ حصلت عليه من الولايات المتحدة، وبدعم مباشر ومعلن من التحالف، الذي يقول إنه تراجع اليوم مطالباً بانسحابها من هذه المناطق ذاتها!

 

 

خيارات المعارضة

لكن على الرغم من ذلك، فإن الأسلحة التي زوّدت بها الولايات المتحدة الوحدات الكردية من الممكن أن تكون للتحضير لمعركة الرقة المرتقبة، والتي باتت تقترب أكثر وأكثر، ولكن السؤال الأبرز: ما موقف المعارضة إذا اتضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تراوغ بورقة ريف حلب الشمالي؟

يُجيب الأحمد على هذا التساؤل قائلاً: “إن المعارضة اليوم لديها الكثير من الخيارات، أبرزها تجميع قوّاتها والتوحّد من جديد، لمواجهة تمدّد الوحدات الكردية، ولا سيما في الأراضي العربية، لإعادة المدنيين النازحين من أهالي هذه القرى إلى مدنهم وقراهم ومنازلهم، موضحاً أن هذه الخطوة باتت ضرورية، ولا سيما مع عدم التزام الدول الداعمة للمعارضة السورية بوعودها، وتركها للسوريين يواجهون مصيرهم، لذلك “لا بد من جيش وطني واحد تؤسسه المعارضة لاستعادة حقوقها بعيداً عن وعود الغرب”.

وفيما يخص تأثيرات ذلك على علاقات المعارضة السورية مع واشنطن، أوضح الأحمد أن المعارضة اليوم ليس لديها أية علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأن علاقاتها محصورة بالجانب التركي بحكم القرب الجغرافي من سوريا، من جهة، ومن جهةٍ أخرى فإن تركيا داعمة للمعارضة السورية، وتلتقي مصالح كلا الطرفين مع بعضهما، لأن الأتراك يريدون طرد الوحدات الكردية التي تشكّل خطراً في حال تمدّدت على حدود تركيا الجنوبية مع سوريا.

وساقَ الأحمد مثالاً على هذا من عملية درع الفرات التي قادتها أنقرة ونفّذتها المعارضة السورية، قائلاً: “إن التقاء المصالح بين الجانبين دفع تركيا للبدء بعملية درع الفرات وانتزاع مناطق كانت الميليشيات الكردية تريد السيطرة عليها”، موضحاً أنه من المرتقب أن تقوم تركيا بعملية جديدة شمالي سوريا، سواء على جبهة تل أبيض ومن ثم الرقّة، أو عبر عزل عفرين التي من المفترض أن تكون ضمن السيناريوهات المدروسة القادمة.

 

لا صيغة نهائية

 وكانت مصادر إعلامية تحدثت عن وجود مفاوضات بين فصائل المعارضة ووحدات حماية الشعب الكردية حول إدارة قرى بريف حلب الشمالي، وأن هذه المفاوضات بدأت منذ منتصف آذار، دون أن تصل إلى وضع صيغة نهائية للاتفاق، بسبب خلافات حول تفاصيل العملية وعدد البلدات التي سيتم تسليم إدارتها للمعارضة، وتخللت الفترة اللاحقة اشتباكات متقطعة بين الطرفين في جبهات متعددة بالقرب من مارع وإعزاز، وقصف متبادل بالأسلحة الثقيلة.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]