الحملة ضد أصحاب المصالح السوريين مستمرة بلبنان.. كيف تبررها وزارة العمل اللبنانية؟


تواصل وزارة العمل اللبنانية منذ مطلع العام الجاري، تنفيذ عشرات الحملات لإقفال مؤسسات يديرها سوريون بالشمع الأحمر.

وتبرر الوزارة تلك الحملات، بأنها تقع مكافحة العمالة الأجنبية غير القانونية، من أجل القضاء على ما تسميه الوزارة "المنافسة غير الشرعية" لليد العاملة اللبنانية، بقرارٍ من وزير العمل محمد كباره.

هذا القرار، جاء بعد حملة تفتيش واسعة على أصحاب المحال الأجانب، الذي يعملون في طرابلس كبرى مدن الشمال اللبناني، وتبين في مرحلة التفتيش الأولي حسب ادعاء الوزارة أن "عدداً كبيراً من المحال التي يديرها تجار سوريون، يعملون من دون أن يستوفوا الشروط القانونيّة للعمل، وهم يتوزعون بكثافة على مختلف مناطق المدينة".

وتجاوب مع الحملة عدد من رؤساء بلديات في مناطق لبنانية عديدة، بدءاً من الشمال إلى الوسط حتى الجنوب اللبناني، لا سيما أنها جاءت لاحقاً لصرخات من قبل الشباب اللبناني بعد تصريحات مسؤوليه حول مزاحمة اللاجئ السوري في سوق العمل.

ووفق دراسات متعددة أجرتها وزارة العمل منذ 2012 حتى 2016، أشارت إلى أنّ نسبة البطالة بين الشباب اللبناني كانت 11 بالمئة في 2012، قبل النزوح السوري لتصعد بعد الحرب إلى 25 بالمئة العام الماضي.

وقال وزير العمل اللبناني "محمد كبارة": إنّ " لديه معطيات ملموسة تشير إلى وجود أكثر من 200 ألف عامل سوري يعملون في قطاعات ليست ضمن حقوقهم (حقوق عمل الأجانب في لبنان وشروطها التي حددت القطاعات التي يسمح فيها للسوريين بالعمل)".

وأضاف "كبارة"، أن اللاجئين لا يحملون رخص عمل شرعية، حتى أن إقامتهم في لبنان بعضها غير قانونية، وهؤلاء موزعون في كافة المؤسسات المنتشرة من شمال لبنان إلى جنوبه.

ورغم أن لبنان فرض شروطاً صعبة جداً على السوريين للحصول على إقامة أو رخصة عمل فإن كبارة قال إنه "سيحارب بكل طاقته كي يمنع أي أجنبي من مزاولة مهن غير المهن المتاحة له، لفتح باب الفرص أمام الشباب اللبناني الذي وصلت نسبة البطالة فيه أكثر من 25 بالمئة".

ويشدد الوزير إلى أن الحملة ليست عنصرية، "بل هي مشابهة لجميع الحملات في العالم التي لا تسمح بالعمالة السوداء أي التي تعمل خفية دون إذن قانوني".

وتشترط وزارة العمل على أصحاب المشاريع اللبنانية، أو من خلال رأس مال أجنبي أن يضع صاحب المشروع كفالة مالية بقيمة 100 مليون ليرة لبنانية (أكثر من 68 ألف دولار) ما عدا بعض الشروط كأن يكون 70 بالمئة من موظفيه هم لبنانيون لفتح المجال أمام اليد العاملة اللبنانية للعمل.

ويقول أحد أصحاب المشاريع السياحية في لبنان، رجل الأعمال السوري مصعب الحاضري (وهو صاحب مطعم "بيت حلب" الشهير الذي يملك فرعين بالعاصمة اللبنانية): إنّه شخصياً يبحث دائماً عن موظفين لبنانيين للعمل لديه كي يستوف شروط الوزارة ولكن لا أحد يتقدّم".

ويضيف: "بالنسبة لنا كأصحاب مشاريع نجد بعض الصعوبات، ولكن ما يجب فهمه هو أننا نحرك عجلة الاقتصاد اللبناني".

وأورد مثالاً على كلامه الأخير، بأن "المتجرين اللذين استثمرتهما في أرقى مناطق بيروت (الحمراء وعين المريّسة) كانا مقفلين منذ سنوات طويلة (..) وحين أتى إلى لبنان وقرر فتح أول فرع ساهم كما غيره في تحريك سوق العقارات المنهار في ظل التراجع الاقتصادي".

ويرى الحاضري بأنه "لا ينافس أي مطعم لبناني آخر، كونه متخصص بالمطبخ الحلبي وهذا الأمر يجلب مئات الزبائن المحليين والعرب والأجانب".

ويعد لبنان من أكثر البلدان التي يصرح مسؤولوها عن غضبهم من وجود اللاجئين السوريين، ويبررون مشاكل البلاد التي لا يجدون لها حلولاً باللجوء السوري، إلا أن الجامعة الأمريكية في بيروت، أصدرت إحصائية مؤخراً قالت فيها إن اللاجئين السوريين في لبنان يدفعون نحو 378 مليون دولار سنوياً فقط ثمن إيجارات المنازل التي يقطنون بها.

هذه الإحصائية نشر ملخصها، في 6 مايو/ أيار الحالي، ناصر ياسين مدير الأبحاث في معهد "عصام فارس" التابع للجامعة الأمريكية، وقال في تغريدة بحسابه على "تويتر" إن السوريين يساهمون في الاقتصاد اللبناني بمعدل 1.04 مليون دولار أمريكي يومياً.

وأشار ياسين إلى أن مجمل ما يدفعه السوريون خلال عام كامل هو 378 مليون دولار على السكن، ناهيك عن الأموال التي يدفعونها مقابل الحصول على الطعام والمواصلات والرعاية الطبية، فضلاً عن أن بعضهم افتتح مشاريع تجارية ووفر فرص عمل لشبان لبنانيين.

وقال ياسين في حملته التي أطلقها باسم "حقيقة اليوم" إن اللاجئين السوريين ساهموا في توفير ما يزيد عن 12 ألف وظيفة بين اللبنانيين عام 2016، لافتاً أن هذه الوظائف التي يشغلها لبنانيون تتركز في الدوام المسائي لمدارس خصصتها الأمم المتحدة لأبناء اللاجئين السوريين.

ويعيش السوريون في لبنان حياة صعبة ويتعرضون لكثير من المضايقات والتضييق عليهم، ولبعض الممارسات العنصرية والأمنية بحقهم، مما دفع بعض الناشطين اللبنانيين للقيام باعتصامات خجولة ضد هذه الممارسات.




المصدر