on
العراق.. محاربة التطرف والغلو بالتزامن مع هزيمة “داعش”
على مدى الأشهر القليلة الماضية، كثفت المؤسسات الدينية والتعليمية في العراق جهودها لمحاربة التطرف والغلو بالتزامن مع قرب هزيمة تنظيم “داعش” الارهابي في الموصل، ثاني أكبر مدن البلاد.
وتستهدف هذه الجهود، التي تأتي كجزء من حملة، شريحة الشبان على وجه التحديد، والتي كانت هدفا سهل المنال لتنظيم “داعش” وقبله تنظيم “القاعدة” في العراق.
في العاشر من مارس/أذار 2016 أطلق الوقف السني في العراق الحملة باسم “مناهضة الغلو والتطرف والارهاب”، مؤكدًا أنها ستكون الاوسع في الشرق الاوسط بهدف نشر الاعتدال والوسطية.
وقال عبد اللطيف الهميم، رئيس ديوان الوقف السني، عند إطلاق الحملة، “إذا كان الارهاب آفة تنتشر في المجتمعات التي تعاني الازمات السياسية والاقتصادية، فان الخلاص منه لابد بمحاربة مسبباته الرئيسية، التي ما ان تدخل المجتمع الا وجعلته ينمو في إرادة سلبية يعمل الارهاب بموجبها”.
وشدد الهميم على ضرورة “توحيد الخطاب الديني والاسلامي الذي يمر اليوم بحالة من الترهل وفقدان الرؤية الراشدة ليكون خطاب الوسطية والاعتدال”.
وتأمل السلطات العراقية في أن تساهم الحملة بدعم الجهود الحكومية في محاربة فكر تنظيم “داعش” واجتثاثه من المجتمع تجنيا لظهور تنظيمات شبيهة في المستقبل.
دار الإفتاء قالت إنها تركز على نشر مفاهيم المحبة والتسامح بين الشباب، لإبعادهم عن الفكر المتطرف الذي دفع الكثير منهم الى الانتماء للتنظيمات الإرهابية في أوقات سابقة.
ويقول الشيخ سرمد التميمي، عضو الأمانة العامة لدار الإفتاء للأناضول، إن” الدار تبث الدعوة الى الوسطية والاعتدال ونالها ما نالها من الضرر ومن الحيف ومن الأذى لهذه الدعوة، لأنها تتعارض مع أهواء سياسيين وأهل الضلال والذين يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا”.
ويحث التميمي “رجال الدين وخطباء المنبر على التزام الضوابط المحددة للخطب والابتعاد عن الأهواء السياسية والمنافع الشخصية”.
وتشارك في الحملة مؤسسات دينية أخرى كدواوين الأوقاف السني والشيعي، حيث تنظيم ندوات ومؤتمرات متواصلة لهذا الغرض.
ولا تقتصر الحملة الحكومية على المؤسسات الدينية، فهي تركز أيضا على المؤسسات التعليمية، كالجامعات والمعاهدباعتبارها الأقرب الى الشباب في أكثر الاعمار خطورة وتأثرا بالأفكار المتطرفة.
وتشير التوجيهات المركزية الصادرة عن وزارة التعليم والبحث العلمي، الى ضرورة تنظيم الجامعات والمعاهد ندوات وجلسات حوارية بصورة دورية تركز على مواجهة التطرف والغلو بين الشباب.
ويقول الدكتور ناهض الموسوي، الباحث في العلوم الاسلامية في جامعة بغداد للأناضول، إن “هنالك تجاوبا كبيرا لدى شبابنا الواعي لمحاربة التطرف كونهم أدركوا مشاكله وما آل اليه الفكر الداعشي المتطرف”.
وتركز هذه الفعاليات على استثمار الشباب للترويج لثقافة المحبة والتسامح في المجتمع.
كم جهته، قال الدكتور علي السعدي، الباحث في علم الاجتماع السياسي، في جامعة بغداد للأناضول، إن “ما يسمعه الشباب وما هم على قناعة به يجب أن ينتقل الى المجتمع وأن يتحدثوا عنه لكي يصل المجتمع العراقي الى حالة من الاستقرار ترفض كل اشكال التطرف”.
لكن التعويل على الشباب لن يكون كافيا لوحده من دون أن يكون المجتمع بكامله مدركا لمخاطر التطرف والغلو.
الدكتورة رنا الشجيري، أستاذة الاعلام في جامعة بغداد، إن “القضاء على التطرف ليس سهلا في مجتمع يتميز بالتعدد مثل المجتمع العراقي ولذلك يجب أن يكون هنالك وعي مجتمعي بالخطر الذي يولده التطرف”.
ولا تقتصر خطوات مواجهة التطرف والغلو ومكافحتهما على هذا الأمر لكونها ترتبط بإجراءات تثقيف ومتابعة تمتد الى مواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها، تعمل على تطبيقها الحكومة العراقية تدريجيا”.
وتأتي هذه الجهود في وقت اقتربت فيه القوات العراقية من استعادة السيطرة على الموصل شمالي البلاد من سيطرة تنظيم “داعش” الذي اجتاح شمال وغرب البلاد صيف عام 2014 وأحكم قبضته على ثلث مساحة البلاد.
استعاد العراق اراضيه تدريجيا، ويقول قادة الجيش إن “داعش” سيهزم نهائيا، خلال بضعة أشهر. لكن تسري مخاوف من أن يعود التنظيم في الظهور بأشكال ومسميات أخرى.
صدى الشام