صالون الجولان يستضف الكاتب الفلسطيني السوري ماجد الكيالي


جيرون

استضاف صالون الجولان، التابع لمركز (حرمون) للدراسات المعاصرة، في 28 أيار/ مايو الجاري، الكاتبَ الفلسطيني السوري ماجد الكيالي، في لقاءٍ، هو الثاني مع الجمهور السوري في الجولان المحتل، وشارك في اللقاء نحو 30 شخصية جولانية من داخل الأرض المحتلة، وعبر (السكايب) شارك كل من د. حازم نهار، الكاتبة والصحفية سميرة المسالمة، والكاتب المعارض السوري ميشيل كيلو، والناشط السياسي السوري زكريا السقال عضو الائتلاف السوري، وبحضور حسين العابد، من مدينة رام الله.

استهل فوزي أبو صالح -مدير صالون الجولان في مركز (حرمون)- اللقاءَ مؤكدًا على تميّزه، كونه يأتي “ضمن استعادة السوريين وطنهم وبناء سورية الوطنية الديمقراطية، ولأنه يجمع بين سوريين من الداخل وسوريين كوتهم سياط الاحتلال والاستبداد منذ نحو خمسين عامًا”، مشيرًا إلى أن “الاحتلال والاستبداد وجهان لعملة واحدة، تستهدفان الوجود الوطني السوري هوية وأرضًا وشعبًا”، وتناول في حديثه وحدة المعاناة بين السوريين والفلسطينيين في الأرض المحتلة، ونضالهم المشترك ضد الاحتلال الإسرائيلي.

“في وطني فلسطين التي زرتها لأول مرة في حياتي بعد النكبة، نمت الليلة الأولى في بلدي الجولان السوري المحتل، وآخر ليلة لي في وطني فلسطين أودّع وطني من بلدي في الجولان السوري المحتل أيضًا”.

بهذه الكلمات استهل الكاتب الفلسطيني السوري ماجد الكيالي اللقاء، معربًا عن شكره العميق لكل من ساهم وساعد وعمل على تحقيق هذه الزيارة التي استعرض محطاتها وبرامجها والانطباعات التي تركتها في نفسه في مسقط رأسه اللد ويافا، وتناول انطباعاته عن تعامل “إسرائيل” مع فلسطينيي الداخل الفلسطيني في مناطق عام 1948، وتعامل الدولة العبرية العنصري معهم، وتقطيع الأرض الفلسطينية عن طريق الجدار الفاصل، وبناء المستوطنات في أعالي الجبال والتلال لتشرف على المدن والبلدات العربية، وتطرق إلى مستوى الخدمات العالي التي تُمنح لليهود  مقارنة مع تلك المتواضعة التي تُمنح للعرب، وعن التميز الفاضح بينهما، وتناقض الممارسات العملية مع الخطاب الإسرائيلي، مما يؤكد عنصريتها وسعيها إلى تهويد الأرض والإنسان على حد سواء، في فلسطين والجولان المحتل، وتناول خلال لقاءاته في مدينة حيفا  اللقاء الذي جمعه مع يساريين تقدميين إسرائيليين من جمعية معًا وتعاطفهم  مع المأساة السورية.

من جهته، أعرب الكاتب السوري المعارض ميشيل كيلو عن سعادته بهذا اللقاء مع الناس الأعز إلى وجدانه ووجدان كل السوريين في الجولان السوري المحتل، وفق وصفه، وشدد على ضرورة استمرار مثل هذه اللقاءات، مُعربًا عن شكره لإتاحة المجال للمشاركة في هذا اللقاء.

وتناول كيلو في مداخلته العملية التفاوضية وآفاقها، وسيناريوهات الحل السياسي، معتبرًا أنها مماطلة لإعادة إنتاج نظام بشار الأسد، ومؤكدًا على أن الانتقال الديمقراطي السياسي دون سواه هو الطريق لاستعادة سورية من قبل السوريين، في ظل توافقات دولية وإقليمية، لإنهاء ووقف كارثة التمذهب، والتغيير السكاني الذي يجري في سورية.

من جهتها تطرقت الكاتبة سميرة المسالمة إلى الدور المطلوب من السوريين في ظل الصراع على وطنهم، وفي ظل تراجع الثورة السورية، وكيفية تحركهم، والدور المطلوب منهم، بعد أن أُغلقت بوجوههم كل المعابر ورُفعت الأسوار حولهم، حتى في بلاد اللجوء، فهم محاصرون إما تحت قنابل النظام أو تحت رحمة قوانين جائرة في دول الجوار، أو تحديد الإقامة وإجراءات السفر في دول اللجوء، وفق قولها.

وقالت مسالمة: إن السؤال “لا يعني إلى أين يجب أن يذهب السوريون تحت عنوان متابعة سياسة النظام في تهجير من تبقى منهم داخل سورية، أو أولئك الذين ينتظرون في المناطق الحدودية الساخنة، ولكن المقصود عندما نتحدث عن سورية، وسيناريوهات الحل المنتظر من المجتمع الدولي الذي يُخيّر بين التقسيم أو التقاسم، بين أن نكون تحت النفوذ الإيراني أو الروسي، بين الإبقاء على روسيا بمشاركة كل قوى العالم في سورية، مقابل خروج إيران والإبقاء على نظام الأسد، بين استمرار موتنا بيد النظام وفي معتقلاته وتحت براميله، أو موتنا تحت قصف الطائرات الأكثر تطورًا وتقنية وتصويبًا”.

وأضافت “عن أيّ السوريين نتحدث؟ عن الذين يُفضّلون الموت تحت أنقاض بيوتهم، أو يلوذون بمناطق النظام ويعيشون ظروفًا اقتصادية قاسية، أم عن المشردين بين الحدود، أو الذين يحاولون الاندماج بمجتمعاتهم الجديدة التي لن تستطيع أن تتقبلهم بالمرونة ذاتها التي تتحدث بها تلك المجتمعات عن حقوق الإنسان وحق اللجوء، أو عن السوريين في الجولان المحتل الذين رفضوا الهوية الإسرائيلية، ويشعرون بأن الهوية السورية أيضًا تضيع مع مشروعات التقسيم والتقاسم”.

من ناحيته، أكد د. حازم نهار -المدير العام لمركز (حرمون) للدراسات المعاصرة- على أهمية أن يبقى الجولان في مركز القضايا الوطنية السورية لمواجهة الظلم والتهجير والتجهيل والمتاجرة التي عانى منها سكانه في الجزء المحتل، وسكانه المهجّرون على مدار 50 عامًا، وتجهيل السوريين من قبل النظام بقضيتهم، وأكد على الدور الوظيفي للنظام في بقاء الجولان محتلًا طوال تلك السنوات.

وشدد نهار على أهمية ارتباط السوريين داخل الأرض المحتلة بالسوريين خارجها، ورأى وجوب أن يُركّز أحد أهداف الثورة السورية على إعادة ربط السوريين بالوطن الأم، حيث لم تبذل كل القوى والأطر المعارضة العملَ الكافي لتحقيق ذلك.

وتناول نهار مشكلة الهوية “التي أصبحت تخص 24 مليون سوري اليوم، ولا تخص السوريين داخل الجولان المحتل فحسب، تلك الهوية التي أصيبت بحالة تشظ. طوال نصف قرن من الزمان رفض النظام العمل على إنتاج هوية سورية، ولعب دورًا كبيرًا في تحطيم أي هوية وطنية، الهوية التي أصبحت سؤالًا مهمًا جدًا مطروحًا على كل السوريين”، وأعرب عن أسفه لأن “معظم الإجابات والحلول المقترحة اليوم خاطئة، كونها تأتي في مرحلة يعاني فيها السوريون من انهيار، الأمر الذي يفرض العمل الجاد والمسؤول على خلق مفهوم وطني وطبيعي لمسألة الهوية”.

وتطرق كذلك إلى المفاوضات السياسية التي عدّها “دوامة لإنتاج حلول جزئية ومؤقته وفارغة، تؤثر سلبًا على السوريين، وتساهم في تشظي الدولة والمجتمع السوري، كون السوريين خارج هذه الحلول وليس لهم أي دور فاعل فيها، ولا يُقدّمون حلولًا أو مبادرات فيها”، وأشار إلى أن المطلوب من السوريين “إعادة إنتاج أنفسهم، لأنهم أمام لعبة لقوى سياسة لا تُنتج حلًا، وإنما تُنتج تقسيمًا ودويلات وحالات متحاربة متقاتلة”.

وأكد أن وجود 10 آلاف مواطن سوري واعٍ ضمن إطار سياسي وطني ديمقراطي كفيل بأن يُقدم للسوريين مثالًا جيدًا ورائعًا وعمليًا لوقف التقسيم والتغير الديموغرافي وتشظي الدولة السورية وفرض مناطق نفوذ بين إيران وروسيا وأميركا والخليج و”إسرائيل”.

واختتم نهار بالقول: “إن الخيار أمام السوريين هو بناء دولة مستقرة، لهم دور أساسي ومهم فيها، ولأجل ذلك يجب عليهم معرفة هذا الدور لوقف الكارثة، ومعرفة كيفية إيجاد إنتاج حالة سياسية متقدمة عن الأطر والهيئات والمجالس القائمة، يكون بديلًا جامعًا للسوريين، للتأثير على الدول العالمية والإقليمية، والأهم إقناع السوريين ببرنامجها، لإنجاح المشروع الوطني الحقيقي الغائب عن كل قوى المعارضة”.

وتضمن اللقاء نقاشًا مفتوحًا مع المشاركين، حيث قُدّمت مداخلاتهم للإضاءة على بعض الأمور، كرؤية النظام لقضية الجولان وطرائق الابتزاز السياسي والمتاجرة التي مارسها، كما تم التعريف بالوضع القانوني للجولان، وسياسة “إسرائيل” في نظر القانون الدولي.

تجدر الإشارة إلى أن صالون الجولان، التابع لمركز (حرمون) للدراسات، يُعنى بتنفيذ برامج وفاعلياتٍ وندواتٍ ثقافيةٍ وفنيةٍ وإعلامية، وإنتاج دراساتٍ بحثيةٍ تُبرز أهمية قضية الجولان ومركزيتها بالنسبة إلى سورية ومستقبلها.

وقد أطلق مركز (حرمون) صالون الجولان في آذار/ مارس الماضي للتأكيد على سوريّة الجولان في مواجهة الاحتلال الإسرائيليّ، الذي يحاول طمس هويته السورية، ويؤكد أيضًا أنّ عودته إلى السيادة السورية هي إحدى القضايا الأساسية التي يجب أن تبقى على جدول أعمال السوريين، لاسترداد قضية الجولان من أيدي المتاجرين بها من الأنظمة الاستبدادية الحاكمة والتنظيمات المتطرفة المرتبطة بأجنداتٍ غير وطنية.

وكان مركز (حرمون) قد أطلق (صالون الكواكبي) كمنصة للحوار بين التيار الإسلاميّ والتيارات الأخرى، و(صالون هنانو) للحوار الفكريّ السياسيّ كمنصة للحوار حول القضية الكردية السورية، يضاف إليهما سبعة منتدياتٍ (الفرات – بردى – حمص الثقافي – اليرموك – زيتون – العاصي والجمهورية).




المصدر