تطبيق على الموبايل لمساعدة اللاجئين، أصبح مصدراً تعتمد عليه مئات المنظمات الانسانية


العنوان الأصلي:
تطبيق مساعدة اللاجئين الذي أُسس خلال عطلة نهاية أسبوع واحدة، أصبح اليوم مصدراً تعتمد عليه مئات المنظمات غير الربحية
“شيلي تايلور” التي تدعو نفسها بالمخضرمة من وادي سيليكون، وتخبرني بأن المخضرمة تعني “القديمة”.

 

نظراً لنشأتها في “بالو ألتو”، فإن لدى تايلور خلفية تقنية متميزة. وعلى الرغم من أنها ليست مهندسة، إلا أنها كتبت “إنجيل واجهة المستخدم” عام 1995 عند فجر إنشاء المواقع الإلكترونية، مبتكرة قسماً كبيراً من اللغة التي ما تزال تُستَخدَم هذه الأيام لوصف المواقع والتجارة الإلكترونية. كما أطلقت مجموعة من الشركات الناشئة وقدّمت النصح لشركات مثل AOL وCisco وMicrosoft وYahoo في بداياتها.
تقول تايلور: “إن نهجي في أن أكون مؤسسة تكنولوجيا، إذ لطالما كنت كذلك، يبدأ بتجربة المستخدم ومن ثم استعمال ذلك لتطوير تصميم المنتج”.
وهذا بالضبط ما تفعله بمشروعها الأخير، وإن كان ذلك تطوراً إنسانياً على نحو أكبر؛ ذلك أن تايلور هي من يقف وراء تطبيق مساعدة اللاجئين “RefAid” الذي يصل اللاجئين بالخدمات الضرورية متى كانوا بأشد الحاجة إليها وفي أي مكان كانوا. وتستخدم التطبيق أكثر من 400 منظمة من كبرى المنظمات الإغاثية في العالم، بدءاً من الصليب الأحمر مروراً بمنظمة إنقاذ الأطفال وحتى منظمة أطباء العالم، جميعها تستخدمه،. بل إنها في كثير من الحالات تعتمد عليه.

 

ومن خلال واجهة بسيطة سهلة الاستخدام، يستخدم تطبيق الهاتف المجاني ميزة تحديد الموقع الجغرافي ليُظهر للمهاجرين واللاجئين وعمال الإغاثة خريطة لأقرب خدمات الغذاء والمأوى والرعاية الصحية والمساعدة القانونية وأكثر من ذلك. كما تستطيع منظمات الإغاثة التواصل مع بعضها البعض والتواصل مع اللاجئين الذين قدمت لهم المساعدة من خلال نظام إدارة المحتوى على شبكة الإنترنت، فضلاً عن تحديث الخدمات التي تقدمها وتتبّعها.
بدأ التطبيق كمشروع لتايلور مليء بالشغف مطلع العام 2016، إذ يُعَدّ فرعاً من شركتها تريليز “Trellyz”، المعروفة سابقاً بـ “Digital Fan Clubs”، والتي أُطلِقت قبل 4 أعوام لمساعدة الناس في إدارة العلامات التجارية ونقد معجبيهم على موقع الفيسبوك. لكن منذ حوالي 18 شهراً، شعرت تايلور، التي عاشت في أوروبا بصورة متقطعة على مدى الأعوام الـ 25 الماضية، شعرت أنها مجبرة على القيام بشيء مختلف.

تقول تايلور: “لقد صُدِمت، ككُثر غيري، بأزمة اللاجئين التي كانت أكثر وضوحاً في أوروبا. وفي إيطاليا، حيث أعيش، يكفي أن تنظر باتجاه البحر لتجد أناساً يغرقون في محاولة الوصول إلى أوروبا؛ بر الأمان. وتأثرت كذلك بالصور المخيفة وتملّكني الإحباط، فقلت في نفسي: ما الذي نستطيع فعله؟”.
ونظراً لأن شركة “Digital Fan Clubs” قد أنشأت مسبقاً تطبيقات تعتمد ميزة تحديد الموقع الجغرافي في الوقت الحقيقي، تساءلت تايلور كيف يمكن لهم أن يوائموا تلك التقنية لتصبح مفيدة للاجئين الذين تعرف مسبقاً أنهم يمتلكون هواتف ذكية. لهذا سألت عدداً من المنظمات الكبرى مثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والصليب الأحمر البريطاني ما إذا كان تطبيق مثل “RefAid” سيعود عليها بالفائدة، وكان لجميع المنظمات الإجابة ذاتها :”سيكون ذلك رائعاً”.
وخلال عطلة نهاية أسبوع واحدة فقط قامت تايلور وفريقها بإعداد تطبيق “RefAid” باستخدام تقنية منصة إنشاء التطبيقات الخاصة بالشركة، ليتم إطلاق التطبيق بدايةً في شهر فبراير/ شباط من عام 2016 في المملكة المتحدة وإيطاليا حيث يكون لللاجئين فيهما حاجات مختلفة تماماً. ففي المملكة المتحدة وصل العديد من اللاجئين إلى وجهتهم بالفعل وينصبّ تركيزهم الآن على الاندماج في مجتمع جديد، بينما في إيطاليا في الوقت نفسه، ما يزال كثير من اللاجئين يصلون على متن القوارب بعد رحلات مروّعة للغاية ومحفوفة بالمخاطر عبر البحر الأبيض المتوسط.

 

يقول كل من “نيل فانديفانيت”، مديرة المشاريع البلجيكية في منظمة أطباء العالم، و”مارك فورسيث”، منسق خدمات دعم اللاجئين في الصليب الأحمر البريطاني، يقولان إن تطبيق “RefAid” قد أثبت أنه مفيد للغاية بالنسبة لمنظماتهم؛ فقد كان نشر الوعي بالخدمات أمراً صعباً، إلا أن التطبيق قد بسّط العملية برمتها.
وتقول فانديفانيت إنه في بلجيكا، التي يجتازها العديد من اللاجئين سريعاً للوصول إلى المملكة المتحدة وأجزاء أخرى من أوروبا، تقول إن التطبيق قد ساعد منظمة أطباء العالم بأن تشرح لهم حقوقهم. وفي كثير من الحالات، يساعد التطبيق في توجيههم إلى مراكز الرعاية الصحية؛ ذلك أنه ليس من السهل على الدوام ترجمة هذا النوع من المعلومات الحيوية وإقناع اللاجئين بما يحتاجون إليه. لكن الاستفادة من الأجهزة الذكية – والتي تسميها فانديفانيت “بوصلاتهم” – قد أسهم في بناء المزيد من الثقة بين عمال الإغاثة واللاجئين.

وتقول نيل: “أعتقد أن التطبيق مثالي للفئات الضعيفة جداً من الناس؛ الذين بحكم التجارب السيئة والقمع والعنف الذي مروا به أثناء ترحالهم، لا يتّجهون إلى مراكز الخدمات في الحقيقة”. وتضيف: “وهذا التطبيق يمكن التحكم فيه؛ فإذا كانت الشرطة هي من سيقدّم المعلومات لن يذهب اللاجئون إليهم؛ إذ سيعتقدون أن الشرطة تسيطر على التطبيق وعندها سيتعين عليهم التعريف عن أنفسهم وما إلى ذلك”.
علاوةً على هذا، يحمي هذا التطبيق هويّات اللاجئين ولا يطلب سوى عنوان البريد الإلكتروني ولا يطالب اللاجئ باسمه أو أية معلومات شخصية أخرى. كما توجد فيه أيضاً ميزة تسجيل الدخول المزدوج التي تحمي حساباتهم في حال فقد أحدهم هاتفه.
وحسب فورسيث فقد استخدم الصليب الأحمر البريطاني تطبيق “RefAid” بصورة أساسية ليكون دليلاً للخدمات ذات الصلة عبر البلاد. إذ يمكّنهم من البحث عن أحدث المعلومات حول الخدمات من قبيل المواقع ومواعيد الافتتاح.
ويقول: “من الطبيعي أن يتنّقل اللاجئون وطالبو اللجوء في جميع أنحاء البلاد، لذا من المفيد حقاً أن تطبيق “RefAid” يغطي البلد بأكملها فنتمكّن عندها من الاتصال بالخدمات في المدن الأخرى لنحيل الناس إليها”.

ويتوفر تطبيق “RefAid” حالياً في 14 دولة، وهي: اليونان والمملكة المتحدة وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وسلوفانيا وكرواتيا وهنغاريا وبلغاريا ومالطا وتركيا بالإضافة إلى الولايات المتحدة.
لكن مؤسسو التطبيق لم يخططوا لإطلاق التطبيق في الولايات المتحدة، على الأقل ليس في وقت قريب جداً، إلا أن دونالد ترامب أقرّ أول قوانينه كرئيس بأمر تنفيذي يوم 27 يناير/ كانون الثاني يفرض حظر سفر مدته 90 يوماً على مواطني كل من العراق وسوريا وإيران والسودان وليبيا والصومال واليمن، فضلاً عن تعليق مدته 120 يوماً لبرنامج اللجوء الأمريكي. بيد أن هذا الحظر قد تم حجبه من قبل المحاكم الدنيا، وهو حكم أقرّته محكمة الاستئناف الفدرالية منذ أسبوع فقط.
وتقول تايلور: ” لأنني أمريكية، فقد استأت من حظر السفر الذي فرضه ترامب. إني مغتربة أعيش في أوروبا وإني فخورة للغاية بتاريخنا الأمريكي في ترحابه باللاجئين. لقد فكرت في الأمر طوال عطلة نهاية الأسبوع وقلت في نفسي “حسنٌ، علينا أن نفعل ذلك وحسب”.

قامت بدعوة فريقها ومجموعة من أصدقائها إلى منزلها يوم الاثنين الذي تلى ذلك، وانكب جميعهم على هواتفهم يتصلون بأكبر قدر ممكن من المنظمات التي تتمتع بخدمات قانونية في الوقت الحقيقي. أرادوا أن يتأكدوا من أن الأشخاص المحتجزين يستطيعون الوصول إلى أرقام الهاتف الأساسية. وعلى الرغم من أن اتحاد الحريات المدنية الأمريكي “”ACLU وغيره من المنظمات قد أنشأوا موارد قانونية مجانية في المطارات الدولية، هناك الكثير من الأشخاص لم يتمكنوا من الخروج إلى الجمارك للوصول إليها.
تقول تايلور: “اعتقدت أننا إذا تمكّنا من توفير هذا للناس ليصبحوا قادرين على إجراء مكالمات هاتفية، سيكون بداية رائعة لتطبيق “RefAid” في الولايات المتحدة الأمريكية”.
وفي ذلك اليوم لوحده، أصبح التطبيق مفعّلاً في 21 مدينة أمريكية مع التركيز على الخدمات القانونية في المناطق التي تضم مطارات دولية كبرى.

كما أن تطبيق ” RefAid ” ليس التطبيق الوحيد في السوق الذي يساعد اللاجئين والمهاجرين في مراحل مختلفة من رحلاتهم، لكنه مبتَكر على وجه الخصوص وذلك بسبب المشكلات غير المتوقعة التي يجد حلولاً لها للمنظمات غير الربحية بالمجمل: عن طريق إدارة مواردها.
وما لم تدركه تايلور وفريقها هو أن معظم هذه المنظمات لم يكن لديها قواعد بيانات مركزية للخدمات التي تقدّمها. فقد كانت المعلومات حول الفئات المختلفة للمعونة التي تقدمها وما تؤمنه مكاتبها، كل ذلك كان في ذاكرة عمال الإغاثة أو على أوراق مخبأة في أدراج.
تقول تايلور: “لقد قالت أول منظمة أعربت عن رغبتها في استخدام نظامنا: سنرجع إليكم عندما نجمع جميع خدماتنا. فسألتهم: حسنٌ، كم عددها. فأجابوني: لا نعلم حقاً”.
وتلك المنظمة ذاتها، التي لم تذكر تايلور اسمها، تملك 60 مكتباً في المملكة المتحدة. وقد استغرقهم الأمر شهرين ونصف لتجميع كل شيء وإعطائها جدول إكسل يضم 30 خطاً من الخدمات.
ويقول فورسيث إن الأمر ذاته تقريباً حدث في حالة الصليب الأحمر البريطاني.

ويضيف: “إن الخدمات في تغيّر مستمر، لا سيما هذه الأيام، لذا فإن الدلائل الورقية وملفات الـ “pdf” أصبحت قديمة منذ اللحظة التي صُنعت فيها”. ويتابع: “أما تطبيق RefAid فيتم تحديثه بانتظام، ونظراً لوجوده على هاتفي فإنه متوفر في أي زمان وأي مكان حتى وإن لم أكن في المكتب”.
لقد كان إلهاماً رأت فيه تايلور فرصة ليُطرح في السوق. تركت كل شيء آخر وغيّرت اسم شركة ” Digital Fan Clubs” ليصبح تريلز، واتجهت حصرياً لمساعدة المنظمات غير الربحية في إدارة مواردها.
والآن، تقوم الشركة بتطبيق تقنية RefAid على تطبيق جديد يسمى “LifeSpots”، والذي تستطيع المنظمات غير الربحية من خلاله تجميع خدماتها حسب الموقع، لمساعدة الناس في إيجاد المساعدة التي يحتاجون إليها، فضلاً عن فرص التطوع المحلي. ومن المتوقع إطلاق هذا التطبيق الجديد خلال الشهر المقبل. وتخطط تريلز أيضاً للقيام بالشيء نفسه في المدن، وذلك عن طريق توفير تطبيق آخر للحكومات المحلية لوضع قائمة في الخدمات المحلية التي تقدّمها وبالتالي إدارتها.

 

يتم تحديث تطبيق RefAid كل بضعة أسابيع أو بضعة شهور، كما أن المزيد من المنظمات غير الربحية تستخدمه وتزوّده بتعليقاتها. حتى أن الحكومة قد بدأت بالانضمام إلى مستخدميه؛ إذ تستخدمه ولاية واشنطن لمساعدتها في نشر معلومات حول الخدمات المحلية المتوفرة للاجئين، فضلاً عن استخدامه من قبل مراكز الخدمة الصحية الوطنية في المملكة المتحدة وغيرها من المدن في جميع أنحاء أوروبا.
وتعمل منظمة أطباء العالم مع شركة تريلز لدمج “جواز سفر طبي” في تطبيق RefAid، ما يسمح للاجئين بإدخال تاريخهم الطبي على التطبيق. وذلك كله آمن، إذ يبقى في أيدي المستخدمين ويحل مشكلة عدم قدرتهم على الحفاظ على أوراقهم المهمة أثناء سفرهم.

وفي نهاية المطاف، يتصل كل ذلك بما قالته تايلور حول التركيز على تجربة المستخدم؛ أي فهم الشخص الذي سيستخدم التطبيق ومن ثم تطويره لتحقيق أقصى حد من التأثير. ومع RefAid، فإن ذلك النهج الإنساني يصبح واضحاً حال تسجيلك. ذلك أنك تستلم على الفور رسالة إلكترونية قصيرة مكونة من جملتين في بريدك الوارد.
تقول الرسالة الإلكترونية: “شكراً لتسجيلك في تطبيق RefAid. نأمل جميعاً أن تجد بعض الدعم بالقرب منك، متمنين لك رحلة آمنة”.
ومع هذا الموقف والتقنية التي تقف وراءه لإحداث تغيير حقيقي إيجابي، فإن تطبيق RefAid يصبح بسرعة إضافة ضرورية في هاتف أي لاجئ.

 

رابط المادة الأصلي: هنا.



صدى الشام