دير الزور ..ملاذ “داعش” البديل ومحور التسابق على النفوذ
7 يونيو، 2017
فيما تتصدّر الرقّة جميع الأخبار حالياً، ولا سيما مع تقدم “قوات سوريا الديمقراطية” المتسارع نحوها، فإن مدينةً أخرى تبدو بعيدة عن الأضواء رغم التنافس عليها، وازدحام “الحلبة” الإقليمية والدولية بالمتسابقين إليها، ألا وهي دير الزور.
وخلال سنوات الحرب ضد تنظيم “داعش” والتي شهدت تقلبات وتبدلات بالنسبة للاعبين الأساسيين، كان هناك رغبة واضحة لدى كل من “قوات سوريا الديموقراطية”، والولايات المتحدة الأمريكية ونظام الأسد وروسيا، لمد نفوذهم في دير الزور.
تحسباً للحصار
جميع المؤشرات كانت تؤكّد أن نفوذ التنظيم في سوريا ستكون نهايته في دير الزور، وهو ما بات يتجه للتحقّق اليوم، حيث تشير الخرائط العسكرية إلى أن “الباب” الوحيد الذي من الممكن أن ينسحب عناصر التنظيم عبره هو من جهة دير الزور، خصوصاً بعد أن خسر التنظيم “ولاية حلب” كاملةً نتيجة سلسلة عمليات بدأت من “درع الفرات”، وانتهت بهجمات النظام على ريف حلب الشرقي وانتزاع مدينة مسكنة وعشرات القرى في محيطها.
وفي هذا السياق توضّح مصادر ميدانية لـ “صدى الشام” أنه منذ أن بدأت “قوات سوريا الديمقراطية” بتضييق الخناق على عناصر التنظيم داخل الرقة، قام مقاتلوه بإرسال حشود عسكرية كبيرة نحو دير الزور. ورجّحت المصادر أن تكون هذه الحشود التي تم إرسالها تضمّ مقاتلي التنظيم وقياداته المهمة، وذلك تحسباً لاحتمال تعرضهم للحصار داخل مدينة الرقة.
المصادر ذاتها أكّدت أن التنظيم لم يعد له مكان في سوريا يستطيع التمركز به سوى دير الزور، وذلك في حال خسر محافظة الرقة، متوقعةً أن يكون عدد عناصر “داعش” داخل الرقة حالياً ما بين 3 – 4 آلاف عنصر وقيادي.
تنافس
ثمّة ما يشي بتنافس كبير للسيطرة على دير الزور بعد الرقة، فهناك عدّة أطراف تحاول بسط نفوذها هناك وأبرزها “إيران، الولايات المتحدة الأمريكية، الميليشيات الكردية، المعارضة السورية والنظام”. غير أن هذا التنافس جعل أي جهد لمهاجمة التنظيم في ريف المدينة غير واضح في هذه المرحلة.
وبالنسبة لإيران فقد رأت نفسها خارج اللعبة، بعد تفرد الروس والعودة الأمريكية القوية إلى سوريا. وإثر ذلك بدأ الإيرانيون يبحثون عن مناطق نفوذ جديدة، وهنا برزت دير الزور كخيار نموذجي، كونها قريبة من مناطق يسيطر عليها الحشد الشعبي العراقي. كما أن بسط النفوذ الإيراني في هذه المنطقة يسمح لطهران بالسيطرة على الحدود من الجانبين السوري والعراقي عبر ذراعها في العراق؛ “الحشد” الذي وصل قبل أيامٍ إلى الحدود السورية.
أما الولايات المتحدة فإنها تدعم فصائل في المعارضة بشكلٍ مباشر في الهجوم على دير الزور، حيث قامت الأحد الماضي بتأسيس قاعدة عسكرية جديدة بالتعاون مع “جيش مغاوير الثورة” بهدف التقدّم نحو جنوب دير الزور.
ويقول محمد مصطفى جراح، المتحدث باسم جيش مغاوير الثورة، التابع للجيش السوري الحر والمدعوم من قبل التحالف الدولي، لـ “صدى الشام”: “إن مقاتلي تنظيم الدولة يفرّون حالياً من الرقة إلى المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية مثل البوكمال و دير الزور وجبال الشاعر وجبال جزل والمساك وشمال تدمر”، شارحاً أن من بين هذه المناطق ما هو شديد الوعورة ويساعد التنظيم على صد أي هجمات محتملة عليه.
ويضيف جراح أن :”داعش الذي هُزم في الرقة سيتم هزيمته في دير الزور”، مردفاً: “حتى لو تقدّم النظام السوري في دير الزور قبلَنا فلن يتغيّر شيء بالنسبة لنا لأننا نحارب النظام وداعش في دير الزور وجميع المدن السورية”.
ويلفت إلى أن القاعدة العسكرية الجديدة التي تمت إقامتها في منطقة الزكف، هي نقطة متقدّمة من جهة ريف دير الزور الشرقي، وسيتم استخدامها للتقدّم نحو المدينة وتحريرها من قبل التنظيم.
وكان “جيش مغاوير الثورة” أعلن عن إنشاء قاعدة عسكرية لغرض التدريبات والمناورة في منطقة “الزكف” بالبادية السورية استعداداً لبدء معركة تحرير البوكمال.
ولا بد من الإشارة أيضاً إلى الحضور الذي تمثله الوحدات الكردية، والتي تتمركز في ريف الرقة وكامل محافظة الحسكة، وتسعى هي الأخرى أيضاً لإيجاد موطئ قدمٍ لها في معركة دير الزور، لتحصيل مكاسب ما.
لكن وبين جميع هذه الأطراف يبقى أهالي دير الزور المحاصرون في مناطق النظام والتنظيم الحلقة الأضعف، فهم يعيشون ويلات الحرب وينتظرون معرفة مصير مدينتهم المجهول.
النظام يعاود الهجوم
بعد توقيع اتفاق المناطق الآمنة وتوقف العمليات العسكرية في جبهات عدة، بدأت قوات النظام السوري والميليشيات الموالية له بالتفكير مجدداً في العودة لدير الزور، فقامت قوات النظام قبل أيام، بالتصعيد عسكرياً في عدّة أحياء ومناطق بالمدينة والريفه، مستغلّةً بذلك هدوء الجبهات الأخرى مع المعارضة السورية من جهة، وانهماك التنظيم بمعركة الرقّة من جهةٍ ثانية.
وذكرت وسائل إعلام موالية للنظام قبل أيام، أن قوات الأسد تتحضّر لشن عمليةٍ كبيرة في دير الزور، انطلاقاً من منطقة البانوراما جنوب المدينة للسيطرة على جميع أحيائها.
وعلى هذا الأساس تُعتبر قوات النظام أحد اللاعبين الأساسيين في معركة دير الزور بسبب وجود قواتها على الأرض وتمركزها في عدد من أحياء المدينة ومطارها العسكري.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]