‘الكاميرا كانت درعي الواقي.. كرم المصري مصور حربي سوري وثّق الواقع الصعب باحترافية’

10 حزيران (يونيو - جوان)، 2017

4 minutes

يتذكر “كرم المصري” أنه انهار عندما كان مجبراً لأول مرة على رؤية رجل فقد ساقيه بعد هجوم جوي، ففي ذلك اليوم لم يتمكن من أخذ صور.

ورغم الصدمة وجد المصور الشاب طريقاً في التعامل مع إراقة الدماء. ففي السنوات اللاحقة قام بتوثيق الواقع الصعب في حلب. المدينة التي ترعرع فيها: “لم أعد أنظر مباشرة إلى الأطفال المصابين والجثث الهامدة. فآلة التصوير كانت بيننا، لقد قمت بحماية نفسي”. ويضيف كرم المصري: “آلة التصوير كانت درعي الواقي”.

يبلغ “كرم المصري” من العمر اليوم 25 عاماً، وهو ابن أبوين عملا في قطاع التعليم. وهو لم يكن ينوي العمل كمصور، لكن صوره حول أحداث الحرب في حلب نُشرت على مستوى العالم على صفحات الصحف. وعندما استولى الجيش السوري الحر في 2012  على أجزاء كبيرة في حلب، كان المصري طالباً في شعبة الحقوق.

وخضع الجزء الشرقي للمدينة الذي كبر فيه لسيطرة الجيش الحر حين تخلى المصري عن الدراسة وشرع في التقاط صور وتسجيل فيديوهات لعمليات القتال والهجمات بالقنابل عبر هاتفه النقال. وأرسلها إلى قنوات تلفزة عربية. ويقول اليوم: “مدرسة الثورة كانت مثيرة أكثر من الجامعة”.

وفي أحد الأيام جلب المصري اهتمام وكالة الأنباء الفرنسية التي لم يكن لها مثل غالبية وسائل الإعلام الغربية مصورون أو مراسلون في عين المكان، لأنّ الوضع أصبح خطيراً في سوريا، ورجال الإعلام مهددون بالقتل أو الاعتقال.

واشترت منه وكالة الأنباء الفرنسية صوراً وفيديوهات، واقتنى كرم المصري بعدها آلة تصوير احترافية. وبمرور الوقت أصبح مصوراً مطلوباً. لكن من يتجول بآلة تصوير مكلفة عبر حلب المحاصرة يثير بالطبع الاهتمام. وعندما غزا تنظيم “الدولة الإسلامية” المدينة في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 اعتقلوا المصري الذي حامت حوله الشبهات كشخص يتجول ويصور في كل مكان.

بين مخالب “تنظيم الدولة”

لم تكن المرة الأولى التي اعتُقل فيها المصري، ففي 2011 عندما هزت  أحداث الربيع العربي العالم العربي، اعتقلته سلطات نظام الأسد مدة شهر بسبب تعليقاته المعادية للنظام على موقع “فيس بوك”. ويتذكر المصري بأن “عمه تدخل بإرشاء حراس السجن كي لا يكون التعذيب قاسياً”.

وبسبب الجوع والعطش خلال الاعتقال نسي المصري مشاعر الخوف. ومع طرد “تنظيم الدولة” من حلب في بداية 2014 أخذوا معهم السجناء إلى بلدة الباب القريبة. وهناك علم المصري أن والدته توفيت بسبب برميل متفجر سقط فوق بيتها.

وأطلق سراح المصري عندما أصدر “تنظيم الدولة” عفواً عن السجناء، ورجع إلى حلب المدمرة التي هجرها أعضاء العائلة والأصدقاء الذين مازالوا على قيد الحياة. وانهمك المصري في العمل، وانطلق يصور يومياً مشاهد الاقتتال في الشوارع وأجساد الرجال والنساء والأطفال المشوهة ودمار القصف من قبل نظام الأسد في البداية وبعدها من قبل الروس.

“كل صورة أخذتها تجذرت في ذاكرتي”، يقول المصري الذي أضاف: “أعرفها بدقة ويمكن لي وصف الظروف التي أخذت فيها الصور”.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2016 عندما استولى جيش نظام الأسد على المدينة وأخلى سبيل آلاف المدنيين والمقاتلين ترك المصري أيضاً حلب.

وبمساعدة وكالة الأنباء الفرنسية تمكن المصري من الهرب إلى فرنسا حيث طلب حق اللجوء. ولا يحق له بعد العمل، لأنّ عليه أولاً جمع الوثائق الضرورية. لكن كرم المصري يدرك ماذا يريد أن يفعل: “أرغب في التصوير مجدداً في عين المكان”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]