الإدارة السيئة والسرقات تحرم أهالي حماه من حصصهم الإغاثية

17 حزيران (يونيو - جوان)، 2017

7 minutes

تساهم الجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية بمساعدة الفقراء والنازحين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، لتعيلهم على متطلبات شهر رمضان المبارك، كما تكثر في هذا الشهر الصدقات والمعونات من المتصدقين وبعض الأغنياء من السوريين المتواجدين خارج البلاد، لذلك يصبح توزيع السلل الغذائية والمساعدات المالية ووجبات الإفطار الجاهزة للصائمين مشهداً معتاداً.

 

جهد ضائع

كما في كل عام جهزت الكثير من الجمعيات الخيرية والمنظمات العاملة في الشأن الإغاثي نفسها بشكل جيد لتقدم المساعدة لمئات الأشخاص بريفي حماة الشمالي والغربي خلال شهر رمضان المبارك.

ويقول هادي اليوسف الناشط الإغاثي بريف حماة، إنه “تم توفير عدد كبير من السلل الغذائية والمساعدات المالية التي لا بأس بها علّها تكفي الأهالي ولو لبضعة أيام من الشهر”، ويستدرك “لكن الكثير من المنظمات الإنسانية لم تستعدّ بالشكل المطلوب لتخزين وحفظ تلك المواد الغذائية خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، وهذا ما تعانيه الكثير من المناطق المحررة في سوريا، وقد يجري تأمين مئات السلل الغذائية الكافية للأهالي ولكن سوء التخزين والحفظ يؤدي إلى فساد أكثر من نصف تلك المساعدات والمعونات ليتم إتلافها في حين تجد الآلاف من الجائعين والفقراء بحاجتها”.

كما أن هذا الأمر لا يمكن تلافيه بتوزيع تلك السلل بشكل فوري على الأهالي، حيث أن تلك المعونات ستفسد أيضاً في منازل الأهالي لانعدام وجود الكهرباء والبرادات وأماكن الحفظ الجيدة للمواد الغذائية، ما يعني ضرورة تأمين أماكن الحفظ والتخزين في مستودعات خاصة للحفاظ على سلامة الأغذية وخصوصاً أغذية الأطفال.

 

عوائق

تواجه الجمعيات الخيرية مشاكل كبيرة أثناء عمليات التوزيع وخصوصاً في شهر رمضان، ويقول عبد الرحمن الخالد، أحد العاملين في هذا المجال في بريف حماة، إن عدم تنظيم التوزيع بجداول وأدوار محددة خلق مشكلات كبيرة بين الأهالي وصل بعضها إلى ضرب بعضهم البعض، وذلك سعياً للحصول على السلّة غذائية  وخوفاً من نفاذ الكمية”.

ويشدد الخالد على ضرورة حل هذه المشكلة من قبل إدارات تلك الجميعات بالتنسيق مع المجالس المحلية لكل منطقة، وتنظيم جداول توزيع بأدوار محددة تؤمن لكل عائلة حصتها من المساعدات دون جمع العائلات في أماكن معينة قد تجعلهم طعماً سهلاً لقذائف النظام وطائراته.

 

الصورة غير المرغوبة

تُحتّم سياسة معظم المنظمات الإغاثية، والدولية منه بشكل خاص، على الموزعين والعاملين فيها توثيق وتصوير عمليات التوزيع على الأهالي بهدف الدعاية للمؤسسة الإغاثية أو بأهداف نشر أخبار عملها لتأمين دعم مالي أكبر يعود على الفقراء والمحتاجين بمعونات أكثر، ولكن الكثير من الأهالي وبريف حماة بشكل خاص يمتنعون عن التصوير وتوثيق عمليات التوزيع لهم ولعائلاتهم، ويعتبرونه بمثابة إهانة لهم بعد أن كانوا يعيلون أنفسهم، وهذه المشكلة يقع حلّها على عاتق إدارة تلك المؤسسات في تبيان الظرف الاجتماعي للأهالي، ووضع داعمي تلك المؤسسات في صورة الوضع العام لتلك المناطق والتعامل مع أهلها.

كذلك فقد انعكس امتناع الأهالي عن التصوير والتوثيق في ريف حماة وفي عدة مناطق في سوريا سلباً على أشخاص آخرين، بسبب تحويل عدد من المنظمات لمساعداتهم لمناطق أخرى بعد رفض الكثير من الداعمين دعم هذه المنظمات دون توثيق وتصوير فيديو يبين آلية العمل والتوزيع، فيما عملت منظمات أخرى على خفض نسبة الحصص الغذائية للمناطق ذاتها بسبب موافقة البعض من الأهالي على التوثيق ورفض بعضهم الآخر، وهنا تبدأ الخلافات بين كلا الطرفين من الأهالي بين موافق على التوثيق والتصوير لتحصيل حصص أكبر من السلل الغذائية التي هي حقّهم في هذا الشهر، وبين معارض لذلك والذي سيؤثر برفضه سلباً على حصص منطقته وأهلها، وهذا ما أدى في العديد من المرات لنشوب خلافات كبيرة بين العوائل.

 

 

فساد

من العوائق الأخرى للعمل الإغاثي في المناطق المحررة أيضاً سرقة حصص الأهالي وعمليات النهب التي باتت معروفة من قبل كثيرٍ من المنظمات الإنسانية الوهمية والتي عملت ونهضت على حساب الفقراء والمحتاجين من أهالي سوريا، فعشرات المنظمات أُنشئت بشكل وهمي أي بالأسماء والمراسلات مع داعمين ومؤسسات دولية بحجّة دعم أهالي سوريا في المناطق المحررة.

وتبدأ عمليات الدعم بمئات السلل الغذائية وبآلاف الدولارات والتي قد لا يرى منها السوريون ليرة سورية واحدة، فقد يتم بيع جميع الحصص للأهالي وبأسعار مرتفعة أو بيعها لمناطق النظام، فيما يتم تقاسم المساعدات المالية على إدارة تلك المنشآت الوهمية من أجل التستر على بعضهم.

أما الشكل الآخر من السرقات فيأتي من بعض العاملين ضمن المؤسسة، فقد يسير العمل بشكل نظامي لجهة تأمين الحصص والسلل الغذائية حسب العدد المطلوب، ولكن العاملين في مجال التوزيع يقومون أحياناً بسرقة بعض الحصص الغذائية، وهذا ما يحرم عدداً من العائلات السورية من حقها في تلك المساعدات، فكل حصّة غذائية يتم سرقتها تحرم منها في المقابل عائلة سورية بأكملها.

ويضاف إلى تلك المنغصات عدم وجود كوادر إغاثية ذات خبرة ووعي لتشرف على عمليات التوزيع، وهو ما قد يؤدي إلى تخريب عمل المؤسسة بأكملها، وقد يذهب بجهود جميع العاملين فيها بسبب سوء الإدارة.

 

الإغاثة في مناطق النظام

 ليس الوضع في مناطق النظام بأفضل حالاً من مناطق المعارضة، فالفساد والسرقات والواسطات تفرض كلمتها في مؤسسات الإغاثة والمنظمات الإنسانية العاملة في حماة ودمشق وطرطوس واللاذقية، فغالباً ما تذهب المساعدات المالية والطبية والسلل الغذائية إلى أصحاب النفوذ وضباط النظام والأغنياء على حساب الفقراء والمحتاجين.

وبحسب مصادر محلية في فرع الهلال الأحمر الهلال الأحمر بحماة فإن أكثر من 750 سلّة غذائية تذهب إلى أغنياء المدينة وضباط النظام فيها، من غير المحتاجين، حيث يخصص لكل ضابط ما يزيد عن خمس أو ست سلات عذائية، في حين تبذل العائلات الفقيرة في حماة جهدها وتسعى عبر “الواسطة” للوصول إلى المسؤول عن توزيع السلل بهدف الحصول على سلّة واحدة علّها تكفيهم لبضعة أيام.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]