سباق الحدود يتسارع… وغرفتان جديدتان لـ”البنيان المرصوص” في درعا


تتعقد معركة الحدود السورية ــ العراقية ــ الأردنية من كافة الجهات، مع تحقيق قوات النظام السوري والمليشيات الحليفة لها تقدماً واسع النطاق في البادية، وسط تحصين القوات الأميركية لقاعدتها عند معبر التنف، بينما سيكون وصول قوات النظام إلى الحدود الأردنية من جهة درعا، إن حصل ذلك، خطوة رئيسية في السباق إلى الحدود. وواصل، منذ نحو أسبوعين، النظام السوري حملة القصف الجوي والصاروخي على مدينة درعا، محاولاً التقدم على أكثر من محور، لكنه أخفق في ذلك، وسط تصميم من فصائل المعارضة على التصدي لهذه المحاولات، وهي شكلت لهذا الغرض غرفتي عمليات جديدتين، بالإضافة إلى “غرفة عمليات البنيان المرصوص” التي تدير العمليات في درعا البلد.

وقال الناشط الإعلامي، محمد الشلبي، لـ”العربي الجديد”، إن المدينة تعرضت حتى ظهر أمس الخميس لأكثر من 22 صاروخ “فيل”، قصير المدى وشديد الانفجار، ما خلف المزيد من التدمير في أحياء المدينة، إضافة إلى سقوط قتلى وجرحى. وأوضح أن طوافات النظام ألقت نحو 20 برميلاً متفجراً على أحياء درعا البلد، فيما أعلنت “غرفة عمليات البنيان المرصوص” تدمير دبابة، بصاروخ “تاو”، أمام فرع مبنى الاستخبارات الجوية شرق مخيم درعا. ونعت أحد مقاتليها الذي سقط جراء القصف. ورغم أن قوات النظام السوري، المدعومة بالمليشيات، تحاول بشكل شبه يومي التقدم على محاور القتال في درعا البلد ومنطقتي المخيم والنعيمة على أطراف المدينة، إلا أنها أخفقت في ذلك حتى الآن بسبب تصدي الفصائل المقاتلة لها، وقيامها بعمليات حشد ومناوشة على أكثر من جبهة بهدف تخفيف الضغط على المقاتلين في درعا البلد. وقال مصدر في المعارضة المسلحة، لـ”العربي الجديد”، إنه تم أخيراً تشكيل غرفتي عمليات جديدتين، إضافة إلى غرفة “عمليات البنيان المرصوص”، وذلك بهدف التصدي إلى تحركات وهجمات النظام والمليشيات خارج درعا البلد، موضحاً أن الغرفة الأولى، وهي “رص الصفوف”، تشكلت في بلدة النعيمة المجاورة لمركز مدينة درعا بهدف التصدي لمحاولات النظام والمليشيات التقدم إلى المدينة من محور النعيمة، والثانية هي “غرفة عمليات المنطقة الشرقية”، وهدفها مهاجمة أرتال وتعزيزات النظام القادمة من دمشق وإزرع، إذ يتم باستمرار قصف هذه الأرتال بالمدفعية وراجمات الصواريخ، ما أوقع خسائر فادحة في صفوفها.

وحول الأهداف التي يتوخاها النظام من حملته الحالية العنيفة على درعا، قال اللواء المنشق، محمد حاج علي، إن النظام يريد الوصول إلى الحدود وفتح معبر مع الأردن. ورأى حاج علي، وهو من محافظة درعا، في حديث مع “العربي الجديد”، أن النظام لا يريد كل درعا البلد “بل فقط الحصول على ممر إلى الحدود يكون مؤمناً من نيران الفصائل”. وعما إذا كان الوصول إلى الحدود الاردنية، يتم التخطيط له من جانب النظام بالتنسيق مع الأردن، أعرب حاج علي عن اعتقاده بأن هناك توافقاً وتنسيقاً بين النظام والأردن حول هذا الأمر “الذي لا يمكن أن يتم إلا برضى الطرفين”، مشيراً إلى أن المحادثات الروسية -الأميركية- الأردنية حول المنطقة الآمنة في الجنوب السوري تتناول هذا الأمر، “بحيث يكون الممر إلى الحدود جزءاً من المنطقة الآمنة في الجنوب، وذلك ضمن اتفاق تخفيف التصعيد الموقع في أستانة”.

واستهدفت طائرات النظام مدرسة في مدينة طفس بريف درعا الشمالي الغربي، تؤوي نازحين من بلدة عتمان، ما أدى إلى مقتل 11 شخصاً، بينهم أطفال، وجرح 10 آخرين. وهذه المجزرة الثانية التي ترتكبها قوات النظام في طفس خلال أقل من أسبوع، إذ استهدفت في المرة الأولى الأبنية السكنية في المدينة، ما أدى إلى مقتل 8 مدنيين. إلى ذلك، أحصت منظمة “الدفاع المدني السوري” في محافظة درعا مقتل 84 شخصاً، بينهم 13 طفلاً، خلال الحملة الحالية لقوات النظام على درعا منذ بداية يونيو/حزيران إلى 13 الشهر الحالي. وتظهر إحصائية الدفاع المدني أن قوات النظام استهدفت خلال أسبوعين محافظة درعا، التي يفترض أنها مشمولة باتفاق “تخفيف التصعيد”، بأكثر من 594 برميلاً متفجراً، و577 صاروخاً من نوع “فيل”، و179 غارة جوية، و83 غارة باستخدام قنابل النابالم المحرمة دولياً، إلى جانب استهداف فرق الدفاع المدني خمس مرات. وكانت محافظة درعا “الحرة”، قد أعلنت الأحياء الخارجة عن سيطرة النظام في مدينة درعا وبلدات مجاورة لها، “مناطق منكوبة”، وناشدت المنظمات الإنسانية والدولية والدول “التي بقي لديها حس إنساني” مساعدة الأهالي في هذه المحافظة.

في غضون ذلك، لاحظ مراقبون أن التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، عزز حضوره في المنطقة الشرقية من سورية، خصوصاً في قاعدة التنف العسكرية التي زودها بنظام مدفعية متطور مخصص للأهداف بعيدة المدى. كما عزز عديد أفراده وسلّم فصائل المعارضة بعض الأسلحة الجديدة، وذلك بالتزامن مع إعلان وزارة الدفاع العراقية أن وفداً عسكرياً من النظام السوري أجرى محادثات في بغداد مع نظرائه العراقيين تناولت أمن الحدود بين البلدين. وقالت مصادر في المعارضة السورية، التي تنشط في تلك المنطقة، إن نظام المدفعية الصاروخية الذي وصل حديثاً بعيد المدى، ومن نوع “هيمارس”، نقله الجيش الأميركي من قواعد عسكرية في الأردن، مشيرة الى أنه قادر على إطلاق صواريخ لمسافة 300 كيلومتر. وكانت قاعدة التنف قد أقيمت العام الماضي، وتديرها قوات أميركية وبريطانية ونروجية، وهي تتولى تدريب فصائل من الجيش الحر على قتال تنظيم “داعش”. كما أعلنت الولايات المتحدة قبل أيام إنشاء قاعدة أخرى على بعد نحو 65 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من التنف تدعى “الزكف”، وتعمل على توسيعها لتكون مماثلة للتنف. وذكرت قناة “سي إن إن” الأميركية أن نظام “هيمارس” يوفر دفعة قوية للجهود العسكرية الأميركية في تلك المنطقة، التي تركزت الأنظار عليها أخيراً بعد سلسلة من الضربات الجوية التي نفذها طيران التحالف ضد قوات موالية للنظام السوري تنشط بالقرب منها. ونقلت القناة عن مصادر عسكرية أميركية قولها إنها ليست المرة الأولى التي يدخل فيها هذا النظام إلى سورية، إذ سبق لواشنطن أن استخدمته في شمال البلاد دعماً لـ”قوات سورية الديمقراطية” في عملياتها ضد تنظيم “داعش”. ويستطيع نظام “هيمارس” التعامل مع مدفعية الميدان والمدرعات الخفيفة وناقلات الجند المدرعة وقوات المشاة، ولديه قدرات إلكترونية ودقة عالية في إصابة الأهداف.



صدى الشام