أهالي الرقة يخشون من الاضطرابات اللاحقة لهزيمة تنظيم الدولة

21 يونيو، 2017

تتقدم قوات مدعومة من الولايات المتحدة صوب معقل تنظيم “الدولة الإسلامية” في الرقة غير أن السكان السوريين الذين فروا من ساحة القتال يشعرون بالقلق مما قد تأتي به الأيام بعد المعركة.

وقد تطوع العشرات منهم لإعادة بناء المدينة بمجرد إلحاق الهزيمة بالتنظيم.

ويتمثل هدف المجلس الذي انضموا إليه تحت مسمى “مجلس الرقة المدني” في إعادة النظام والحفاظ على السلم في مكان من الممكن أن يؤدي فيه مزيد من العنف إلى ظهور مجموعة جديدة من المتطرفين ممن لهم طموحات عالمية.

تأسس هذا المجلس في أبريل/ نيسان الماضي على أيدي حلفاء للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من الأكراد والعرب بدأوا هذا الشهر مهاجمة الرقة وذلك ليحل محل حكم “تنظيم الدولة”.

وقد تسارعت وتيرة الحملة على “تنظيم الدولة” منذ تولى الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” منصبه في يناير/ كانون الثاني وأصبحت الهزيمة تنتظر التنظيم في كل من الرقة ومدينة الموصل في العراق.

غير أن مجلس الرقة المدني يقول إن التخطيط في الرقة لما بعد الحرب لم يستمر بالوتيرة نفسها. ويذكر متطوعون في المجلس المدني إنهم أبلغوا التحالف أن إعادة إمدادات الكهرباء والماء وإصلاح الطرق والمدارس سيتطلب 5.3 مليار ليرة سورية (حوالي عشرة ملايين دولار) سنوياً وأنه ليس لديهم شيء حتى الآن سوى تبرعات خاصة صغيرة.

اتضحت مخاطر الفشل في إعادة البناء في العراق في أعقاب الغزو عام2003  فقد فتحت الفوضى التي انتشرت بعد الحرب الباب أمام حركة تمرد تسببت في دمار كبير وغذت صعود نجم التنظيم.

وقال مسؤول أمريكي إن واشنطن تقف على استعداد لتمويل المجلس المدني “بشرط أن يثبت أنه يحتضن الجميع ويمثل التجمعات السكانية التي يحكمها”.

استقرار

ومجلس الرقة المدني فريق متنوع يشترك في قيادته كل من الشيخ محمود شواخ البورسان وهو من القيادات العشائرية والمهندسة المدنية الكردية ليلى مصطفى.

ويقع مقر المجلس في قرية عين عيسى الواقعة على مسافة 50 كيلومتراً شمال الرقة ويتمتع بدعم “قوات سوريا الديمقراطية” التي تدعمها الولايات المتحدة.

وقالت المهندسة ليلى: “هذه خطوة تاريخية للرقة” في إشارة إلى عشرات الخبراء الفنيين والقيادات العشائرية في مقر المجلس الواقع في مبنى دائرة المياه الحكومية السابقة استعداداً لحكم الرقة لحين إجراء انتخابات حرة.

وأضافت: “لكن لابد من إعادة بناء البنية التحتية المدمرة. لابد من فتح المدارس. كما أن محطات المياه والكهرباء تحتاج إلى تمويل”.

أدى نقص التمويل إلى عدم إتاحة موارد تذكر للمجلس الذي يضم بين أعضائه السبعين مدرسون وأطباء ومهندسون ومحامون لتهدئة سكان الرقة المحبطين والمشردين الذين يتطلعون لحلول سريعة عندما يعودون للمدينة.

ومن المرجح أن تحدث عمليات قتل انتقامية لكل من ارتبط بـ”تنظيم الدولة” وهذا العنف قد يغذي حركة أخرى من جانب المتطرفين مثلما ساهمت عمليات القتل الانتقامية لقيادات عشائر مرتبطة بتنظيم القاعدة في العراق في نشر حكم “تنظيم الدولة” في الأراضي العراقية من الرقة.

ويشعر عبد العزيز الأمير وهو واحد 20 من ممثلي العشائر المحلية في المجلس بالتفاؤل أن بإمكانهم تعزيز تماسك النسيج الاجتماعي في المدينة التي تهدمت صفوف من بيوتها ومتاجرها في غارات طائرات التحالف وقنابل “تنظيم الدولة”.

وقال الأمير: “دائماً يأتي الناس إلينا لتسوية نزاعاتهم. نحن نتمتع بثقة الناس. ويمكننا أن نسهم في تحقيق الاستقرار”.

تركيا والأكراد

غير أن تركيا لها رأي مخالف إذ ترى أن وجود مجلس متحالف مع ميليشيا كردية في الرقة سيوسع نفوذ أكراد سوريا الذين أصبحوا مقاتلين مهرة خلال الحرب الدائرة منذ ست سنوات وأقاموا حكماً ذاتياً في شمال سوريا.

وشهدت تركيا حركة تمرد منذ ثلاثة عقود يقودها مقاتلو “حزب العمال الكردستاني” في جنوب شرقها وتعتبر تركيا صعود نجم أكراد سوريا خطراً أمنياً عليها.

ويوضح المجلس أن حوالي 80 في المئة من أعضائه من العرب وأن نواب قائديه اثنان من العرب وكردي واحد.

وتشارك الدول الأوروبية تركيا والولايات المتحدة مخاوفهما من أن يتصرف مجلس الرقة المدني بشكل مستقل عن الميليشيا الكردية في الرقة وهي مدينة غالبية سكانها من العرب لكنها تشعر بقلق شديد مما قد يحدث بعد الحرب في ضوء عدد الهجمات التي وقعت على أراضيها.

وقال دبلوماسي أوروبي “في الوقت الراهن الولايات المتحدة تقول لنا نحن نشن الآن حربنا. ولذا سنرى ما يحدث بعد ذلك”.

وأفاد المسؤول الأمريكي أن واشنطن ساعدت في تأكيد الحكم المحلي في معاقل أخرى سابقة للتنظيم في سوريا وإنها تعمل مع مجلس الرقة المدني لضمان تمثيله لجميع الأطراف.

قوة شرطة

يعيش المجلس على تبرعات صغيرة في أغلب الأحوال من أفراد. قال عمر علوش عضو المجلس “أرسلت إلينا فتاة مبلغ 30 يورو عن طريق وسترن يونيون. وقد شكرناها”.

ويجلس علوش في مكتبه محاطاً بعدد من الناس الذي يطلبون منه مساعدتهم في العودة إلى بيوتهم. ويرفع علوش إلتماساً من مزارعين طلباً للمال لإصلاح قنوات الري التي دمرها التنظيم.

وقال علوش الذي شاهد رجال التنظيم وهم يدمرون ممتلكاته متمثلة في مستشفى وناد رياضي ومدرسة لغات ومطعم “إصلاح الرقة سيتطلب ملايين وملايين الدولارات”.

وأضاف: “نحن حتى لا نملك المال لمساعدتهم في مشروع ستبلغ كلفته نحو 15 ألف دولار”.

وبعض الاحتياجات أساسية في ضوء نزوح 200 ألف شخص عن الرقة وتوقع فرار المزيد مع اشتداد حدة المعارك.

وزار مسؤولون من العسكريين الغربيين من قوات التحالف علوش في مكتبه ليبلغاه أنه ليس بوسعهم سداد كلفة نقل المواد الغذائية. وقال لهما علوش إن المجلس سيسدد الفاتورة.

وخارج عين عيسى مباشرة يشترك مجندو الشرطة للرقة الذين يمولهم التحالف في رقصة تقليدية للاحتفال بتخرجهم بعد تدريب استمر 12 يوماً فقط.

ويقول إدريس محمد الكردي الذي وقع عليه الاختيار ليكون رئيس الأمن في الرقة مستقبلاً: إنه تم تدريب 700 فرد حتى الآن. وأضاف “الهدف هو تدريب 3000  لكن تدريب 10000 سيكون رائعاً”.

وبخلاف الخلايا النائمة التابعة لـ”تنظيم الدولة” التي يتوقع أن تشن هجمات ما إن تتحقق السيطرة لقوات التحالف فإن هاجسه الرئيسي هو عمليات القتل الانتقامية التي قد تفتح الباب أمام موجة جديدة من عدم الاستقرار.

وبينما كان زملاء من الخريجين يستمتعون بالموسيقى راح الشرطي عادل العربي يروي كيف قتل التنظيم شقيقه وابن عمه. وقال “شاهدت داعش تقطع رأسيهما في الشارع” موضحاً أنه انضم للقوة للثأر لمقتلهما.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]