29 إعلامياً قضوا تحت التعذيب في معتقلات نظام الأسد


أصدر المركز السوري للحريات الصحفية في رابطة الصحفيين السوريين، الإثنين الماضي، تقريراً خاصاً عن الإعلاميين السوريين الذين قضوا تحت التعذيب في سجون نظام الأسد، وذلك بالتزامن مع حلول اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب الذي يصادف يوم السادس والعشرين من شهر حزيران كل عام.

وذكر المركز أن إصداره للتقرير في هذه المناسبة جاء تعبيراً منه عن مساندته لضحايا التعذيب في سوريا وخاصة الإعلاميين الذين لاقوا مختلف صنوف التعذيب والتنكيل والمعاملة المهينة والقاسية بسبب إصرارهم على نقل الحقيقة وكشف ما يجري في سوريا منذ انطلاق الثورة السورية في منتصف آذار من عام 2011 وحتى الآن.

وجاء في التقرير الخاص الذي حمل عنوان “في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب.. 29 إعلامياً قضوا تحت التعذيب في معتقلات الأسد”، أن المركز وثق مئات الانتهاكات التي ارتكبت بحق الإعلام في سوريا منذ انطلاق الثورة، ومنها مقتل 407 إعلاميين، من بينهم 29 حالة لإعلاميين قتلوا تحت التعذيب في سجون ومعتقلات نظام الأسد، مع الإشارة إلى أن مصير إعلاميين آخرين معتقلين لا يزال مجهولاً حتى تاريخه في بلد يقبع في المركز 177 (من أصل 180 بلداً) على التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته “مراسلون بلا حدود” عام 2016.

وسَجلَ المركز السوري للحريات الصحفية وقوع حالتي قتل لإعلاميين تحت التعذيب في عام 2011، و7 حالات في عام 2012، و6 حالات أخرى في عام 2013، فيما ُقتل 5 إعلاميين في عام 2014 وهو عدد الحالات التي وثقها المركز في عام 2015، وكانت حصيلة عام 2016 توثيق 3 حالات، وآخِر حالة تم توثيقها في عام 2017 كان ثبوت مقتل الإعلامي أسامة الهبالي تحت التعذيب عام 2015.

ويحسب التقرير توزعت حالات قتل الإعلاميين تحت التعذيب في سجون النظام على عدد من المحافظات السورية، فقد شهدت ريف دمشق التي يقع فيها سجنا صيدنايا “المسلخ البشري” وسجن عدرا حصول 11 حالة، بينما شهدت مدينة دمشق التي تحتوي عدداً كبيراً من سجون الأفرع الأمنية والمخابراتية وقوع 8 حالات، أما سجون ومعتقلات حلب فقد شهدت 5 حالات، وحصلت 3 حالات في سجون الأجهزة الأمنية في محافظة حمص، في حين كانت هناك حالة واحدة في كل من إدلب ودرعا.

وأوضح التقرير أن كافة سجون ومعتقلات النظام وأماكن الاحتجاز في الأفرع الأمنية وقطعات قوات النظام هي أماكن يتعرض فيها المعتقلون لمختلف أنواع التعذيب، حيث أثبتت كافة التقارير الحقوقية أن معظم إن لم يكن جميع المعتقلين والموقوفين يتعرضون لتعذيب وحشي على أيدي عناصر الاستخبارات أو الشرطة أو قوات النظام بحيث يكون من المستحيل حصر عدد كل من تعرض للتعذيب في هذه الأماكن.

وأشار المركز إلى التقارير الحقوقية التي تطرقت لممارسات نظام الأسد بحق المعتقلين في المعتقلات ومنها تقرير منظمة “العفو الدولية” الذي حمل عنوان “المسلخ البشري” ونُشر في السابع من شهر شباط 2017،حيث كشف عن إعدام النظام 13 ألف معتقل مدني في سجن صيدنايا بطرق مختلفة، وكذلك نشرت الولايات المتحدة مؤخراً تقارير تكشف عن أدلة ترجح أن النظام أقام “محرقة” لجثث المعتقلين الذين تمت تصفيتهم بسجن صيدنايا شمالي دمشق، مشيرة إلى احتمال إعدام خمسين معتقلاً يومياً في هذا السجن.

من جهتها أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير بعنوان “لو تكلم الموتى… الوفيات الجماعية والتعذيب في المعتقلات السورية” نشرته الأربعاء (16 كانون الأول 2015) أنها “وجدت أدلة على تفشي التعذيب والتجويع والضرب والأمراض في مراكز الاعتقال التابعة للنظام السوري”.

وأوضح المركز أنه مما لا شك فيه أن الإعلاميين كانوا من أبرز من تعرض للانتهاكات في سوريا وإذا كانت مختلف الأطراف قد استهدفتهم إلا أن النظام بقي منذ اليوم الأول لانطلاق الثورة وحتى الآن الطرف الأكثر ارتكاباً للانتهاكات بحقهم.

وقالت الصحفية “هنادي الخطيب” عضو رابطة الصحفيين السوريين في تصريح للمركز حول ذلك، إن “الإعلاميين السوريين شكلوا همزة الوصل بين ما يجري بسوريا والعالم الخارجي، وفي ظل منع النظام تواجد مراسلين صحفيين أجانب في سوريا، كان لا بد من نشاط إعلامي سوري محلي ليقوم بنقل صورة ما يجري”.

وأضافت “الخطيب” أنه “لما كان النظام وداعموه يستثمرون الكثير في محاولة ترويج صورة زاهية ومقبولة عالمياً للنظام، فقد آلمه الدور البارز الذي لعبه الإعلاميون والصحفيون السوريون في بداية الثورة، من فضح ممارساته، وإيصال جزء مما يجري في البلاد إلى العالم، لذلك توجه النظام وداعموه ولا سيما روسيا لملاحقة الصحفيين والإعلاميين حيث وظفت روسيا معارفها والتقنيات التي تمتلكها في مراقبة الانترنت وأرقام الهواتف للوصول إلى الأشخاص المطلوبين، والذين يتواصلون مع الخارج فيما نوّع النظام طرق استهداف الإعلاميين ومارس بحق من وقع بين يديه منهم مختلف أنواع التعذيب وللأسف فهذه “المعركة” لم تهدأ حتى الآن”.

واستعرض تقرير المركز شهادة عضو رابطة الصحفيين السوريين الإعلامي “طارق ليلى” حول اعتقاله لأكثر من مرة من قبل نظام الأسد والتعذيب الذي مورس بحقه كمثال حي يعبر عما يجري في الواقع بحق معظم المعتقلين في سجون النظام السوري والميليشيات التي تدعمه.

وأوصى المركز في تقريره بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب بتفعيل القوانين والمواثيق الدولية التي تضمن حرية الإعلام وحماية الإعلاميين، وكذلك تفعيل اتفاقية مناهضة التعذيب ومحاكمة ومحاسبة مرتكبي التعذيب وفق الولاية القضائية العالمية، والتأكيد على عدم جواز الإفلات من العقاب، إضافةً إلى الضغط على نظام الأسد وإلزامه بقرار دولي بإدخال البعثات التفتيشية إلى كافة السجون والمعتقلات ومقرات الفروع الأمنية وأماكن الاحتجاز العلنية والسرية والسعي لإيقاف كافة أعمال التعذيب التي ترتكب فيها.

وختم المركز السوري للحريات الصحفية تقريره الخاص بالدعوة إلى إطلاق سراح جميع الصحفيين والناشطين الإعلاميين، مطالباً جميع الأطراف والجهات الفاعلة على الأرض السورية باحترام حرية العمل الصحفي والإعلامي وضمان سلامة العاملين فيه.



صدى الشام