علي لطيفي يكتب: تجنيد إيران اللاجئين الأفغان في سوريا


علي لطيفي

تسببت الحرب والفقر في نثر الأفغان في مختلف أرجاء العالم كما لو أنهم شظايا قنبلة. فالكثير من الأفغان وصلوا سن الرشد وهم يسكنون معسكرات اللاجئين في باكستان وإيران أو أصبحوا عمالا في دول كثيرة في المعمورة، ولا تزال الهجرة متواصلة. وحملت السنوات الأخيرة تطوراً خطيراً لجغرافية أفغانستان السكانية في المنفي، وهي أرض المعركة من أجل الدفاع عن نظام الأسد في سوريا.
فمنذ نحو عامين، غادر عبد الأمين (19 عاماً) بيته في فولادي فالي بمدينة باميان، وهي إحدى أفقر مدن أفغانستان، بحثا عن عمل في إيران، حيث يعيش نحو مليونا أفغاني غير مسجلين في إيران، بالإضافة إلى قرابة المليون إيراني مسجلين كلاجئين أفغان أيضا. وتعيش شقيقته وأخاها في أصفهان، ويأمل أن تتحسن حياته التي كانت تعتمد على الزراعة بمنطقة باميان الفقيرة، حيث يعيش نحو ثلثي سكان باميان بدخل لا يتعدى 25 دولاراً شهريا. ودفع الفقر المدقع وغياب فرص العمل آلاف الشباب الأفغاني بمدينة باميان إلى السفر بطرق غير مشروعة إلى إيران بحثا عن عمل، غير أن الكثيرين منهم مثل أمين انتهى بهم الحال بالتورط في حروب مع الغير.
واستطاع أمين أن يضمن دخلا يقارب 200 دولار شهريا كعامل بناء في أصفهان. والعام الماضي، استخدم مدخراته المتواضعة في السفر إلى العراق مع بعض زملائه من اللاجئين الأفغان. ثم اتجه إلى إيران.
وكما يحدث غالباً مع اللاجئين الأفغان في إيران، تعرض أمين للإهانة والتمييز، وعاش يملؤه الخوف من الترحيل مثل كل الأفغان هناك، وهو ما عبر عنه بقوله «إيران ليس بلادنا. فهنا إما أن تكافح لجمع المال أو تموت». وفي الشتاء الماضي، تقدمت السلطات الإيرانية لأمين بمقترح لتقنين وضعه في إيران ليتخلص من خوفه من الترحيل. عرض عليه الإيرانيون تصريحا بالإقامة لمدة 10 سنوات ومبلغ 800 دولار شهرياً لو أنه وافق على التوجه إلى سوريا للقتال لحماية «ضريح السيدة زينب».
ففي عام 2013، وعندما كانت قوات الأسد تخسر المعارك على الأرض في ظل تقدم الانتفاضة، قدمت إيران مليارات الدولارات إلى سوريا وأحضرت مقاتلي حزب الله، وشرعت في تكوين الميليشيات الشيعية من العراق وأفغانستان وباكستان وغيرها من الدول ذات النسب المرتفعة من السكان الشيعة.
تعود العلاقة بين إيران وسوريا إلى وقت الدعم السوري لإيران أثناء الحرب الإيرانية العراقية، وتعتبر سوريا المحور الأهم في الحركة بين إيران وحزب الله في لبنان. تأتي غالبية الأسلحة في حزب الله من إيران من خلال سوريا. وتسمح سيطرة الأسد على سوريا لطهران بإعادة إمداد حزب الله بما يحتاجه وبمد جسر إلى البحر المتوسط.
وعمل الحرس الثوري الإيراني ومقاتلو حزب الله على تدريب أمين وغيره من المجندين الأفغان الذين يشكلون قوام «فيلق فاطميون» على استخدام الأسلحة وعلى المناورات الحربية لشهر كامل، وبعضهم تلقى التدريب ليصبحوا قناصة، وبعضهم تدرب على حرب الدبابات، وبعد التدريب أخذوا إلى سوريا للقتال في الصفوف الأمامية في دمشق وحلب.
*خدمة: «نيويورك تايمز»

المصدر: الشرق الأوسط

علي لطيفي يكتب: تجنيد إيران اللاجئين الأفغان في سوريا




المصدر