‘الشبكة السورية لحقوق الإنسان: التَّعذيب مُستمر بطرق وحشية وساديَّة في سوريا’
4 يوليو، 2017
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب بعنوان “إيقاف ماكينة التعذيب يجب أن يوضع على رأس الأجندة التَّفاوضية”، واستعرضت فيه ممارسات التعذيب داخل مراكز الاحتجاز وما ينتج عنها من عاهات وتشوهات ووفيات.
وأشار التقرير إلى أنَّ القانون الدولي يحظر بصورة تامة التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية أو المُذلة وهو بمثابة قاعدة عُرفية من غير المسموح للدول المسُّ به أو موازنته مع الحقوق أو القيم الأخرى، ولا حتى في حالة الطوارئ، وأنَّ انتهاك حظر التعذيب يُعتبر جريمة دولية في القانون الجنائي الدولي ويتحمَّل الأشخاص الذين أصدروا الأوامر بالتعذيب أو لم يمنعوا حدوثه، المسؤولية الجنائية عن مثل هذه الممارسات.
بالاسم والصورة
اعتمد التقرير بشكل رئيس على أرشيف الشبكة السورية لحقوق الإنسان الناتج عن حالات المراقبة والتوثيق اليومية المستمرة منذ عام 2011 حتى الآن، ومعظم الإحصائيات الواردة فيه مسجلة بالاسم والصورة ومكان وزمان الوفاة والاعتقال، وبسبب التحديات فوق الاعتيادية في سوريا، فإنَّ ما ورد ذكره في هذا التقرير يُمثِّل الحدَّ الأدنى من الانتهاكات الحقيقية التي تتمُّ ممارستها، وتضمَّن التقرير 6 روايات لناجين من التعذيب أو لذوي ضحايا قضوا بسبب التعذيب لدى مختلف الأطراف الفاعلة في سوريا.
وقد وثَّق التقرير حصيلة الوفيات بسبب التعذيب في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى حزيران/ 2017، حيث بلغت ما لايقل عن 13029 شخصاً، بينهم 164 طفلاً، و57 سيدة، قتلت قوات نظام الأسد منهم 12920 شخصاً، بينهم 161 طفلاً و41 امرأة. بينما قتلت قوات الإدارة الذاتية 26 بينهم طفل وامرأتان، وقتل تنظيم “داعش” 30 شخصاً، بينهم طفل و13 سيدة، فيما قتلت جبهة فتح الشام 17 شخصاً، وقتلت فصائل في المعارضة المسلحة 30 شخصاً، بينهم طفل وامرأة، وسجل التقرير مقتل 6 أشخاص بسبب التعذيب على يد جهات أخرى.
وأكَّد التقرير أنَّ التَّعذيب مُستمر بشكل نمطي آلي وعلى نحو غاية في الوحشية والساديَّة، ويحمل في كثير من الأحيان صبغة طائفية، وبشكل خاص في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام باعتبار أنه يعتقل القسم الأكبر من الحصيلة الكلية للمعتقلين بنسبة 87% من ما لا يقل عن 106727 شخصاً ما زالوا قيد الاعتقال حسب معلومات الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ آذار/ 2011.
خارج الحسابات
ذكر التقرير أبرز أساليب التعذيب الممارسة في مراكز الاحتجاز لدى الأطراف الأربعة الرئيسة في سوريا، وتحدَّث الشهود عن عمليات التعذيب القاسية التي تعرضوا لها أو شاهدوها في أثناء احتجازهم.
وأكَّد أنَّ نظام الأسد وعبر عدة مؤسسات، مارس التعذيب كسياسة مؤسساتية نمطية، وفي إطار واسع، وهذا يُشكِّل خرقاً صارخاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويرقى إلى الجرائم ضد الإنسانية، وقد وصل في كثير من الأحيان إلى انتهاك حق الحياة، بشكل كثيف.
وحول ذلك يقول فضل عبد الغني رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن نهج نظام الأسد في عمليات القتل تحت التعذيب “لا ينال الاهتمام والرعاية الدولية، كما لا يُلحَظ إطلاقاً في العملية السياسية في جنيف وأستانا وغيرها، كما لا تقوم الدول الأطراف في اتفاقية مناهضة التعذيب بما يتوجب عليها بحسب المادة الخامسة منها التي تُلزم الدول الأعضاء باتخاذ إجراءات لإقامة ولايتها القضائية على جرائم التعذيب، فهناك الكثيرون من مرتكبي جرائم التعذيب أصبحوا لاجئين في بلدان مُصادِقة على الاتفاقية، ويتوجب بذل مزيد من الجهود والأموال لملاحقتهم ومُحاكمتهم”.
ارتفاع الحصيلة
ويقوم تنظيم “داعش” بدوره بإجراء محاكمات شكلية للمحتجزين لديه وفقاً لقوانين تنتهي بالحكم على المحتجز بالموت بالتعذيب أو الإعدام الميداني والقتل بطرق وحشية مبتكرة، ولا تراعي أياً من مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني، وهذا يُشكِّل جريمة حرب، كما سجل التقرير تصاعد تعرُّض المحتجزين لدى تنظيم جبهة فتح الشام لممارسات التعذيب، وتصاعداً في أساليبه، وارتفاعاً في حصيلة الوفيات بسبب التعذيب في مراكز احتجازها منذ منتصف عام 2016 حتى حزيران 2017، لكنها لم تصل بعد إلى أعمال نمطيَّة منهجية.
وذكر التقرير أنَّ قوات الإدارة الذاتية الكردية لم تراع في هذا الخصوص مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي، وتُشكِّل ممارسات التعذيب التي تقوم بها بحق خصومها على خلفية النزاع المسلح غير الدولي جريمة حرب.
وقد ذكر التقرير تصاعد ممارسات التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة لفصائل المعارضة المسلحة منذ تشرين الأول 2016 وتشكِّل أفعال التعذيب التي تقوم بها مخالفةً صريحة للقانون الدولي لحقوق الإنسان لدى ممارستها بحق الأهالي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وللقانون الدولي الإنساني في حال مورست بحق أحد خصومها في النزاع المسلح غير الدولي، وترقى إلى جريمة حرب.
لا حياة لمن “تطالب”
طالب التقرير نظام الأسد باتخاذ إجراءات فورية لوقف أشكال التعذيب كافة، وتعليق أحكام الإعدام كافة كونها مبنية على اعترافات أُخذت تحت التعذيب، وفتح تحقيق فوري بجميع حالات الوفاة داخل مراكز الاحتجاز، وإطلاق سراح المعتقلين تعسفياً خاصة النساء والأطفال، والسماح الفوري للجنة التحقيق الدولية المستقلة واللجنة الدولية للصليب الأحمر بالدخول إلى مراكز الاحتجاز.
كما طالب بقية الأطراف بضرورة الالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان وإيقاف عمليات التعذيب بشكل فوري ومحاسبة المتورطين فيها.
وأوصى التقرير مجلس الأمن والأمم المتحدة بتجديد مطالبة نظام الأسد بضرورة الالتزام بوقف عمليات التعذيب، والكشف الفوري عن مصير الضحايا بسبب التعذيب، وإنقاذ من تبقى من المعتقلين في أسرع وقت ومعاقبة جميع الأفراد المتورطين في ماكينة التعذيب. كما طالب روسيا بالتوقف عن عرقلة رفع الحالة في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وطالب الدول الأطراف في اتفاقية مناهضة التعذيب باتخاذ ما يلزم من إجراءات لإقامة ولايتها القضائية على مرتكبي جرائم التعذيب، وبذل كل الجهود المادية والأمنية في سبيل ذلك، كما أوصى المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عقابية جديَّة بحق نظام الأسد، وتقديم مزيد من الدعم للمنظمات المحلية التي تهتم برعاية وإعادة تأهيل ضحايا التعذيب وأُسرهم، وتقديم الدَّعم للنشطاء الأفراد والمنظمات المحلية التي تقوم بتوثيق الانتهاكات دون فرض وصاية أو توجيهات سياسية.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]