نظام الأسد يلمّع صورته بإزالة الحواجز

5 يوليو، 2017

شهدت مناطق النظام نهاية الشهر الفائت تغيراً في تعاطي النظام مع الإجراءات الأمنية التي أمعن في فرضها على مناطق سيطرته طوال السنوات الأخيرة، حيث كاد أن لا يخلو شارع من وجود حاجز أمني أو عسكري، وهو ما انعكس على  حياة المواطن اليومية بجميع جوانبها بعد أن تسببت تلك الحواجز في تقييد حركته وترهيبه بشكل مستمر.

تبييض صفحة

عقب مرور نحو 7 سنوات من التدمير والانتهاكات التي ارتكبت بحق السوريين، قام النظام بحملة بهدف “إنهاء المظاهر المسلحة” للإيحاء بانتهاء “الأزمة”- كما يسمونها- وذلك جرياً على عادة تتكرر كل فترة في التوجه لجمهور الموالين بهذا النوع من الحملات.

وفي هذه المرة كانت الحواجز جزءاً أساسياً من الحملة نظراً لما تمثله من محور لمظاهر سلبية عدة في حياة السوريين، ولأن هذه الحملات لا تمرّ دون تقديم بشار الأسد كـ “بطل” لأي تغيير إيجابي، فقد أصدر تعميمات تتعلق بإزالة حواجز الإسمنتية من كثير من شوارع المدن، ومن بينها تلك التي تم بها تحصين بعض الإدارات العامة كالمحافظة وقيادة الشرطة والمخافر والأفرع الأمنية، إضافة إلى إزالة “فيميه” السيارات، والتي انتشرت بشكل كثيف في السنوات الماضية، كما تم الإيعاز بسحب جميع السيارات التي لا تحمل لوحات نظامية، بعد أن بات شائعاً وضع اسم الميليشيا التي ينتمي لها “السائق” أو عبارة “سوريا الأسد” بدل اللوحة النظامية أو حتى الأوراق الثبوتية.

تعميمات على أكثر من صعيد

وبالفعل تم سحب العديد من الحواجز من داخل المدن وعلى الطرق الواصلة بينها، حيث رُفعت أربعة حواجز أساسية في مدينة حماة، خلال الأسبوع الماضي، وبدأت آليات عائدة لمجلس مدينة حماة، الأربعاء الماضي، عملية إزالة الحواجز الإسمنتية التي اتخذت كتحصينات، الأمر جاء بعد “زيارة مفاجئة” قام بها بشار الأسد، في أول أيام عيد الفطر إلى المدينة، حسبما بثت وسائل إعلام النظام.

ومن بين هذا الحواجز، حاجز عين اللوزة ودوار الصابونية في مدخل حماة الجنوبي، وحاجز مسبح الأسد في مدخل حماه الشرقي من جهة السلمية، وحاجز القصر العدلي، بالتزامن مع فتح الطرق داخل حي الشريعة الراقي في حماة، والذي يضم فرع “أمن الدولة”.

ولا بد هنا من الإشارة إلى أن هذه الحركة سبقها التعميم بسحب البطاقات الأمنية التي وزعتها الأجهزة الأمنية وبعض التشكيلات من قوات النظام كالفرقة الرابعة، والحرس الجهوري، الراعي المباشر لميليشيا “الدفاع الوطني”، الممولة إيرانياً، والتي تفيد معلومات أن هناك توجه لإلغائها لصالح ميليشيا “الحشد الشعبي السوري” والذي قد يضم كثير من الميليشيات التي مولتها إيران خلال السنوات الماضية.

وصدر تعميم أخر خاص بإرجاع المنازل التي يسكنها عناصر الميليشيات والقوات النظامية بوضع اليد لأصحابها، وخاصة أن من بين أولئك العناصر من كان يستثمر المنازل لحسابه الخاص، ويمنع أصحابها من السؤال عنها أو الاقتراب منها.

يقول ناشط يقيم في دمشق، طلب عدم ذكر اسمه، في تصريح لـ صدى الشام، “عقب ست سنوات من الانتهاكات وإفلات الشبيحة في الشوارع مدعومين بغطاء الأمن والسلاح، وهم معروفون بسوء أخلاقهم، أصبحوا العدو الأساسي لكثير من سكان مناطق النظام، وبات همهم الكبير التخلص منهم، فهم أداة الابتزاز والسلب والخطف وغيرها، ونتيجة سوء سمعة هؤلاء الشبيحة تحولوا إلى أداة للنظام لتجميل صورته المشوهة”، وفي هذا السياق يعرب الناشط عن اعتقاده بأن “الإيجابية التي قد يحصل عليها النظام من الأمر هي مكسب مؤقت فالناس يعلمون من وَضعَ تلك الحواجز، وهذه الذاكرة لن تموت”، مضيفاً أن “ثورة الشعب السوري باقية في قلب كل سوري ومهما كانت آلة القمع كبيرة وقوية، فهذه الجمرة لن تبرد”.

من جانبها، أعادت مصادر مقربة من النظام، مسألة رفع الحواجز في جزء كبير منها إلى الضغوط التي يواجها النظام من حلفائه الروس، لتغيير الواقع الداخلي للبلاد في محاولة لإعادة إنتاج النظام وعلى رأسه الأسد، في محاولة استباقية لأي حل سياسي يعتمد إبقاء الأسد ونظامه، عبر كسب تأييد شعبي، وخاصة أن المعارضة ما تزالت متأخرة جدا بهذا الجانب، “حيث إنها ما تزال عاجزة عن الحلول مكان الدولة في كثير من المناطق”.

وأضافت أن “هذه الإجراءات تبعث أيضاً برسالة الى السوريين أولاً والأطراف الخارجية أن النظام مرتاح ومستقر وأنه يواصل تحقيق الانتصارات”.

مخاوف

يتخوف العديد من الناشطين من إجراءات النظام برفع الحواجز، فمنهم من يعتبر أن سحب هذه الأعداد من الحواجز قد يكون بهدف دعم جبهات النظام بالمقاتلين، وخاصة أنه يعاني من نقص شديد في هذا المجال، يدفعه للاعتماد على الميليشيات الموالية والإيرانية وهي في الغالب مجموعات من المرتزقة، أو المجموعات العقائدية أمثال “حزب الله” اللبناني وبعض الميليشيات العراقية.

فيما يتوقع آخرون أن رفع الحواجز قد يكون لإعطاء الأهالي فرصة للتحرك بحرية أكبر وخاصة الشباب الممتنع عن الخدمة العسكرية في القوات النظامية، والذي تم تقييده طوال السنوات الماضية بالحركة في منزله أو شارعه، ما قد يجعلهم عرضة للاعتقال في حال فقدوا الحذر.

لكن مصادر متطابقة أكدت بالتوازي أن ما حصل فعلياً في الأسبوع الماضي كان عمليات إزالة لكتل (حواجز) إسمنتية وحسب، وبالتالي فهي لم تلغِ تواجد الحواجز بشكل كامل، إذ يواصل عناصر الأمن تواجدهم ونشاطهم في نقاطهم، وممارسة دورهم الاعتيادي، مثلما حصل في مدينة حماه وتحديداً في حي عين اللوزة، وأفادت المصادر بأن النظام عمّم على الفروع الأمنية باستبدال الحواجز الثابتة بأخرى “طيارة”، وبالدوريات المكثفة في الأحياء.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]