(حرمون) يشارك في ندوة (إيرام) “الوجود الإيراني في سورية”


جيرون

نظّم مركز الدراسات الإيرانية في أنقرة (إيرام)، الإثنين 10 تموز/ يوليو الجاري، ندوةً سياسية تخصصية، بعنوان (الوجود الإيراني في سورية.. الواقع والمستقبل) بغيةَ الإضاءة على واقع الوجود الإيراني في سورية ومستقبله، وتهيئة الأرضية للتعاون مع مراكز الدراسات السورية، وشارك في الندوة مراكز الدراسات السورية العاملة في تركيا، إضافة إلى نخبة من المختصين العرب بالشأن الإيراني.

وقال منسّقُ الندوة الباحثُ في (إيرام) الدكتور محمد عبد المجيد، لـ (جيرون): “تهدف الندوة إلى مناقشة طبيعة الوجود الإيراني في سورية، حجمه، توزعه، دوافعه، أهدافه، مستقبله، وأثره من الناحية الاجتماعية، الثقافية والاقتصادية، ونظرًا إلى أهمية استشراف المستقبل والدور الإيراني في المنطقة عامةً، وسورية خاصةً، حاول (إيرام) إشراكَ المراكز البحثية السورية؛ ليتسنى لها طرح رؤيتها في ما يتعلق بالتمدد الإيراني في سورية ونتائجه”.

وأضاف عبد المجيد: “تأتي أهمية الندوة في الوقت الحالي، بعد أن أوقفت روسيا تقدّمَ قوات المعارضة المسلحة، وأعادت بعض المناطق إلى سيطرة النظام؛ ما جعلها تظهر بمظهر اللاعب الأقوى في سورية، وأثار استياء إيران التي خشيت -وما تزال- على ضياع مكتسباتها في سورية لصالح الروس، بالإضافة إلى تغيّر الإدارة الأميركية وتصريحات ترامب المعادية لإيران، وتقارب إدارته مع السعودية، وانعكاسات ذلك على الوجود الإيراني في سورية”.

شارك مركز (حرمون) للدراسات المعاصرة في الندوة، من خلال ورقة بحثية مُفصّلة، قدّمها الباحث في المركز الدكتور عبد الله تركماني، بعنوان (التغيير الديموغرافي في سورية؛ سياسة ممنهجة) تطرّق فيها إلى مساعي طهران والنظام لإحداث تغيير ديموغرافي في سورية، منذ اندلاع الثورة، مع اختلاف دوافع وأهداف كلٍّ منهما، كما ترأس تركماني إحدى جلسات الندوة.

قدّم تركماني، في ورقته البحثية، مجموعةً من الأدلة والبراهين التي تُثبت أن إيران سعت، منذ انطلاق الثورة، إلى إحداث تغيير ديموغرافي في الجغرافيا السورية، وقال: “منذ بداية الثورة السورية في آذار/ مارس2011 كانت استراتيجيات استخدام العنف، والمجازر المرتكبة، من قِبل قوات النظام والميليشيات التابعة له، سياسة ممنهجة لعملية التغيير الديموغرافي. ومع عسكرة الثورة؛ استخدم النظام استراتيجية الاتفاقات المحلية مع المدن و/أو الأحياء المحاصَرة التي تتعرض للقصف المستمر من قِبله، لإجبار السكان المحليين على ترك منازلهم، والنزوح من المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة”.

في السياق ذاته، تطرّق تركماني إلى ممارسات إيران لترسيخ وجودها في سورية عبر “إنشاء الميليشيات والمؤسسات التي تروِّج التشيّع، وعمليات الشراء التي قام بها تجار إيرانيون لمساحات كبيرة من العقارات السورية في عدد من المدن، بالدرجة الأولى في وسط العاصمة دمشق ووسط مدينة حمص، بمساعدة ومباركة من النظام الذي أصدر مجموعة من القوانين التي تُسهّل تملّك الإيرانيين وميليشياتهم الشيعية لأراضي سورية، وهكذا تسعى إيران لإحداث تغييرٍ ديموغرافي في سورية، إما بالقوة العسكرية، كما حدث في القصير والقلمون الغربي وبعض مناطق ريف دمشق، أو بالقوة الناعمة (شراء العقارات، وإقامة المشروعات والاستثمارات، ونشر التشييع)”.

توصّل تركماني إلى أن مخطّط إيران في احتلال سورية عصيٌّ على التحقّق “إذ لا تتوافر، في مشاريع التغيير الديموغرافي التي يديرها النظام وإيران في (سورية المفيدة)، مقوّماتُ الاستمرارية والاستقرار، ذلك أنّ القائمين عليها أقلية تُحيطهم امتدادات سكانية كبيرة من نسيج السكان القُدامى المُهجّرين؛ الأمر الذي يجعل التغيّراتِ الديموغرافية التي نجح النظام في تحقيقها، في أكثر من مكان خاضع لسيطرته، مجرّدَ محاولات، من المستبعد أن تستقرَّ على الأمد التاريخي الطويل، وحتى المتوسط، وتتحوّل إلى حقيقة ديموغرافية ثابتة”.

تضمنت الندوة ثلاث جلسات، افتتح الأولى الدكتور أحمد أويسال المدير العام لـ (إيرام)، أعقبتها محاضرة للدكتورة فاطمة الصمادي من مركز الجزيرة للدراسات بعنوان (سورية في الاستراتيجية الإيرانية.. أي مستقبل)، من ثمّ ورقة بحثية قدّمها الدكتور محجوب زويري من مركز دراسات الخليج في جامعة قطر (العلاقة السورية الإيرانية.. القصص غير المروية)، تلاها بالترتيب (إيران والأزمة السورية.. الدوافع والمتغيرات) للدكتور نبيل العتوم من مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية، (السياسة العسكرية الإيرانية في سورية) للأستاذ معن طلاع من مركز عمران للدراسات.

ترأّس الجلسة الثانية التي افتُتحت منتصفَ النهار الدكتورُ عبد الله تركماني، وشملت ثلاثة محاور: (القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها) للدكتور أحمد الراغب من المركز السوري للعلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية، أعقبها (ميليشيا “فاطميون”) ألقاها الدكتور إسماعيل صاري من مركز إيرام، واختُتمت بمحاضرة (التدخل الإيراني.. سيناريوهات المستقبل) للأستاذ محمد سرميني المدير العام لمركز (جسور) للدراسات.

الجلسة الثالثة والختامية ترأّسها الدكتور محمد عبد المجيد، وضمّت بالترتيب المحاور التالية: (سياسة إيران للتغيير الديموغرافي في سورية.. الماهية، الأدوات والأهداف) للدكتور علي باكير وهو باحث في الشؤون الاستراتيجية؛ (التغيير الديموغرافي في سورية؛ سياسة ممنهجة) للدكتور عبد الله تركماني من مركز حرمون للدراسات المعاصرة؛ (جيو اقتصاديات مساعي طهران لتغيير المكون السكاني وللتأثير أيديولوجيًا في سورية) للأستاذ تامر بدوي من منتدى الشرق.

تخلّل المحاضراتِ أسئلةٌ ومداخلات من الحضور والمشاركين الذين حاولوا بلورة تصوراتهم حول الوجود الإيراني في سورية وتصويب الخاطئة منها.

يُذكر أن مركز (حرمون) للدراسات المعاصرة عقد، في 12 أيار/ مايو الماضي، اتفاقَ تعاونٍ مشترك مع مركز الدراسات الإيرانية في أنقرة (إيرام)، بعد اجتماع مفصّل بين إدارتَي المركزَين توصلتا من خلاله إلى ضرورة تفعيل العمل البحثي بين مراكز الدراسات السورية والتركية.




المصدر