حملة "تحرير الشام" الأخيرة في إدلب.. تثير تساؤلات حول أسبابها والغايات التي سعت الهيئة لتحقيقها.. مطلعون يجيبون عنها


أطلقت هيئة "تحرير الشام" حملة اعتقالات واسعة  في محافظة إدلب، طالت من أسمتهم خلايا نائمة تتبع لتنظيم "الدولة الإسلامية"، حيث اعتقلت عشرات العناصر بينهم قادة، يوم الأحد الفائت.

وقالت وكالة "إباء" الناطقة باسم "تحرير الشام" أن "العملية أسهمت باعتقال أكثر من 100 عنصر بينهم قادة في صفوف التنظيم. وأثارت هذه العملية المفاجئة تساؤلات حول أسبابها وتوقيتها، والغايات التي سعت الهيئة لتحقيقها من وراء العملية.

وعلمت "السورية نت" من مصدر قريب من هيئة "تحرير الشام" أن "نسبة كبيرة من الذين تم اعتقالهم هم من عناصر جند الأقصى"  والذي بايع جزء كبير منهم "تنظيم الدولة" والجزء الآخر انضم لـ"تحرير الشام" على خلفية اتخاذ قرار من "أحرار الشام" بالقضاء على التنظيم.

وأضاف المصدر أن "العملية زج فيها عدد كبير من عناصر الهيئة بمن فيهم قوات النخبة، وشملت مدينة إدلب وسرمين والنيرب إلى جانب مدينة الدانا شمال إدلب".

ومن بين القادة الذين تم اعتقالهم وفقاً لوكالة "إباء" الناطقة باسم الهيئة، " أبو سليمان الروسي الأمني العام لتنظيم الدولة في مدينة إدلب، وأبو القعقاع الجنوبي والي تنظيم الدولة في إدلب  وأبو السوداء المصري  المسؤول الشرعي للتنظيم إلى جانب أبو إبراهيم العراقي مسؤول خلايا التنظيم في ريف إدلب الشمالي، بالإضافة لسبعة عناصر برفقتهم، بعد مداهمة أحد الأوكار بمدينة الدانا شمالي إدلب".

الرواية الرسمية

وعن أسباب الحملة وفقاً للرواية الرسمية لـ"تحرير الشام" جاء على لسان  لسان مدير العلاقات الإعلامية فيها، عماد الدين مجاهد، في تصريح لعدد من وسائل الإعلام أن "العملية جاءت بعد دراسة ومراقبة دامت لعدة أشهر، "رصدت فيها تحركات مشبوهة لعناصر تنظيم الدولة ضمن الشمال السوري ".

ووفق مجاهد فإن "التحركات كانت تهدف لتهديد الأمن وترويع المسلمين"، مشيرًا إلى أن "آخر عملياتهم الإجرامية، تمثلت بتفجير سيارة مفخخة بمعهد شرعي لتعليم القرآن الكريم للأشبال، واستشهد ثلة من طلبة العلم ومجموعة من الأطفال" ما دفعهم لشن حملة الاعتقالات.

الحاضنة الشعبية وخطر الانقسام

من جهته يرى الصحفي السوري عبد الوهاب عاصي، أن عدة أسباب دفعت "تحرير الشام" لشن حملة الاعتقالات هذه، وقال: "إعلان الهيئة أن الهدف من الحملة هو ضبط الأمن والفوضى في الشمال السوري والذي تقوم به خلايا تابعة لتنظيم داعش، يمثل حاجة لها حتى تعيد كسب الثقة من والحاضنة الشعبية" هذا من طرف.

ومن طرف آخر يضيف عاصي في تصريح لـ"السورية نت"، أن "تزايد عدد قيادي تنظيم داعش يمكن أن يشكل خطورة على الهيئة بما يشكل انقساماً جديداً داخلها بحيث يقوم التنظيم بإعادة هيكلة وبناء نفسه من جديد مستنداً على الهيئة التي يحمل عناصرها أفكار مقربة من التنظيم، وهذا يعيدنا لانقسام جرى سابقاً في صفوف النصرة مطلع 2013 عند الإعلان عن تنظيم الدولة في العراق والشام، وظهور فصيل جند الأقصى المنقسم عن النصرة".

شرعية إقليمية ودولية

ولعل من أبرز الأسباب للبدء بالحملة وخطوات سبقتها، وفقاً لعاصي ، "هو سعي الهيئة للحصول، نوعاً من الشرعية الإقليمية غير المعلنة طبعاً، في الوقت الذي يتجه فيه الفاعلين الدوليين لتكريس اتفاق وقف إطلاق النار (خفض التصعيد)، والمآلات التي يمكن أن يأخذها الشمال السوري على إثره، خصوصاً وأن الهيئة تسعى لإيجاد خطوط اتصال مع تركيا كونها أحد الدول الضامن في الاتفاق".

وأشار العاصي إلى أن الهيئة بحاجة لهذه الخطوة في الوقت الذي تحاول فيه حركة أحرار الشام إعادة بناء نفسها بما يتناسب مع المرحلة المقبلة. ويكون ذلك من خلال التأكيد على قوتها الأمنية وقدرتها على ضبط الشمال السوري وأيضاً محاربتها للإرهاب المتمثل بتنظيم الدولة".

ويوافقه في الرأي، الضابط المنشق عن قوات النظام بلال خبير، مشيراً أن "تحرير الشام" أدركت مؤخراً أن كل من يريد أن يكون لاعباً في السياسة السورية عليه أن يراعي التوازنات الدولية وأن يكون أكثر مرونة، خصوصاً أن لها الدور البارز في اتفاقية المدن الأربعة (الفوعة الزبداني) والتي أثبتت حتى اللحظة أنها طرف قادر على تنفيذ مثل تلك الاتفاقيات مع دول إقليمية".

ويرى خبير في تصريح لـ"السورية نت"، أن " من بين أهداف تحرير الشام (النصرة سابقاً) بقبول عناصر من جند الأقصى في صفوفها هو جعلهم خط هجوم أول للتخلص من الفصائل العسكرية المدعومة غربياً في السابق، والتخفيف من سطوة تلك الفصائل ريثما يتم تجهيز كوادرها والعمل على تغيير المنهج الداخلي لتستطيع التعامل مع المجتمع الدولي، كون أن من أهم الركائز في منهجها سابقاً (القاعدة) هو عدم التطبيع مع الدول والأنظمة الدولية".

ويتابع خبير، أن "تحرير الشام عملت حالياً على التخلص من أبرز المعارضين في بيتها الداخلي لفكرة فك ارتباطها بالقاعدة وصولاً للعب دور سياسي في الوقت الراهن".

يشار أن الأشهر القليلة الماضية، لعبت عناصر من "جند الأقصى" دور في إدخال عناصر من "تنظيم الدولة" من ريف حماة وحلب خصوصاً بعد التقهقر الكبير للتنظيم وخسارة مناطق كبيرة كانت تحت سيطرته لجهة قوات النظام والميليشيات الموالية له في حلب والرقة.

كما تشهد محافظة إدلب سلسلة تفجيرات وسط تجمعات المدنيين، وعمليات اغتيالات طالت الصف الأول من قادة وكوادر الفصائل بين الحين والآخر، ولاسيما "أحرار الشام" و "تحرير الشام" وباقي فصائل الجيش السوري الحر.




المصدر