ديفينس ون: المعركة التالية: وزارة الخارجية، والجيش الأمريكي منقسمان حول المقاتلين الكرد في سورية (وروسيا)


محمد شمدين

الصورة: قوات سورية الديمقراطية تتطلع نحو شمال بلدة الطبقة، سورية التقطت يوم الأحد 30 نيسان/ أبريل 2017

مصادر محبطة من على الأرض تقول إن وزارة الخارجية تكافح من أجل التخلي عن أكراد سورية وأن الجيش الأمريكي سوف يجد صعوبة في المضي قدمًا من دونهم. كذلك بالنسبة لروسيا، إلى حد بعيد…

اللعبة وصلت إلى النهاية

في سورية، تقترب الحملة التي تدعمها الولايات المتحدة لاستعادة الرقة من تنظيم الدولة الإسلامية من الفصل الأخير. وماتزال توجد خلافات داخل الإدارة الامريكية حول ما يجب فعله لاحقًا، مع سقوط “داعش”، فكما هو واضح في إدارة الرئيس دونالد ترامب وكما كان ذلك قبل عدة أشهر في إدارة أوباما. لم يتم الرد بعد على الأسئلة حول المدى البعيد.

هنا سنأخذ فقط قضيتين: علاقة أميركا مع أكراد سورية الذين يقودون قتال شرس ضد “داعش” ومسألة إيران بعد “داعش”.

هنالك بالفعل فجوة بين وزارة الخارجية والقوات التي تقودها الولايات المتحدة التي تخوض الحرب في سورية. حيث تشاطر أطراف من وزارة الخارجية- وخاصة الديبلوماسيين الأمريكيين المقيمين في تركيا- مخاوف الحكومة التركية بشأن القوات الامريكية المصطفة مع أكراد سورية والقلق بشأن خطط الولايات المتحدة الرامية إلى إشراك أكراد سورية في أي جهود لتحقيق أي استقرار يأتي لاحقا. وفي الوقت نفسه، في عيون أولئك الذين يرتدون الزي العسكري داخل سورية مع رؤية قريبة للمعركة، فإن أكراد سورية هم أفضل قوة قتالية في البلاد. كما أنهم أكثر قدرة في التدخل والمساعدة في الأزمة الإنسانية في سورية وفي الاستقرار في مرحلة ما بعد الصراع.

يعود هذا الانقسام إلى اختلاف تفويض من قبل الخارجية والبنتاغون. تعمل وزارة الخارجية مع تركيا وحلف الناتو من خلال الحوار وعلى الطاولة. والبنتاغون مكلف بمحاربة داعش بقوات محلية من دون معالجة وضع نظام الأسد.

هذا يعني أن وزارة خارجية ترامب لا يمكنها أن تتبنى تمامًا خطة استقرار في الرقة (ناهيك التفاوض مع روسيا) طالما أن أكراد سورية جزء محوري منه ومنحازة مع (حزب العمال الكردستاني/PKK)، والذي تعتبره تركيا جماعة انفصالية إرهابية. هذا تحد. في نيسان/ أبريل، أُنشئت هيئة باسم “مجلس الرقة المدني” لإعادة النظام وإقامة سلام دائم بعد هزيمة ” داعش”. تأسست هذه الهيئة وتُدار من قبل أكراد وعرب حلفاء أمريكا في التحالف المناهض لتنظيم “داعش”.

بالتالي فإن وزارة الخارجية ستكافح من أجل التخلي عن أكراد سورية، الجيش الأمريكي سوف يكافح في المضي بهم. كل هذا الخلط خنق تمامًا وجود تصور خطة إعادة بناء للرقة. كذلك يصعب التصور انه كيف يمكن لخطة أن تضمن الاستقرار ولا تمول هياكل الدولة، المدارس والسلطة لن تستطيع أن تؤدي إلى السلام في الأخير، والتي ربما تنتقل مرة أخرى إلى حالة من الفوضى ويتطلب عودة القوات الأمريكية مرة أخرى.

” الجنرال جوزيف فوتيل والقيادة المركزية للقوات الأمريكية (CENTCOM)، و (المبعوث الخاص للولايات المتحدة) بريت ماكغورك، يرى هؤلاء الأشخاص أن مهمتهم هي هزيمة وتدمير ” داعش”. قال جيمس جيفري، السفير السابق للولايات المتحدة في كل من العراق وتركيا، إن هذه مهمة رسمية أنيطت بهم، وهم يقومون بها منذ وقت طويل بنجاح لافت، وهذا هو بالضبط سياسة أمريكية. ” ثم هناك مجموعة أخرى من الأشخاص يشعرون بالقلق حول تركيا، وهم في الأساس في الخارجية الأمريكية- وقيادة الجيش تدفعهم إلى الجنون”.

بالنسبة لمسؤولي وزارة الخارجية، يلاحظ جيفري، ” تركيا مهمة، ونحن تربينا فقط على أهمية تركيا”. يمكنك تعريفها، ما بين كوريا الشمالية وبحر الصين الجنوبي، تركيا في منتصف ذلك من الاهتمام”.

بالنسبة إلى فوتيل وقادة القيادة المركزية لا شك إن إدارة العلاقة مع تركية هي أولوية ملحة ومحادثتها بشكل عاجل: يقضي المسؤولين العسكريين قدرًا كبيرًا من الوقت في التدقيق للوصول والاتصال مع المسؤولين الاتراك. كما أشار رئيس الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد في مقابلة أجريت معه مؤخرًا، ” لقد بذلنا كل ما في وسعنا لمعالجة المخاوف التركية، وأنا بشكل خاص قمت بترتيب تسع زيارات إلى تركيا للتحدث مع نظيري هناك. اعتقد أن الاتراك مقدرون لذلك”. كذلك، عملت واشنطن في عهد أوباما سنة 2014على إيجاد قوة قتالية محلية قادرة كفاية على قتال ” داعش” قاد الجيش الأمريكي مباشرة نحو أكراد سورية.

مع ذلك، لاتزال تركيا قلقة للغاية- في أحسن حال- حول دعم أميركا لأكراد سورية في قتال “داعش”. قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الشهر الماضي، ” دول لدينا معها شراكة استراتيجية تتعامل مع دول إرهابية… وكذلك مع حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، ووحدات الحماية الشعبية (YPG) وهما جماعتان ارهابيتان”.

مسؤولي وزارة الخارجية في تركيا يشاركون بشكل منتظم مخاوف تركيا مع قادة الجيش الأمريكي المكلفين في قيادة القتال ضد ” داعش” بجانب أكراد سورية، وفقا لأولئك الذين يرتدون الزي العسكري المقربين في ساحة القتال.

“التعاون” مع روسيا

بعد سقوط “داعش”، هناك سؤال كبير حول مستقبل الاستراتيجية الامريكية في الشرق الأوسط، وخطط ترامب تجاه إيران.

قال وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، في هذا الأسبوع ان الولايات المتحدة مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا حول الجهود المشتركة لاستقرار سورية التي مزقتها الحرب، بما في ذلك مناطق حظر الطيران، مراقبة وقف إطلاق النار على الأرض، والتنسيق لإيصال المساعدات الإنسانية.

وقد يكون الإعلان في يوم الجمعة عن اتفاق حول وقف إطلاق النار في جنوب سورية مجرد بداية.

إلى الآن، لم يتلق القادة على الأرض أي خطاب.

قال الجنرال ستيفن تاونسند، قائد قوات العلميات المشتركة في عملية العزم الصلب، خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء “لم يتم تكليفي بتقديم مدخلات أو أفكار جديدة حول كيفية القيام بالمزيد من التواصل مع الروس”.

وكانت الولايات المتحدة علقت “جزرة” التعاون في سورية من قبل. في تموز/ يوليو 2016، قال مسؤولون مساعدون لوزير الخارجية حينها، جون كيري، لرويترز: ” ليس هناك بديل عن العمل مع الروس”. وردد كيري نفسه ذلك في عدة مقابلات.

بعدها، بحث كيري ووزير خارجية روسيا سيرغي لافروف في أيلول/ سبتمبر التعاون المحتمل بين البلدين لهزيمة الجماعات الإرهابية النشطة في سورية”. علنيًا مسؤولو البنتاغون يقولون إنهم يرحبون بذلك، ولكن ذلك لم يحدث أبدًا.

هكذا، وبعد سنة، مع ملامح تحرير الرقة الحتمي، مرة أخرى وزير خارجية أمريكا يؤيد علنًا فكرة العمل مع روسيا على الأرض في سورية. شهدت السنوات القليلة الماضية “رقصات فالس” غير مريحة بين وزير الخارجية الأمريكي ونظيره الروسي حول سورية. يواصل الامريكيون دفع روسيا إلى التركيز على داعش كعدو مشترك ومحاولة تجنب الاشتباكات بين القوات الروسية أو السورية وبين القوات المدعومة من الولايات المتحدة الامريكية في سورية التي تسعى الى السيطرة على مناطقهم. وكانت “الرقصة” تنتهي دائمًا مع روسيا المستمرة كما كانت غايتها منذ البداية.

لماذا ستكون هذه المرة مختلفة؟ عمل كيري بلا كلل من أجل عقد اتفاق سلام ووقف لإطلاق النار، وحاول إحراج بوتين لسحب دعمه للرئيس السوري بشار الأسد. ما مدى التزام تيلرسون بهذا العمل، أو حقيقة التنسيق مع روسيا، نظرًا لان روسيا تتعاون مع حليف آخر للنظام السوري هو إيران.

قال ترامب يوم الخميس من بولندا: ” في الوقت القريب الذي ستتحرر فيه مدينتي الرقة والموصل، فأننا ندرك أن سورية تتطلب حل سياسي لا يسمح بتقدم مشروع إيران المدمر ولا يسمح بعودة المنظمات الإرهابية”، من المرجح ان تختلف روسيا بذلك. استخدمت إيران معركة موسكو في الحرب الاهلية في سورية لتوسيع نفوذها، وهناك القليل من الدلائل على أنها حريصة على التخلي عن نفوذها المتنامي بعد انتهاء الحرب. إن استماتتها من أجل مسك أراضي على طول الحدود العراقية ليست إلا آخر علامة. ومن الممكن ان تكون القوات التي تدعمها الولايات المتحدة والتي تحبط بعض طموحات إيران في جنوب سورية جزءًا ما يدفع روسيا نحو المحادثات حول المناطق. إلى الان البنتاغون هادئ تمامًا إزاء فكرة زيادة التعاون مع روسيا. وزير الدفاع، جيم ماتيس، وقادة من الحملة العسكرية الامريكية ضد داعش في سورية صرفوا وقتا كبيرا للعمل على ” عدم الاشتباك” ووقف أي اشتباك محتمل غير مقصود بين الجيشين قبل أن يبدأ.

وقال تاونسند يوم الثلاثاء ” مع الروس، كانت هذه القنوات تعمل بهدوء”، وأضاف “على الرغم من بعض التوترات الدبلوماسية، واصلت القنوات العسكرية- العسكرية في المسرح العمل بهدوء ومهنية ومساعدة، وهكذا نحن نقوم بمواصلة قواعد عدم الاشتباك مع الروس وهي تعمل إلى الان”.

سيعود الأمر إلى حد كبير للميليشيات المحلية العربية والكردية السورية المقاتلة في الخطوط الامامية، والقوات الامريكية الداعمة لها، للإشراف على تنفيذ أي اتفاق موسع مع روسيا. وترى إلى أي مدى سيكون صامدًا.

ولكن ماذا بعد؟ السؤال الذي طرحناه من قبل، ماذا بعد داعش؟ هل سيضطر الأسد إلى التنازل عن سلطته، وإذا كان الأمر كذلك، متى؟ وكيف ستنتهي هذه الحرب؟

ستسقط الرقة قريبًا، وعندما يكون ذلك، إما ترامب في واشنطن، بوتين في موسكو، أو روحاني في طهران- أو ربما الثلاثة معًا- سوف يكتسبون موطئ قدم في دولة رئيسية في الشرق الأوسط لعقود قادمة.

طبعًا، إذا كان لدينا خطة.

غايل تزيماش ليمون، كاتب منتظم في (Defense One). وليمون هي مؤلفة كتاب ” حرب آشلي: القصة غير المحكية لفريق من النساء الجنود في ساحة حرب العمليات الخاصة، وهي زميل كبير في مجلس العلاقات الخارجية.

العنوان الأصلي The Next Battle: State Department, US Military Divided Over Kurdish Fighters In Syria (And Russia) الكاتب Gayle Tzemach Lemmon/ غايل تزيماش ليمون* الرابط http://www.defenseone.com/ideas/2017/07/next-battle-state-department-us-military-divides-over-kurdish-fighters-syria-and-russia/139358/?oref=d-skybox المصدر http://www.defenseone.com/?oref=d-logo المترجم محمد شمدين


المصدر