في اللاذقية… أُزيلت الحواجز وزادت الكمائن


عارف محمود

لم يُخفِ عمار فرحته، عند سماعه خبر إزالة الحواجز العسكرية التابعة لميليشيا “الدفاع الوطني” في اللاذقية، وعلى الرغم من قلقه من الحِيل التي قد يلجأ إليها النظام لاحقًا، لاصطياد المطلوبين للخدمة الإلزامية، إلا أنه وأمثاله أكثر شجاعة اليوم في عبور حاجز مدخل اللاذقية الجنوبي. يقول عمار: “أصبح ضغط العمل على عناصر الحاجز كبيرًا جدًا، لذلك لا يدققون على من يحمل بطاقة طالب جامعي، ولو كانت قديمة”. ويرى عمار أن “التعامل مع العناصر المجندين إلزاميًّا أسهل بكثير من التعامل مع العناصر المتطوعين في الميليشيات الأخرى” الذين يجعلون من الشباب “ألعوبتهم”. على حد وصفه.

تضاربت آراء المؤيدين حول السبب الحقيقي لإزالة الحواجز الإسمنتية في المدن الخاضعة لسيطرة النظام؛ إذ انساق بعض الموالين وراء الدعاية الإعلامية للنظام وتصريحات مسؤوليه التي ادعت أن ذلك جاء “تأكيدًا لسيادة القانون مع تحسن الوضع الأمني في تلك المحافظات”. في حين بدا بعضهم مشككًا في التصريحات الرسمية؛ إذ إن الوضع الأمني في الساحل لم يتحسن خلال الأشهر الأخيرة، بل مستمر على حاله منذ انتهاء معارك ريف اللاذقية مع بداية عام 2016، والوضع الأمني في مدينتَي طرطوس وجبلة مستقرٌ عمومًا على مدى سنيّ الثورة، ولم يشهد ما يهدد سيطرة النظام تهديدًا حقيقيًا، أما التفجيرات التي تحدث بين الحين والآخر ويتخوف الموالون منها، فلم تكن الحواجز العسكرية لتمنعها، وأجهزة النظام الاستخباراتية والأمنية ما تزال منهمكة في مراقبة السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي، وبث الشائعات بين الموالين لتحريضهم أكثرعلى إخوتهم في الوطن.

في مراجعة سريعة لآلية عمل الحواجز، يقول المدرّس أيمن لـ (جيرون): “لم تستطع الحواجز حماية المدنيين من التفجيرات التي حدثت أو حمايتهم من تشبيح متنفذي القوات العسكرية والرديفة، وإنجازها الوحيد في تأخر الموظف في الوصول إلى عمله والطالب إلى جامعته والقبض على من استطاعت من المتخلفين عن العسكرية”. وعن دور الحواجز في طمأنة مؤيدي النظام يضيف أيمن: “في بداية الانتفاضة وُضعت الحواجز لعزل الأحياء السكنية عن بعضها ولفرض سلطة النظام؛ ثم تحولت مع الوقت إلى مصدر رعب لجميع المدنيين، لأن سلطة القوة لا تفرق بين مؤيد ومعارض، وفي الأخير أصبحت الحواجز مراكز لجباية الأتاوات، وهي لم تكن يومًا مصدرًا للطمأنينة والأمان”.

يرى بعضُ الموالين أن ازدياد عدد الدوريات الأمنية الجوالة وغير المتوقعة يكشف جزءًا مما أُخفِي عنهم، يقول حسن، وهو أحد عناصر حاجز الرمل الفلسطيني المُزال: “اعتاد الناس خلال السنوات الماضية على الحواجز الثابتة، وكان أغلب عناصرها معلومين لشباب الساحل، بحكم صلات القرابة أو المعارف المشتركين؛ أما الآن فتُنصَب كمائن للقبض على المطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياط”. ووفقًا لحسن، فإن من يُقبض عليه من قبل الدوريات الأمنية الحالية يُرحّلَ مباشرة إلى مركز تجمع الأغرار في (الدريج)، دون السماح له بمراجعة وضعه. ويوضح حسن أن النقص المتزايد في عدد الجنود السوريين، نتيجة المعارك المستمرة على جبهات القتال، هو أحد الأسباب الرئيسة في استقدام عناصر الحواجز لدعم تلك الجبهات.

كشف حسن أن جميع عناصر حاجزه السابق نُقلوا إلى جبهة الجنوب، ولم يتمكن أحد منهم من البقاء في اللاذقية أو طرطوس. وأضاف: “إن التعليمات الواردة إلينا تقضي بإزالة كافة حواجز (الدفاع الوطني) الثابتة، وتحويل عناصرها إلى تدمر، لتلتقي بمجموعات صقور الصحراء التابعة للدفاع الوطني، أما عناصر الجيش فسوف يتجهون نحو درعا، وسيُكتفى بحاجزين للجيش، على مدخل المدينة ومخرجها”.




المصدر