قريةٌ أثريةٌ تُنهب جهاراً نهاراً في مصياف


زيد العمر: المصدر

لم تعد سرقة البيوت تروي ظمأ رؤوس شبيحة النظام فتركوا سرقتها أو ما عرف في أوساطهم بالـ “تعفيش” لمن هم أدنى منهم مرتبة، وامتهنوا سرقة ما خف وزنه وغلا ثمنه، فاتجهوا إلى سرقة الآثار وبيعها لتجار التهريب الذين ينقلوها خارج البلاد.

وكانت منطقة مصياف التي تسيطر عليها قوات النظام وشبيحته في ريف حماة ضحية لسرقة الآثار والمتاجرة بها، حيث بدؤوا بالتنقيب في مواقعها الأثرية خصوصاً أنها تعد من المناطق الغنية بالآثار بقلعتها القديمة ومواقعها الأثرية، فعاثوا فيها نهباً مستغلين نفوذهم في المدينة.

قبل المعارضين، كشف الموالون عن قضية سرقة آثار قرية “كيس رمثي” التابعة لمدينة مصياف، والتي تتعرض للسرقة جهاراً نهاراً، وأوضحت شبكة أخبار مصياف الموالية في تدوينة لها أن تلك القرية الأثرية لا تعد الوحيدة بل سبقتها سرقة عشرات المواقِع دون أيا دراية أو اتخاذ أي إجراء قانوني من “الجهات المسؤولة”.

وذكرت الشبكة أن جنائية مصياف تابعت الحادثة وأبلغت مديرية الآثار في مدينة حماة، وأطلقت أصابع الاتهام إليها بمشاركتها بتلك السرقات وغض الطرف عن اللصوص الذين ملؤوا جيوبهم وهربوا خارج القطر باللقى الأثرية.

المصدر أشار أيضاً إلى أن المدير العام لمديرية الآثار يعد المتهم الأول بالمشاركة بسرقة آثار تلك القرية القديمة، بل شريك المحاصصة بجميع اللقى الأثرية التي تم التنقيب والعثور عليها، من دون الاكتراث بتاريخ المنطقة الأثري حيث انصب جلّ تفكيره فقط بمستقبل أرباحه مع شركائه اللصوص في المديرية.

وفي حديث مع موظف سابق في مديرية الآثار ويدعى “عصام أبو أحمد” أفاد لـ”المصدر” أنه قبل بداية الثورة ظهرت العديد من اللقى الأثرية في منطقة مصياف وريفها والتي تعود إلى العصور الرومانية والبيزنطية، بعضها ظهر أثناء قيام بعض سكان المنطقة بحفر أساسات لبناء منزل، وبعضها الآخر ظهر أثناء التنقيب على الآثار في مصياف وريفها التي تعد من أغنى المناطق بالتحف الأثرية نظراً لقدم تاريخها وقلعتها.

وأشار “أبو أحمد” إلى حاثةً وقعت عام 2008، عند حفر بعض الأهالي أساسات للمنازل، صادفهم أحياناً آثار مدفونة تحت الأرض فيدفعهم خوفهم من القبضة الأمنية بالإبلاغ عنها، حيث يحضر وفد من مديرية الآثار وهم عبارة عن موظفين لا حول لهم ولا قوة، ليظهر بعدهم عناصر الأمن الذين يفرضون طوقاً أمنياً حول اللقى الأثرية ويمنعون أحداً من الاقتراب ليبدؤوا بالتنقيب بطرقٍ تؤذي اللقى وأماكنها، ليذهبوا بها إلى رؤساء الفروع، وبدورهم إلى خارج البلاد.

وتابع “عصام” أنه بعد قيام الثورة وسيطرة اللجان الأمنية والشبيحة على المدن الموالية زادت عملية النهب والسرقة والتنقيب على الآثار خصوصاً في ظل الفلتان الأمني التي تعيشه مناطق النظام وسيطرة قبضة اللجان الأمنية على المدن والقرى التي تقع تحت سيطرتهم، حيث جعلوا من سرقة الآثار شغلهم الشاغل نظراً لغلاء ثمنها، فقام بعضهم بتجميع ما حصل عليه من اللقى الأثرية وتهريبها خارج البلاد وبيعها بأسعار باهظة الثمن حيث يشاركه في الأغلب مسؤولين كبار من حكومة النظام.

وختم “أبو أحمد” حديثه بأن سوريا اليوم لا تبكي أبناءها الذين يقتلون على يد النظام وميليشياته فقط، بل تبكي سرقة تاريخها الذي استباحته الآلة العسكرية واللصوص.





المصدر