حكاية جارنا المعمرجي أبي معتز


فوزات رزق

جاري المعمرجي أبو معتز متخصص بالدفاع عن النظام، يدعم رأيه دائمًا بالأدلّة والبراهين الدامغة، ويذيّلها بالأمثال الشعبية والأقوال المأثورة والحكايات؛ حتى أصبحت مع الوقت مولعًا بمجادلته، كي أستمع إلى حججه التي يدعمها بأمثاله. لا أدري كيف يأتي بالمثل دون تكلّف، فيأتي في سياق حديثة كأنه “حفر وتنزيل”. هكذا وجدتني أتخذ من نفسي معارضًا قد الدنيا، فقلت له في معرض جدالنا حول طبيعة النظام:

– والله يا جاري يا أبا معتز حتى أكون صريحًا معك: أساليب هذا النظام في قمع الشعب السوري، لا تخطر على بال الأبالسة؛ فأجابني:

– والله يا جاري يا مسعود أنا أعرفك من يوم ولدتك أمك، هذا بزّك. على رأي المثل: “كل عمرك يا زبيبة”. أخي “هذي مش رمانة، هذي قلوب مليانة”. كلما دقّ الكوز بالجرّة النظام النظام. قلت له:

– أي نظام الذي تتحدث عنه، يا أبا معتز؟! فقال:

– ولو أستاذ مسعود؟! “اللي ما بيشوف من المنخل أعمى”، من الذي يقف شوكة في حلق العدو غير هذا النظام؟ من الذي فجّر حرب تشرين التحريرية وأعاد القنيطرة لأصحابها؟ من الذي قام بالحركة التصحيحية المجيدة، وأعاد للحزب وجهه الأصيل، وأعاده إلى جماهيره غير نظام الصمود والتصدي الذي لا يعجبك؟ “قال الله ما نشاف، بالعقل اندرك” لولا هذا النظام الممانع المقاوم لوصلت “إسرائيل” لما بعد حلب. لكنكم في المعارضة -سبحان الله- لو حلفنا لكم على شباك النبي، وأضأنا لكم قناديل وشموعًا لا ترون، ولو أقسمنا لكم بمزامير داود لا تصدقون. الحقائق ماثلة أمام عيونكم مثل نور الشمس؛ وأنتم كما يقولون: “عنزة لو طارت”. فقلت له:

– يا أبا معتز! كيف تريدني أن أصدق ونحن لم نرَ طلقة واحدة أطلقت باتجاه “إسرائيل” منذ أربعين عامًا. أي صمود وأي تصدٍ هذا الذي تتحدّث عنه؟ قال لي:

– أستاذ مسعود، “صاحب البيت أدرى بالذي فيه”. الحرب ليست أكل حلاوة، وعلى رأي المثل “أللي بيدري بيدري. واللي ما بيدري بيقول كفّ عدس”. أخي أستاذ مسعود “أللي أيدو بالمي مو مثل أللي أيدو بالنار” هناك قيادة ترى ما لا نستطيع أنا وأنت أن نراه، وهي تدرك ما لا نستطيع إدراكه. ثم أنا أعرفك يا جاري، من يوم يومك شكاك نقّاق. “قال مين أدرى بأسرارك. قال ربك وجارك”. قلت:

– طبعًا القيادة ترى ما لا نرى، والدليل على ذلك فإن القيادة الحكيمة رأت أن تسلّم الجولان بالسر، “ولا من شاف، ولا من دري”. فقال:

– حرام عليك، يا أستاذ مسعود، “وراك ولاد بيسووا رزق الدنيا” لا تصدق الإشاعات المغرضة. “قالوا القعق أكل الصابونة. قال شيعة وطلعت”. معقول أن تصدق مثل هذا الكلام الذي لا يركب على عقل؟ “قال عين شافت طقت وعميت. كيف عين لا شافت ولا رأت؟”. هل كنت حاضرًا حضرتك على تسليم الجولان؟ ثم لماذا قامت حرب تشرين التحريرية؟ هكذا؟ لله بالله؟! يا رجال “أن حبيت خاف الله وان بغضت خاف الله”. أنتم في المعارضة نواياكم خبيثة، لا تؤاخذني، والمثل يقول: “صفي النية ونام بالبريّة”. والله والله لو ضوّا لكم هذا النظام العشرة شمعًا، لقلتم “أبوّد وحجار السود”. وبدون مؤاخذة أنتم في المعارضة “مثل اللي قاعد بالمعلف، لا بياكل ولا بخلي غيره ياكل”. مثل الضفادع لا تعرفون غير النقّ. ما الذي جعلكم تقيمون الدنيا ولا تقعدونها؟ تريدون تغيير النظام؟ أستاذ معتز “ما بتعرف خيري لتجرّب غيري” غدًا حين سيرحل النظام لا سمح الله ولا قدّر ستأتيكم (داعش). عندئذٍ “حنّوا طرافكن”. ستأكلون أصابعكم ندمًا، وستقولون: “فكرنا الباشا باشا. ومطرح ما سرينا طلع لنا الضو. ومطرح ما شخ شنقوه”.

عندئذ قلت له:

– يعني يا أبا معتز ألا يوجد غير هذين الخيارين؛ أما النظام أو (داعش)؟ يا أخي يرحل هذا النظام، ونحن سنتدبر أمرنا. النبي محمد مات وتدبرت أمة محمد من بعده. إن شاء الله درب يصدّ ما يردّ.

عند ذلك احمرّ أبو معتز واخضرّ وقال لي:

– شوف يا جاري يا أستاذ “دعوة إبليس ما بتخزق ولا قميص”. وإذا كنت رايح على المطحنة بغير هالمسلّة خيّط”. النظام باق على صدوركم للأبد. “إن عجبك كحّل وإن ما عجبك رحل. واللي بيطلع بإيدكن يطلع برجلكن. بلّطوا البحر“. فقلت له:

– على ذكر إبليس اسمع مني يا أبا معتز هذه الحكاية. قال:

– هات اتحفنا: فقلت

– يحكى أن رجلًا كان كلما ذكر إبليس أمامه انبرى للدفاع عنه، مثلما تدافع أنت عن النظام. وأخشى أن يحدث لك ما حدث له. فقال:

– وماذا حدث له؟ قلت:

– ذات ليلة وحينما كان الرجل بسابع نومة شعر بحاجته للخروج إلى الحمام. فأتاه صديقه إبليس في منامه وقال له: لقد أمضيت عمرك في الدفاع عني، ولست أدري كيف سأكافئك. وقد حان الوقت الآن لأفي الدين الذي في رقبتي، والله لن أدعك تنهض من فراشك في هذا البرد القارس، اقض حاجتك في حضني. فاسترخى الرجل وقضى حاجته في حضن صاحبه إبليس. وحين أفاق من حلمه في الصباح -تصبح بخير- وجد نفسه يغوص في قذارته حتى الرقبة.

عند ذلك نهض أبو معتز وانصرف غاضبًا ولم يعد يفاتحني لا في صباح ولا مساء.




المصدر