الفساد ودوره في انتشار المواد الغذائية الفاسدة في مدينة حلب


editor4

زياد عدوان: المصدر

تسبب انتشار المواد الغذائية والأطعمة الفاسدة في مدينة حلب، انتشار العديد من الأمراض، ومنها التيفوئيد وأمراض المعدة والمغص الشديد.

وبالرغم من مخالفة العديد من المطاعم والمحلات التي تختص ببيع المواد الغذائية، إلا أن الفساد المستشري في جهاز الرقابة التمويني التابع للنظام أدى إلى التغاضي عن إغلاق تلك المحلات والمطاعم التي تبيع المواد الفاسدة، والتي تم افتتاح معظمها خلال السنتين الماضيتين، بعد دفعها مبالغ مالية كبيرة كرشوة مقابل ملء سجلها التجاري بمطابقة شروط الجودة.

ولعل معظم المدنيين في مناطق سيطرة النظام لا يستطيعون تمييز المواد الغذائية الفاسدة، وذلك لعدة أسباب، أهمها تغيير تاريخ الإنتاج والانتهاء بحسب ما يلائم التجار، والذين يتعاملون بميزانية تكون أرقامها خالية، فتجار المعلبات يشترون كميات كبيرة حتى إن كانت منتهية الصلاحية، والفضل يعود لتغيير تاريخ الإنتاج والانتهاء، فضلاً عن تغيير لصاقات تلك المعلبات، والتي تشمل معلبات اللحوم والأسماك، إضافة إلى كل ما يتعلق بالحلاوة والمربيات، وهي من أصناف المواد الغذائية المطلوبة وبكثرة، خاصة أنها ليست بحاجة للتحضير.

وافتتحت في مدينة حلب عشرات المحلات لتجارة المواد الغذائية ومطاعم الوجبات السريعة والساندويش خلال السنتين الماضيتين، بعد توافد عائلات الميليشيات التي تقاتل إلى جانب قوات النظام، والتي افتتحت العديد من تلك المطاعم، فانتشرت الأطعمة الفاسدة بشكل كبير، وأصيب عدد من المدنيين بالتسمم وحمى التيفوئيد نتيجة تناولهم “كاتو” فاسد من إحدى المحلات في حي الفرقان في مدينة حلب.

وتواصلت (المصدر) مع أحد المدنيين الذين أصيبوا بالتسمم نتيجة تناوله الحلوى من احدة المحال التجارية  قرب دوار الصخرة في حي الفرقان، ويدعى “أسامة”.

وقال أسامة: “يوم الثلاثاء الماضي 18 يوليو أصبت بمغص شديد في المعدة وألم قوي، ولم أكن أظن أن تناولي لقطعة كاتو هي السبب، وخلال ذلك ذهبت إلى مشفى الرازي، وأجريت الفحوصات الطبية والتحاليل، وتبين للأطباء أنني مصاب بأعراض حمى التيفوئيد، نتيجة تناول طعام فاسد، وعندما سألني أحد الأطباء أجبته بأنني تناولت قطعة كاتو، وأكد لي الطبيب بأن قطعة الكاتو التي تناولتها فاسدة، وتحتوي على مواد منتهية الصلاحية”.

وأردف “لم أستفد من تقديم الشكوى للتموين، فقد طلب مني إنشاء معاملة تحتاج لتوقيع وزير الصحة ومدير صحة حلب، فضلاً عن إحضار أشخاص تعرضوا للتسمم نتيجة تناولهم من ذاك المحل، وكل هذه الإجراءات لإجباري على التخلي عن متابعة الموضوع والسكوت عنه”.

ونتيجة غياب الحملات التموينية وأجهزة الرقابة على المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة وعلى المحلات التجارية، استغل التجار إدخال تلك المواد الغذائية والأطعمة الفاسدة وطرحها في الأسواق بشكل كبير، ولم يكتفوا بذلك، بل تم تغيير العديد من الأغلفة وطابعة تاريخ انتهاء جديد بعد شطب تاريخ الانتهاء الحقيقي.

وفي ظل ما تعانيها مدينة حلب من غياب الدور الرقابي على تلك المواد، انتشرت مؤخراً في أسواق مدينة حلب “لبنة” بقرية تسببت بالنعاس والدوار بعد تناولها، ويميل لونها للاصفرار، ونتيجة تحليل عينة منها في مخبر تحاليل مشفى الجامعة، تبين أنها تحتوي على مادة لزجة تساعد على تجانس الخليط المتضارب “جلاتين وكربونات الرصاص وسبيداج” بدلاً من الحليب، ويعرف عن السبيداج بأنه مادة كانت تستخدم قديماً وتدخل في صناعة مواد طلاء المنازل “الدهان”، وتسبب قصوراً كلويا، واضطرابات في الكبد والدماغ والقلب والجهاز العصبي اللامركزي والجهاز التناسلي.

وقدمت الكثير من الشكاوى بخصوص انتشار اللبنة البقرية الفاسدة في أسواق مدينة حلب، وخاصة أنها تعتبر نخباً أول، ويصل سعر الكيلو إلى 1200 ليرة سورية، ولكن دون جدوى.

وقال “أبو إبراهيم”، من سكان أحياء حلب الغربية، إنه تعرض للمضايقات نتيجة تقديمه شكوى على أحد أصحاب محلات بيع المواد الغذائية في حي الحمدانية، وهو أحد تجار الجملة ويعرف بـ “خلدون”، وهذا التاجر يقوم بتخزين مواد غذائية منتهية الصلاحية في مستودعاته، ويقوم بتغيير تاريخ الإنتاج والانتهاء وببيعها لاحقا.

وأضاف “أبو إبراهيم” في حديث لـ (المصدر): “بعد قيامي بتقديم شكوى للرقابة والتموين تعرضت للتهديدات بالخطف والقتل، ولم استفد من تقديم الشكاوى لقسم شرطة الحمدانية بشيء، وذلك بسبب إعطاء الرشاوي من قبل ذلك التاجر لعناصر قسم شرطة الحمدانية، ولعناصر الرقابة التموينية، وبسبب الفساد المستشري يتم التكتم على وجود تلك البضائع الغذائية الفاسدة في مستودعاته”.

ولفت “أبو إبراهيم” إلى أن معظم السكان لا يعرفون كيف يقوم التاجر بتغيير تاريخ إنتاج وانتهاء صلاحية تلك المعلبات والأغذية، ونتيجة تعامله مع عناصر فاسدين فإنه لا يزال يطرح بضائعه باستمرار في تلك المحلات.

وفي المقابل، اقتصر عمل الرقابة التموينية التابعة للنظام، على إغلاق العديد من المحلات الخاصة ببيع المواد الغذائية والمطاعم خلال الفترة الماضية، بسبب امتناع أصحابها عن إعطاء الرشاوي لعناصر الأجهزة الرقابية، والذين يتبع معظمهم للأفرع الأمنية، غير أن التغاضي عن التجار الكبار سمح لهم بجلب المزيد من تلك المواد الغذائية والأطعمة الفاسدة وطرحها بكثافة في الأسواق.

ولا يقتصر وجود المواد الغذائية والأطعمة الفاسدة في مدينة حلب، بل غزت تلك البضائع جميع المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة النظام، بما فيها دمشق وحماة وحمص ومناطق الساحل.

وكانت مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابعة للنظام في مدينة حماة، قد أعلنت عن إغلاق وضبط عدة مخالفات لمحلات تجارية في عدة مناطق في المدينة، وهي ضبط محل يحوي على لبن عفن ومتخمر في منطقة الحاضر الكبير، بالإضافة لضبط محل يستخدم لحوم فاسدة بخلطها مع “كباب الفروج” جنوب الملعب قرب مديريّة الصحة في المدينة، فضلاً عن إغلاق محل يحوي مواد غذائية منتهية الصلاحية في ذات المنطقة.

كما أعلنت مديرية حماية المستهلك التابعة للنظام في محافظة دمشق عن إغلاق محل بوظة “بكداش”، أشهر محلات بيع البوظة في مدينة دمشق، بالإضافة لإغلاق العديد من المحلات التجارية، بسبب وجود مواد غذائية منتهية الصلاحية.

ويوم الإثنين 24 يوليو، أعلنت تم ضبط عشرات الأطنان من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في مستودع في اللاذقية.




المصدر