صراع أجنحة داخل إدارة ترامب حول سياسة أمريكا في سوريا.. فمن هو عراب الجهود لدعم المعارضة وضرب الأسد؟
25 تموز (يوليو - جويلية)، 2017
مراد الشامي
تنقسم الآراء داخل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول سياسة الولايات المتحدة في سوريا، لا سيما مع ازدياد النفوذ الروسي والإيراني هناك، ويذهب بعض المسؤولين إلى ضرورة تطوير السياسة الأمريكية وعدم اقتصارها على قتال تنظيم “الدولة الإسلامية” فقط.
وتتلخص سياسة إدارة ترامب حول سوريا في دعمها للميليشيات الكردية شمال وشمال شرق سوريا لقتال “تنظيم الدولة”، ويبدو أنها تتجه للابتعاد أكثر عن فصائل المعارضة السورية التي تخوض معركتين متزامنتين مع قوات نظام بشار الأسد، و”تنظيم الدولة”.
ويشير معهد “واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” إلى أن إدارة ترامب بحاجة لاتخاذ قرار نهائي حول استراتيجيته في محاربة الإرهاب والملف السوري، لا سيما وأن “الكونغرس بحاجة إلى مثل هكذا قرار للبت في مشروع الانفاق الحكومي الذي تقدمت به إدارة ترامب على أن تتضمن هذه الاستراتيجية وصفاً محددا للأهداف السياسية تجاه حكومة النظام والأطراف الفاعلة في المنطقة”.
تحديات أمام أمريكا
ويحذر التقرير من أن “تجاهل أمريكا لدعم فصائل المعارضة السورية، يولد تحديات عدة، أبرزها انتهازية الفصائل السلفية الجهادية واستغلالها عدم استقرار الدعم المقدم للفصائل الثورية لتفرض عليها التبعية لها في القول والفعل حتى ترضخ”، مشيرةً إلى صعوبة تعاني منها تلك الفصائل بين الدعم المقدم لها وحجم المهام التي تقوم بها.
وفي المقال الذي نشره معهد “واشنطن” يشير إلى أنه بحسب مسؤولين في البيت الأبيض، فإن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، ورئيس هيئة الأركان المشتركة جوزيف دانفورد يعارضان إرسال المزيد من القوات إلى سوريا.
لكن في ذات الوقت ينادي جناح عسكري داخل البنتاغون بعكس هذه السياسة، وعلى رأس هذا الجناح الجنرال ماك ماستر مستشار الأمن القومي الذي يعتمد في خطته على ما خبره من معارك ضد الميليشيات المتطرفة في العراق، خلال عمله المباشر مع الجنرال ديفيد بترايوس.
ويضيف المقال أن هدف ماك ماستر وديفيد بترايوس يتمثل في تهميش المتطرفين العنفيين، داحِضين ادّعاءهم بأنهم يتكلّمون باسم الإسلام، وذلك عبر تسليط الضوء على الهوّة التي تفصل بينهم وبين الغالبية الساحقة من المسلمين.
ويقود بترايوس جهوداً لإقناع الرئيس ترامب بتنبي خطته المقترحة منذ العام 2015، وتقضي بمحاولة فصل “المجموعات التي يمكن أن تكون جزءاً من الحل عن تنظيم القاعدة، ووضعها في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية ونظام بشار الأسد”.
وتتضمن التفاصيل الأخرى للخطة “إرسال عدد كبير من القوات الأمريكية تكون جنباً إلى جنب مع الحلفاء المحليين لتحرير المناطق من سيطرة القوى المتطرفة، وبعدها سيكون للجيش الأمريكي متواجداً على الأرض في بلد كان محتكراً لعقود من الجانب الروسي”، بحسب معهد “واشنطن”، ويضيف أن الأمر الذي يحاربه كبير الاستراتيجيين في البيت الأبيض ستيف بانون والذي يعتبر هذه الأفكار هي سعي لبدء حرب عراقية جديدة، على حد وصفه.
رؤية ماك ماستر
واعتبر مقال المعهد أن الضربة التي وجهتها أمريكا لقوات نظام الأسد في قاعدة الشعيرات العسكرية في أبريل/ نيسان الماضي على خلفية هجوم كيماوي على خان شيخون، أظهر ملامح خطة ماك ماستر.
وتشير تحركات القوات الأمريكية على الأرض في سوريا إلى أن لدى واشنطن نية في بقاء طويل هناك، إذ زادت اعتمادها على قواعد ومطارات داخل سوريا وكردستان العراق وفيها آلاف الجنود من الأمريكيين، والألمان، والإيطاليين، والفنلنديين، والبريطانيين.
وتشير إعادة تأهيل القوات الأمريكية للقواعد العسكرية في شمال سوريا (حيث تتواجد الميليشيات الكردية) إلى أن وجود تلك القوات لن يكون مؤقتاً. وفي هذا السياق أشار المعهد الأمريكي إلى أنه منذ مارس/ آذار الماضي، أصبح لدى قوات التحالف خمس منشآت عسكرية جوية في المنطقة.
وتتناقض أهداف خطة ماك ماستر مع دعم إدارة ترامب لميليشيات قوات “سوريا الديمقراطية” التي يشكل المقاتلون الأكراد الجزء الأكبر منها، “فمن خلال تجربته في العراق يدرك أن التحالف مع الأكراد فقط هو دون جدوى استراتيجية حقيقية، حيث أنه من غير المنطقي استيلاء الأكراد على الأراضي العربية وحكمها مما قد يولد صراع جديد في المنطقة وهو ما لا تتمناه الإدارة الأمريكية أن يحدث”.
ولدى جناح ماك ماستر يقين بأهمية إيجاد قوات عربية سنية لتكون حليف لها على الأراضي السورية لتحقيق هدف تدمير “تنظيم الدولة” والقضاء على الجماعات الإسلامية المتطرفة، وإقامة مناطق آمنة في سوريا.
ويشير معهد “واشنطن” إلى أن اختيار الشريك العربي من الفصائل السورية المقاتلة على الأرض أمر معقد بالنسبة للقيادة الأمريكية، وذلك “لأن الأولوية الأمريكية الآن هي القضاء على تنظيم داعش، بينما تصر القوات العربية على أولوية قتال النظام. وهذا التضارب لا يمكن التغلب عليه بسهولة، بسبب الخريطة السياسية والعسكرية المعقدة في سوريا إضافة إلى العلاقات الدولية المتوترة”.
ويوصي معهد “واشنطن” بأنه على أمريكا والقوات العربية في سوريا أن يحاولا الوصول لبعضهما، مضيفاً أن “خلف تحالف بين الطرفين يتوقف على أمرين، الأول أنه يجب على ترامب أن يقرر ما إذا كان يريد التحرك أم لا. والأمر الثاني على ما تبقى من القوات العربية المعتدلة أن تقرر ما إذا كانت ستغتنم الفرصة للتعاون مع الإدارة الأمريكية لتصبح عنصرا فاعلاً في السياسة السورية”.
[sociallocker] [/sociallocker]