أخطر سجون (الإدارة الذاتية) في حلب وشهاداتٌ توثّق الانتهاكات فيها

28 تموز (يوليو - جويلية)، 2017
8 minutes

editor4

زياد عدوان: المصدر

لا تختلف سجون الإدارة الذاتية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د) في المناطق التي تسيطر عليها شمال سوريا، وتحديداً في مدينتي عفرين بريف حلب، والقامشلي بريف الحسكة، عن سجون النظام من حيث المعاملة السيئة والانتهاكات، فضلاً عن تصفية المعتقلين.

بعد انتهاء السنة الأولى من عمر الثورة السورية أنشأت ميليشيا الإدارة الذاتية عشرات السجون، ومنها السرية التي تتبع لمكافحة الإرهاب، وتتسم تلك السجون بالسرية التامة بالرغم من وجود بعضها بالقرب من الأحياء السكنية، مثل سجون حي الشيخ مقصود في مدينة حلب، ومدينة عفرين.

واعتمدت الإدارة الذاتية بعد إنشاء تلك السجون على سياسة القمع والترهيب بحق معارضيها بالدرجة الأولى، ومن ثم المدنيين الذين سجن المئات منهم بتهم مختلفة “مفصلة وجاهزة”، بحسب أحد المعارضين لسياسة ميليشيا الإدارة الذاتية.

وأطلقت الإدارة الذاتية ما يعرف باسم “الآسايش” على عناصر الشرطة في “روج افا”، مناطق سيطرة الميليشيات الكردية، والتي تمتد من محافظة الحسكة وصولاً إلى أطراف مدينة جرابلس انتهاءً بمدينة عفرين والتي تتلقى الأوامر مباشرة من الحاكمية في مقاطعة الجزيرة بالرغم من أنها ذات إدارة ذاتية.

واعتقلت ميليشيا الآسايش عشرات المعارضين لسياسة ميليشيا الإدارة الذاتية، فمنهم من تم الإفراج عنه واعتقل مرة أخرى، ومنهم مازال معتقلا حتى اليوم، وتشمل تلك الاعتقالات كل من لم يعجبه البرنامج الذي تتغنى فيه الميليشيات أو أي أحد ينتقد الجناح العسكري (YPG) أو الجناح السياسي (PYD) أو أدنى مؤسساتها، والتي أنشئت مؤخرا، وهي الكومينات والتي تقوم بتنظيم الحياة للمدنيين.

وتتّبع تلك الميليشيا من حيث الاعتقالات والمعاملة السيئة التي يتعرض لها السجناء بشكل يومي أسلوب النظام والذي تسميه ميليشيا الإدارة الذاتية “النظام البعثي الفاشي”، وتستمد التعذيب الوحشي وحبس المعتقلين ضمن المنفردات وحرمانهم من الطعام والشراب لأيام فضلاً عن العديد من الانتهاكات الجسدية والضغط النفسي من خلال ما يرتكبه النظام بحق المعتقلين في سجونه.

سجون حلب

وبعد توقف القتال في مدينة حلب، بدأت ميليشيا الإدارة الذاتية باعتقال العشرات من المدنيين بعد رفع التقارير الاستخباراتية من قبل مدنيين يعملون مخبرين لها، وبسبب ارتفاع عدد المعتقلين أنشأت ميليشيا الإدارة الذاتية ثلاثة سجون في مدينة حلب، بالإضافة للسجون السابقة، كما ازداد عدد المخافر لتبلغ نحو سبعة عشر مخفراً في الأحياء الشرقية وخمسة في حي الشيخ مقصود، ولكل مخفر سجن.

ويعتبر أخطر سجون الإدارة الذاتية هو السجن الموجود في أقصى الجنوب الغربي من حي الشيخ مقصود، والذي يوجد فيه أكثر من 450 معتقلاً بعضهم معتقلين سياسيين وبعضهم ممن انتقدوا الإدارة الذاتية، كما يضم السجن الذي كان سابقاً مغسلة سيارات ومبنى سكني، على عشرات المعتقلين من ذوي الجنح والقضايا الجنائية، فيما يتم نقل معظم معتقلي الرأي والقضايا الجنائية إلى مدينة عفرين، حيث يوجد سجن تم استحداثه في مغارة قرب قرية شيركان ويتعرض السجناء فيها لأقسى أنواع التعذيب الجسدي، فضلاً عن حرمانهم من الحصول على الماء والدواء والطعام.

واستحدثت الميليشيا سجنين في منطقة الشقيف وفي منطقة عين التل بالإضافة لإحداث سجن في محيط حي الشيخ مقصود، وهو سجن سري تشرف عليه وحدات مكافحة الإرهاب التابعة لميليشيا الإدارة الذاتية، ويعتبر هذا السجن من أخطر السجون في مناطق سيطرة ميليشيا الإدارة الذاتية في مدينة حلب، حيث تبلغ الانتهاكات فيه مستوى إحراق أجزاء من جسد السجين، بالإضافة لتعليقه وهو مكبل اليدين من الخلف (شبحه).

ويعمل عناصر مكافحة الإرهاب عن طريق التقارير المرفوعة من قبل المخبرين، والذين تم تجنيدهم من قبل ميليشيا الإدارة الذاتية، حيث تم اعتقال العديد من المدنيين بعضهم نتيجة التهجم على سياسات الإدارة الذاتية، وبعضهم نتيجة مشادة كلامية بينه وبين عناصر ميليشيا الآسايش.

وجرى خلال تعرض حي الشيخ مقصود للقصف من قبل كتائب الثوار اعتقال العشرات من المدنيين أثناء سيرهم في الشوارع، فمنهم اعتقل أثناء تحدثه على الهاتف المحمول وهو في طريقه إلى المنزل، واختفى العديد من المدنيين في مناطق سيطرة ميليشيا الإدارة الذاتية في مدينة حلب وعفرين، وذلك نتيجة عمليات الدهم والاعتقال المستمرة، فبعض المطلوبين يتم نقلهم إلى مدينة عفرين، والبعض الآخر يتم تسليمه للنظام، وذلك في إطار التعاون الأمني بين الطرفين، بالرغم من نفي ميليشيا الإدارة الذاتية لوجود تنسيق أو تعاون فيما بينهما.

شهادة سجينٍ سابق

أحد السجناء المفرج عنهم، والذي تم اعتقاله بعد تقرير عن تعامله مع كتائب الثوار، ويدعى “حسين فقيه”، قال لـ (المصدر): “نتيجة قيام أحد المدنيين الذين تم تجنيدهم من قبل ميليشيا الإدارة الذاتية للعمل كعنصر مخابرات، تم اعتقالي بتهمة التعامل مع كتائب الثوار في تموز من عام 2015”.

وأردف “تم تطويق منزلي من قبل عناصر مثلمين، وبعدها اقتادوني إلى مكان مجهول، وعلى الفور بدأ التحقيق معي، واستمر لساعات، وخلال ذلك الوقت تعرضت للضرب المبرح وللشبح من يدي اليمين، واستمر التحقيق وتعذيبي لأيام، ولم أكن أعرف الأيام بسبب وضعي في منفردة لا تتسع إلا للجلوس”.

وأضاف “فقيه”: “بعد قرابة شهرين تم تحويلي إلى سجن المغارة في محيط قرية شيركان المحاذية للحدود مع تركيا، وأمضيت نحو عام وسبعة أشهر قبل أن يتم الإفراج عني مقابل كفالة مالية قدرها 15 ألف دولار، وخلال الفترة التي أمضيتها في السجن تعرضت لشتى أصناف التعذيب الوحشي، بالإضافة لحرماني من الطعام والشراب لفترات طويلة”.

شهادة أحد عناصر الآسايش

ويعتبر حرمان السجين من الطعام والشراب لأيام انتهاكاً صارخاً، حيث تستخدم ميليشيا الآسايش هذا الأسلوب في محاولة للضغط على السجين من أجل حصولها على اعترافات.

وأكد أحد عناصر الآسايش، (طلب عدم ذكر اسمه)، وفاة رجلٍ خمسينيٍ في أحد السجون التابعة لميليشيا الآسايش في مدينة حلب.

وقال لـ (المصدر): “بعد قيام الآسايش بحرمان رجل مريض عن الطعام والشراب والدواء نحو ستة أيام، تدهورت حالته الصحية، وبعد ذلك أتى أحد عناصر الآسايش وقال له: بإمكانك الحصول على ما تريد من طعام ودواء وشراب وحتى دخان إذ اعترفت، ولكن الرجل الخمسيني لم يكن لديه أية اعترافات، وذلك لأنه اعتقل نتيجة خطأ قام به أحد عناصر المخابرات التابعين لمليشيا الإدارة الذاتية”.

وأردف عنصر الآسايش: “وبعد عدة ساعات على بداية اليوم السادس، فوجئ عناصر الآسايش بوفاة الرجل نتيجة عدم تناوله الطعام والدواء، وتم تسليم جثته لأسرته التي طالبت بمعرفة ملابسات وفاته، ليتبين بأنه قضى بسبب حرمانه من تناول دوائه والطعام”.

وتشكل سجون ميليشيا الإدارة الذاتية هاجساً مخيفاً لدى المدنيين والمعارضين لسياساتها القمعية التي تفرضها بالقوة، متخفية بشعارات “الديمقراطية والتعددية والمساواة”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]