حي (الشيخ مقصود) بحلب يجسّد العلاقات الشائكة بين النظام والأكراد
28 تموز (يوليو - جويلية)، 2017
editor4
المصدر: رصد
تحكم حي الشيخ مقصود في مدينة حلب الخاضع لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، علاقاتٌ شائكةٌ بين تلك الوحدات وقوات النظام، فمن الأسباب الواضحة لتسامح النظام مع الوحدات الكردية عداء الأخيرة لكتائب الثوار التي تسعى للإطاحة بالنظام، إلا أن العلاقة بين الطرفين غير مستقرة، وتعقدها شبكة من التحالفات والخصومات الدولية.
وداخل حي الشيخ مقصود ترفرف الأعلام الكردية على أسطح المنازل، وتحل صورة زعيم كردي محل صورة بشار الأسد. في حين يقول السياسي الكردي البارز “سعاد حسن”، إنهم لن يتخلوا عن الحي إلا إذا قتلوا جميعا.
وأفاد موقع “رويترز” إلى أن حكومة النظام تقبل بشكل عام الحكم الكردي لذلك الجيب وتسمح بالتنقلات منه وإليه وهو ما يظهر استعدادها في الوقت الحالي على الأقل لقبول حركة كردية تتناقض رؤيتها لسوريا بشكل مباشر مع روية النظام لكنها ليست عدوه اللدود، إلا أن الخلافات بين من يديرون الشيخ مقصود الذي يقطنه 40 ألف نسمة، والحكومة، تشير إلى مشكلات مستقبلية محتملة.
وأشار المصدر إلى أن العلاقة بين الطرفين غير مستقرة وتعقدها شبكة من التحالفات والخصومات الدولية، ستكتسب أهمية متزايدة مع انتزاع كل من الطرفين السيطرة على مزيد من الأراضي من قبضة تنظيم “داعش”.
وفي حين روجت حكومة النظام لهزيمة كتائب الثوار في حلب بوصفها أكبر نصر للنظام في الحرب حتى الآن، إلا أنها لم تتحرك لاستعادة السيطرة على الشيخ مقصود الذي يقع على تلة محاطة بمناطق تسيطر عليها قوات النظام، وليس هناك وجود عسكري حول الحي عدا نقطة تفتيش لقوات النظام على الطريق المؤدي إليه، ويتنقل الكثير من عمال الحكومة والطلبة من داخل الحي إلى المدينة يوميا.
وبرغم ذلك يشتكي قادة في قوات الأسايش من أن نقاط التفتيش تمنع دخول السلع والخدمات إلى داخل الحي.
* أيديولوجية يسارية
في غرفة داخل مقر أكاديمية المجتمع الديمقراطي في حلب يحضر 15 رجلا وامرأة محاضرة عن الفكر اليساري ونظام الحكم الفيدرالي الذي تتبناه وحدات حماية الشعب الكردية السورية. طغت على الغرفة صورة بحجم حائط بالكامل لعبد الله أوجلان مؤسس حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا والرمز السياسي لوحدات حماية الشعب ولحزب الاتحاد الديمقراطي.
وتحمل الكتابات على الجدران في حي الشيخ مقصود عدة إشارات لحزب العمال الكردستاني وأيضا إلى “آبو”. والملصقات المعلقة في الشوارع تحمل صور “الشهداء” ولا تقتصر على من قتلوا من صفوف وحدات حماية الشعب في سوريا، بل أيضاً بعض من قتلوا وهم يحاربون في صفوف حزب العمال الكردستاني في تركيا.
تخلى الأكراد عن فكرة الاستقلال عن سوريا ويريدون دولة لا مركزية تنتخب فيها المجتمعات المختلفة مجالس محلية يقودها الرجال والنساء على حد سواء بحيث تكون كل المجموعات العرقية والدينية ممثلة فيها، ويقول منتقدون إن هياكل الحكم التي أسسوها وفقاً لذلك المفهوم في شمال سوريا أقل ديمقراطية مما تبدو عليه ويهيمن عليها مسؤولون يدينون بالولاء لحزب العمال الكردستاني، لكن تظل رؤيتهم مناقضة لمفهوم النظام بقيادة بشار الأسد الذي يتسم بالمركزية ويؤكد الجذور العربية للبلاد.
وأشار وزير خارجية النظام وليد المعلم إلى إمكانية التوصل إلى ما وصفها بموائمة مع الأكراد، وأشار بشار الأسد إلى أنه يقبل حملهم للسلاح في الوقت الراهن، لكنه تعهد أيضاً باستعادة السيطرة على كل شبر من البلاد، ووصف الكيانات الكردية الحاكمة بأنها مؤقتة.
* قتال
ومن الأسباب الواضحة لتسامح بشار الأسد مع وحدات حماية الشعب الكردية عداء الوحدات لكتائب الثوار التي تسعى للإطاحة به.
وساعدت جبهة الأكراد ضد الثوار بشار الأسد عندما استعادت قواته شرق حلب العام الماضي. كما حرم قتال الأكراد ضد “داعش” “الجهاديين” من موارد كان من الممكن أن يستخدموها ضد النظام، واستفاد النظام أيضاً من قلق تركيا من الصلات بين الوحدات وحزب العمال الكردستاني.
وسمح الأكراد باستمرار جيوب تحت سيطرة النظام قرب الحسكة والقامشلي اللتان يسيطرون عليها، لكنهم اشتبكوا أيضاً مع قوات النظام هناك.
وأشار موقع “رويترز” إلى أنه زار الشيخ مقصود برفقة مسؤول من حكومة النظام، ورافقته شاحنة تحمل جنوداً من الأسايش.
وانتقد “محمد علي”، وهو قائد الأسايش في الشيخ مقصود، حكومة النظام وقال إنها كثيراً ما منعت المرور من الشيخ مقصود إلى مناطق أخرى ومنعت دخول إمدادات إنسانية. وقال إن سلوك حكومة النظام خاطئ ويجعل الشيخ مقصود تبدو وكأنها منطقة عسكرية وليست مدنية.
* نقاط تفتيش
وأوضح “علي” أن نقطة التفتيش تفتح فقط من الثامنة صباحاً وحتى الخامسة مساء في الصيف وحتى الثالثة مساء في الشتاء. وتأتي كل الإمدادات من الخارج ومنها الغذاء والدواء والوقود المخصص لمولدات الكهرباء والمطلوب أيضاً لتشغيل المضخات التي ترفع المياه من الآبار.
وقال بائعون إن المنتجات في أسواق الشيخ مقصود تشترى جميعها كل يوم من سوق للفواكه والخضروات بوسط حلب لكنها تخضع لرسوم قدرها 50 ليرة (0.10 دولار) للكيلو عند نقطة التفتيش.
وتبعد منطقة الشيخ مقصود نحو 17 كيلومتراً عن عفرين أقرب منطقة يديرها الأكراد. ويستطيع المدنيون المرور دون صعوبات كبيرة لكن يتعذر ذلك على المقاتلين الأكراد. ويخاطر الشباب بالخضوع للتجنيد الإجباري عند نقاط التفتيش التابعة لقوات النظام.
وقال قائد الأسايش في الشيخ مقصود، إن نقاط التفتيش رفضت في بعض الأحيان دخول شحنات إلى الشيخ مقصود دون إنذار مسبق ودون إبداء أسباب، مشيراً إلى شحنة ديزل لم تحصل على إذن بالدخول مؤخرا.
وأضاف أن نقاط التفتيش منعت أيضاً الشاحنات الثقيلة ومعدات البناء مثل الجرافات المطلوبة لرفع الأنقاض في المناطق المتضررة من الدخول.
* اعتمادية
ويظهر الاعتماد الواضح على الصلات بمناطق النظام في مناطق كردية أخرى من سوريا، إذ تقع حدودها الأخرى مع تركيا والعراق.
ولا يوجد في الشيخ مقصود أثر للعلاقات بين وحدات حماية الشعب والولايات المتحدة لكن رويترز رأت مركبة روسية مدرعة تسير ببطء في أحد الطرق.
وموسكو أكبر حليفة للنظام في الحرب ويعتقد الأكراد أن وجود قوات روسية في منطقة عفرين الكردية ساعد أيضاً في تفادي هجمات تركية محتملة هناك.
ومع ذلك يقول زعماء أكراد في الشيخ مقصود إنهم لا يرون سببا لقبول سلطة دمشق إلا إذا رغب الأكراد في ذلك.
وقال محمد حاج مصطفى رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي في الشيخ مقصود إن نحو 30 إلى 40 في المئة من الأراضي السورية تحت سيطرة الأكراد وإن إرادة الشعب هي الأقوى.
[sociallocker] [/sociallocker]