عشرات العوائل تضطرّ للمغادرة .. استياء بمخيّمات كليس من الإجراءات التركيّة “التعسّفية”
1 آب (أغسطس - أوت)، 2017
muhammed bitar
أعرب لاجئون سوريون في مخيمات مدينة كليس الحدودية عن استيائهم الشديد مما وصفوه بـ”الإجراءات التعسفية” التي ترتكبها إدارة المخيمات بحقهم، محملين الإدارة مسؤولية اضطرار العشرات من العائلات إلى مغادرة المخيمات.
وأثار تطبيق إدارة المخيمات التركية للقوانين الجديدة، موجة من الانتقادات بين سكان مخيّمي “كليس1، كليس2″، البالغ عددهم نحو 50 ألف لاجئ.
ومنذ منتصف شهر آب الماضي، طبقت الإدارة قراراً إدارياً جديداً، يقضي بمنع سكان المخيم من النوم خارجه ولو حتى لليلة واحدة، مهددة بشطب اسم كل لاجئ يخالف قرارها من قائمة سكان المخيم، من دون أن تفسح المجال للمراجعة، إلا عبر تقديم الثبوتيات القانونية الصادرة عن جهات رسمية (مشفى حكومي، مدرسة) التي تبرّر سبب الغياب الاضطراري.
بالمقابل، حصرت الإدارة مواعيد الدخول والخروج إلى المخيم بالفترة الممتدّة ما بين الساعة الخامسة صباحاً، والساعة العاشرة ليلاً من كل يوم، كما حددت الإجازة للفرد الواحد بـ 15 يوم، تعطى لمرة واحدة عن كل نصف عام.
إرباك وضرر
وبحسب لاجئين في المخيم، فإن القوانين الجديدة أربكت قاطنيه بشكل عام، وتحديداً الشريحة العاملة منهم بشكل خاص، وتسببت بتوقف كثير من العمال عن مزاولتهم لأعمالهم اليومية.
وقال لاجئ من سكان المخيم، إنه اضطر لترك عمله في ورشة للدهان، لأن عمله يتطلب مغادرة المخيم لأيام متواصلة، موضحاً أن عمله ليس محصوراً بمدينة كليس، وإنما بأكثر من مدينة تركية، من بينها غازي عنتاب، وقيصري.
وأكد اللاجئ- الذي طلب عدم الكشف عن اسمه خشية مضايقات قد يتعرض لها من إدارة المخيم- ترك العشرات من العمال لأعمالهم خشية ترحيلهم من المخيم.
وإزاء هذا الحال، لا يستبعد هذا اللاجئ أن يضطر وعائلته إلى مغادرة المخيم، مبيناً أن المبالغ المالية التي تقدم لسكان المخيم (رصيد 60 ليرة تركية للفرد الواحد شهرياً) غير كافية لسد حاجات العائلة، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار في مراكز التسوق داخل المخيم.
ووفقاً لللاجئ، فإن الأسعار داخل مركز التسوق (المول) في المخيم أعلى من الأسعار خارجه بحوالي 40%، وسط غياب الرقابة على هذا الجانب من قبل السلطات التركية.
القوانين الجديدة التي منعت النوم خارج المخيم وحصرت مواعيد الدخول والخروج بساعات معينة، أربكت قاطني المخيم خصوصاً العمّال منهم، الذين توقف الكثير منهم عن مزاولتهم عمله اليومي.
ظروف صعبة
من جانبه، تحدث اللاجئ أبو محمد، عن ظروف إنسانية صعبة يعيشها سكان المخيمات، نتيجة انقطاع مياه الشرب عن المخيم، وارتفاع درجات الحرارة.
وبيّن أبو محمد، أن المياه تأتي لساعة واحدة خلال اليوم الواحد، ما يدفع بسكان المخيم، وخصوصاً العائلات الكبيرة إلى شراء المياه المعدنية، واستخدامها للتنظيف، على الرغم من ارتفاع أسعارها.
ولا تقتصر الإجراءات الصارمة التي تفرضها إدارة المخيّمات التركية على ما سبق، حيث أكد أبو محمد أن الإدارة فرضت قانوناً إدارياً جديداً، ينص على منع إشغال المساحات الصغيرة الفاصلة بين الكرافانات، بالحاجيات والأغراض الشخصية.
وأوضح بهذا الصدد أنه: نتيجة لصغر مساحة الكرفان، يلجأ السكان إلى وضع الأغراض والحاجيات خارجها، مثل الملابس الموسمية، والمعدات الكهربائية غير الضرورية، والمواد الغذائية المحفوظة “المونة”.
وأضاف أبو محمد لـ”صدى الشام”، “إن الأضرار التي تسبب بها قرار منع إشغال المساحات الفارغة بين الكرافانات كبيرة جداً، لأن غالبية العائلات تمتلك حاجيات كثيرة نتيجة مدة إقامتها الطويلة في المخيم”، واستدرك متسائلاً “أين سيذهب الأهالي بأغراضهم، والكرفانة لا تتسع لإبرة خياطة؟”.
إدارة المخيّم فرضت قانوناً إدارياً ينصّ على منع إشغال المساحات الصغيرة الفاصلة بين الكرافانات بالحاجيّات والأغراض الشخصية.
ما هي الأسباب؟
وفي الوقت الذي أوّل فيه أكثر من لاجئ قرارات الإدارة بأكثر من طريقة، أرجع مصدر مسؤول من داخل إدارة المخيم، قرارت الإدارة الأخيرة إلى استبدال إدارة المخيم القديمة بأخرى جديدة من قبل منظمة “الإغاثة والكوارث الطبيعية” (آفاد).
ورجّح المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن تستمر الإدارة الجديدة في فرض القوانين الجديدة، إلى حين إعادة هيكلة المخيم وحصر عدد اللاجئين الحقيقيين فيه.
وقال لـ”صدى الشام”: “من الطبيعي أن تفرض الإدارة الجديدة قوانين جديدة تساعدها على إدارة المخيم بشكل أفضل، وهناك حرص من الإدارة على فصل العائلات التي ليست بحاجة إلى السكن بالمخيم، إفساحاً للمجال أمام العائلات الفقيرة من خارجه”.
وعلى خلاف الرأي السابق، اتهم اللاجئ أبو محمد، إدارة المخيمات بأنها “متحاملة على السوريين”، رابطاً بين تطبيقها للإجراءات الجديدة، وبين التوترات التي سادت في مدن تركية عدة بين لاجئين سورييّن وأتراك في بداية شهر آب الماضي.
ونتيجة لكل ذلك، أشار أبو محمد، إلى ترك عشرات العائلات للمخيم، وانتقالهم للإقامة في المدن التركية، رغم أوضاعهم الاقتصادية الصعبة، كما قال.
وذكر أن حوالي 100 عائلة مؤخراً، غادرت المخيم منذ منتصف الشهر الماضي، لافتاً إلى أنه ليس بمقدور كل العائلات الخروج، بسبب عدم وجود المعيل.
أدّت الإجراءات الجديدة إلى ترك عشرات العائلات للمخيم، وانتقالهم للإقامة في المدن التركية، رغم أوضاعهم الاقتصادية الصعبة.
عند قوم فوائد
بينما رأى سكان المخيم في القرارات الجديدة “إجراءات ظالمة”، وصف آخرون ممن هم خارج المخيمات ما حدث بأنه “خطوة على الطريق الصحيح”.
وقد رحّب أحد اللاجئين السوريين في مدينة كليس بهذه الإجراءات، معتبراً أن عدم سماح إدارة المخيمات للاجئين بالنوم خارج المخيمات سينعكس بشكل إيجابي على اللاجئين السوريين المقيمين في مدينة كليس، على حد تقديره.
وأوضح لـ”صدى الشام” إن: “العامل الذي يقطن المخيم لا يمانع في العمل مقابل أجر زهيد، لأنه غير ملتزم بدفع إيجار المنزل، والفواتير الشهرية، وحتى قسم من المصروف اليومي، وذلك على عكسنا تماماً”.
وأضاف، “نتيجة لذلك، نجد صعوبة في تأمين العمل، وإن وُجد سيكون بأجر يومي قليل لا يتجاوز الـ30 ليرة تركية”.
وتابع، “أما الآن فقد ارتفعت الأجور في ورش البناء وغيرها من الأعمال التي تحتاج إلى جهد عضلي لأكثر من 50 ليرة، وهذا بفضل القرار الجديد”.